بعد طول انتظار حصلت المرأة الكويتية على حق أصيل لها كفله الدستور وتعدى عليه القانون وتم تعديل المادة الأولى من قانون الانتخاب وإصلاح العملية الديمقراطية·

هناك أعضاء في مجلس الأمة وتكتلات وتيارات وأحزاب كان لها رأي حول حقوق المرأة السياسية، فمنهم المعارض ومنهم المؤيد والجميع يعلم من هم الأعضاء الذين ثبتوا على مواقفهم ومن هم الأعضاء الذين تغيرت مواقفهم لاعتبارات وأسباب معتبرة وهناك أيضاً أعضاء ما زالو يرفضون بحجج شرعية وأخيراً لأسباب اجتماعية كون المجتمع الكويتي برأيهم محافظاً ولا يتقبل مثل هذا التغيير ولم يعودوا يلتفتون للنواحي الشرعية!

وما دام الأمر أصبح بهذا الشكل فإن التصويت الذي تم وأرجع الحق المسلوب لأصحابه لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية فهو بالتبعية لا يتعارض مع الاعتبارات الاجتماعية المحافظة، لأن الشرع هو الذي ينظم الحلال والحرام وليس العادات والتقاليد التي في أغلبها تخالف الشريعة، فالكذب والنفاق وغلاء المهور والثأر والمجاملة و"الواسطة" والتعصب الأعمى للقبلية والطائفة والمذهب والجنس هي مكونات رئيسية لعاداتنا وتقاليدنا المتوارثة وهي التي تشكل هذه الاعتبارات الاجتماعية والمجتمع المحافظ الذي ندعيه·

فإذا لم تأخذ بثأرك لست بمحافظ، وإذا لم تتعصب لقبيلتك وعائلتك ومذهبك لست بمحافظ، وإذا لم تجامل وتنافق أقاربك ومعارفك على حساب الحقيقة لست بمحافظ، وإذا لم تتوسط حسب موقعك لمساعدة أهلك ومعارفك وتخطيت القانون من أجلهم لست بمحافظ، وإذا لم تثقل كاهل من يطلب الزواج من ابنتك وتجعله مديناً مدى الحياة لست بمحافظ لأنك حسب منظور المجتمع المحافظ تبيع ابنتك بأبخس الأثمان وهذا عيب، وأخيراً إذا لم تقف ضد حقوق المرأة السياسية وتسلبها حقوقها وتدوس على كرامتها وتهينها لست بمحافظ وبعدها نبرر بأنها الأم والأخت والبنت والزوجة!

ومع تأكيدنا بأن المرأة حصلت على حقها الدستوري فإننا لا نطالبها بأن تتخذ مواقف معينة لرد الجميل لمن وقف معها في استرداد حقوقها المشروعة، فأصحاب المبادئ والمواقف النبيلة لا ينتظرون رداً للجميل لمواقفهم الثابتة، لكنهم وبكل تأكيد يتمنون أن تكون المرأة الكويتية على قدر المسؤولية وتشارك أخاها الرجل الكويتي في حسن الاختيار وتقدير الوضع، وتمنح صوتها مع صوت الرجل لكل من يستحقه بعيداً عن الاعتبارات الطائفية القبلية والعائلية والتنظير لمصلحة الكويت، فمن وقف معها لا ينتظر شيئاً على موقفه دون اقتناع منها ويترك لها حرية الاختيار، ولكن هل يستحق من رفض منحها حقها المشروع وحارب وناضل من أجل النيل منها وحرمانها وإقصائها أن تقف معه؟!

nayef@taleea.com