بعد تزايد المعارضة ضد التواجد الأمريكي في العراق بين أوساط الشعب الأمريكي بسبب الخسائر البشرية والمادية المتزايدة، بعث الرئيس بوش بوزير دفاعه رامسفيلد وجنرالاته القائمين على إدارة الحرب في العراق (باير، كيسي، ابي زيد) الى جلسة خاصة مع لجنة الشؤون العسكرية في الكونغرس الأمريكي في محاولة لإلقاء الضوء على ما يجري في العراق وطمأنة الشعب على سلامة الاستراتيجية العسكرية والأمنية المتبعة لكسب الصراع مع "المتمردين" رغم الإخفاقات "غير المتوقعة" الناتجة عن الوضع المعقد للحالة العراقية والمنطقة المحيطة بشكل عام· والحق أننا خرجنا بعد متابعة هذه الجلسة بالانطباع المتزايد لدى الأمريكان (وغيرهم) بأن الأمور ليست على ما يرام وأن المسألة تحتاج لوقت ليس بالقصير قبل أن تتضح الرؤية وتستقر الأوضاع· يجرنا هذا الحديث الى موضوع الساعة في الساحة المحلية وهو مشروع تطوير حقول الشمال النفطية عن طريق الاستعانة بالشركات البترولية العالمية· المشروع شائك وله جوانب قانونية وفنية واقتصادية ومالية يصعب على غير المختصين استيعابها وفهمهما (ناهيك عن المواطن العادي) كما أنه موضوع في غاية الأهمية لارتباطه بمستقبل البلاد والعباد كونه يتعلق باستغلال الثروة الوطنية الرئيسية للبلاد (النفط)· الأستاذ عبدالله النيباري كتب عدة مقالات بعنوان "الفهم قبل الحسم" (في أعداد شهر مارس الماضي من "الطليعة") تطرق من خلالها لبعض الجوانب القانونية وغيرها الخاصة بالمشروع المذكور، ومع إقراره - وكثير من المختصين - بالحاجة للاستعانة بالشركات الأجنبية "لتعويض النقص في القدرات الوطنية" إلا أنه شدد على ضرورة التمسك بالدستور (المادة 152 خاصة) كما أثار بعض التساؤلات حول شروط هذه "الاستعانة" وبالتالي شكل أو صيغة الاتفاقات المطلوبة، وبعد استعراضه لبعض "صيغ الاستفادة" خلص الى ضرورة اختيار الصيغة التي لا تربط الدولة باتفاقيات طويلة المدى (20-30 سنة) وتلك التي تساعد على اكتساب الخبرات الفنية لأكبر عدد من العناصر الوطنية، الحقيقة أننا نتفق ونختلف مع أستاذنا الفاضل، نتفق معه على ضرورة الالتزام بالدستور دون الالتفاف على مضامينه! كما نميل الى صيغة "الشركة المشتركة" لما تتضمنه من مشاركة فعلية في التخطيط والتنفيذ وبالتالي ضمان اكتساب الخبرة الفنية بالإضافة الى عملية المراقبة الفعلية· ونختلف معه في المدة المطلوبة، أولا: لأن الأوضاع الأمنية على الحدود الشمالية غير مستقرة كما أسلفنا وسوف تبقى على هذه الحال لسنوات عجاف طويلة قادمة! ثانيا: لأن الجدوى الاقتصادية من المشروع قد تقتضي مدة معينة·· ثم إنه بالإمكان إضافة القيود والضمانات الكافية في الاتفاقية لضمان حفظ الحقوق الوطنية·