رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 25 ربيع الأول 1426هـ - 4 مايو 2005
العدد 1676

الكويت ومعضلة التيار الديمقراطي!
عامر ذياب التميمي
tameemi@taleea.com

عندما نذكر التيار الديمقراطي في الكويت فإن ذلك يعني القوى السياسية الديمقراطية الوطنية، كما يطلق عليها، والتي تتبنى قيما سياسية وثقافية مستمدة من الفكر العلماني الذي ساد البشرية منذ أواسط القرن التاسع عشر·· ولا شك أن جل هذه القوى لها صلة بالتيارات القومية العربية، أو الى حد ما بالمدارس التقدمية التي كانت ذات حضور في الحياة السياسية في عدد من البلدان العربية، لكن الحركة الوطنية في الكويت نشأت في مطلع الخمسينات بعد أن امتد نفوذ القوميين العرب والناصريين الى الكويت في حقبة النضال الوطني الهادف لتحقيق الاستقلال والسيادة الوطنية في بلدان عربية كثيرة وفي ظل أجواء الحرب الباردة المشتدة آنذاك، ناهيك عن الإرهاصات التي تولدت في المجتمعات العربية بعد قيام دولة إسرائيل وتشريد الفلسطينيين من ديارهم في ظل هزيمة عربية واضحة في عام 1948·

تلك المعطيات أوجدت أرضية ملائمة لنمو الحركة الوطنية والقومية، وساعد في ذلك استحضار قيم النخبة الوطنية التي ساهمت في العمل السياسي في الكويت وتوجته بقيام المجلس التشريعي في عام 1938 أي أن الأمر، أيضا، نتج عن تأثيرات فكرية قومية ومطالبات وطنية تنشد الإصلاح السياسي وتدفع من أجل مشاركة شعبية في صناعة القرار السياسي·

بيد أن الحركة الوطنية مرت بمنعطفات تاريخية أساسية في مسيرتها دفعت أحيانا نحو تطور إيجابي وأحيانا نحو اضمحلال الدور في الحياة السياسية في الكويت، لقد ساعدت أحداث عربية على بروز عناصر مهمة في المسيرة السياسية في الكويت، ومن أهمها حربا 1956 و1967 اللتان أبرزتا عوامل أساسية داهمت العمل الوطني بشكل حاد· كذلك فإن بداية الحياة الدستورية في عام 1962 دفعت باتجاهات مهمة، لقد استفادت مسيرة العمل الوطني في الكويت من أحداث عام 1956، أو حرب السويس، وعززت دور العناصر القومية في الساحة السياسية ودفعت هذه العناصر الي المناوشات مع السلطة الحاكمة، مما أبرزها كقوى معارضة أساسية، إن لم تكن وحيدة، مما زاد من حضورها في أوساط المجتمع الكويتي· أيضا بعد أن تأسس النظام الدستوري بعد الاستقلال في عهد المغفور له الشيخ عبدالله السالم الصباح تمكنت عناصر الحركة الوطنية من الوصول الى مقاعد: أولا المجلس التأسيسي الذي وضع دستور البلاد، ثم المجلس التشريعي، أو مجلس الأمة، في انتخابات عام 1963·

ومما لا جدال فيه أن الحضور السياسي للقوى الوطنية في مجلس الأمة كان فعالا وأدى عناصرها دورا متميزا في الأعمال التي جرت بعد بداية الحياة الدستورية في الكويت، لكن حرب 1967 وهزيمة مصر وسورية والأردن في تلك الحرب أوجدت مناخ هزيمة فكرية وثقافية في الأوساط التقدمية في مختلف البلدان العربية وانعكس ذلك بوضوح على الساحة السياسية في الكويت والتي كانت تعاني من نتائج انتخابات يناير 1967 والتي أثيرت فيها مسألة التزوير واستقالة عدد مهم من الأعضاء الفائزين في تلك الانتخابات·

لقد جاءت نتائج حرب الأيام الستة في يونيو (حزيران) 1967 لتحدث انقسامات حادة داخل الحركة الوطنية ودفعت نحو الاستقطاب في ظل طروحات قومية ويسارية، ربما لم تكن تمت للواقع الوطني بصلة، وظلت الحركة الوطنية مشرذمة منذ ذلك التاريخ تعاني من التراجع في دورها داخل المجتمع الكويتي، ولم يتم التئام تلك القوى إلا بعد الاحتلال العراقي للكويت في عام 1990 مما دفعها للمراجعة وتأسيس المنبر الديمقراطي الكويتي الذي كان يفترض أن يصبح ملاذا لكل العناصر الديمقراطية الليبرالية والتقدمية من أجل مواجهة التيارات الأصولية والرجعية في البلاد·

لم تتحقق للمنبر الديمقراطي الكويتي الأهداف المنشودة وتعثرت حركته بفعل عوامل كثيرة، وربما لم يلحظ المخضرمون في التيار الوطني في الكويت أن البلاد تغيرت كثيرا منذ بداية عصر النفط وحدوث متغيرات ديمغرافية أساسية، كما أن ارتفاع أعداد الشباب وصغار السن في المجتمع لا بد أن يبرز عقليات متباينة واهتمامات مختلفة في ظل أوضاع وطنية وعربية ودولية، يضاف الى ذلك أن القيم السياسية التي تولدت بعد الاحتلال العراقي ومن ثم تحرير الكويت من قبل الولايات المتحدة والتحالف الدولي لا بد أنها دفعت الى مواجهة القيم القومية التقليدية، أي أن المطلوب هو صياغة خطاب سياسي جديد متوافق مع الطروحات الوطنية الجديدة ومتلائم مع توقعات العناصر الشابة في المجتمع الكويتي، يضاف الى ذلك أن استمرار هيمنة التيار الأصولي على منظمات مهمة في المجتمع المدني مثل اتحاد الطلبة، منذ عام 1977، وجمعية المعلمين ومؤسسات اجتماعية غيرها، وكذلك حضور ذلك التيار بفعالية في مجلس الأمة نتيجة للانتخابات النيابية فرض تحديات حقيقية علي التيار الديمقراطي، هذا ناهيك عن مسائل الإصلاح الاقتصادي والموقف منها بعد انحسار المد الاشتراكي والذي تبنته الحركة الوطنية، بشكل أو بآخر، منذ مطلع الستينات من القرن الماضي·

هناك، الآن، عناصر جديدة لا بد أن تكون مهمة وأساسية لبلورة العمل الوطني الديمقراطي في الكويت· لقد أصبحت مسائل الإصلاح السياسي معلومة ومنها توسيع قاعدة المشاركة السياسية وتمكين المرأة من ممارسة دورها الكامل دون معوقات، كذلك لا بد من تأكيد الثقافة الديمقراطية وثقافة التغيير وتطوير القيادات في الحركة الوطنية، وإذا كان الائتلاف الوطني الديمقراطي، والذي تأسس ليضم المنبر الديمقراطي الكويتي والتجمع الوطني الديمقراطي وأعداد غفيرة من المستقلين من ذوي الاتجاهات الليبرالية والتقدمية، إذا كان هذا الائتلاف قد بات حاضرا في الحياة السياسية ويتمتع بقيادات شابة متوافقة مع الواقع الديمغرافي، فإن من المهم أن يتحول الائتلاف الى حركة وطنية متوحدة ذات برنامج واعد لكل فئات المجتمع الكويتي الساعية لإصلاح سياسي واقتصادي نهضوي، وغني عن الجدال أن هذه الاستحقاقات تفرض رؤية استراتيجية موضوعية وابتعادا عن قيم وأفكار سادت ثم بادت، تفرض أيضا التعامل مع الحقائق الإقليمية والعالمية بعقليات متوقدة·

(باحث اقتصادي كويتي)

 tameemi@taleea.com

�����
   

تضامن وزاري.. تضامن حزبي..:
علي أحمد البغلي
... إذا تمكن وتسلّط!:
أحمد حسين
في كويتية؟:
سعود راشد العنزي
"والعمل الصالح يرفعه":
د.عبدالمحسن يوسف جمال
المايكروفونات الخرساء!!!:
سعاد المعجل
مرسل + رسالة = مستقبِل:
فيصل أبالخيل
سيدي الخادم:
فهد راشد المطيري
العلاجات البديلة وأولادنا:
المهندسة سعاد المنيس
الكويت ومعضلة التيار الديمقراطي!:
عامر ذياب التميمي
معظم الأزمات.. سببها المال:
محمد بو شهري
من موريتانيا إلى بريطانيا:
عبدالله عيسى الموسوي
من القلب لكم:
محمد جوهر حيات
البحرين خطوة للأمام وأخرى للخلف:
عمار تقي *
بديهيات:
مسعود راشد العميري
الترويج للخرافة.. والحقوق:
علي غلوم محمد
بين الجهد الدولي والتغاضي المحلي:
عبدالحميد علي
المرأة الكويتية: حقوق سياسية آن قطافها:
د. محمد حسين اليوسفي
بيان لما حدث في الجليب وبيان!:
عبدالخالق ملا جمعة