لا يمكن لكل ذي بصر وبصيرة أن يتغافل عما اقترفته الحكومة في جلسات الاثنين والثلاثاء الماضيين في المجلس عند محاولتها تمرير المداولة الثانية لقانون البلدية، الذي يعطي وللمرة الأولى "المرأة الكويتية" حق المشاركة· وما اقترفته الحكومة ليس "عدم تضبيطها" للنواب كالعادة عندما تريد، ولكن ما ارتكبته هو دخولها من دون وزير عدلها ووزير شؤون بلديتها الجديد (باقر)! فباقر موجود في الكويت هذه المرة وليس كالمداولة الأولى التي هرب فيها للقاهرة لحضور مؤتمر كان يحضره في العادة موظف بدرجة "مدير" حيث كان الوزير الوحيد الذي حضر ذلك المؤتمر! ولكن هذه المرة اختلف الوضع، ولم تسعف مواعيد أي مؤتمر السيد الوزير·

ولكنه مع ذلك لم يحضر وفي ذلك مخالفة دستورية جسيمة، حيث إن ذلك القانون قد صدر بمرسوم من الحكومة، أي أنه من المفترض أنه نوقش بمجلس الوزراء وتم إقراره بالأغلبية كما يقول الدستور، وتلتزم الأقلية (التي تتكون من الوزير باقر فقط)·· برأي الأغلبية ما لم تستقل (مادة 128 من الدستور) وباقر لم يلتزم برأي أغلبية مجلس الوزراء ومع ذلك لم يستقل إذ إنه ما زال متشبثا بكرسيي الوزارتين بيديه وأسنانه!

الوضع المهلهل غير الدستوري الذي ظهرت فيه الحكومة بتلك الجلسة لا يشفع لها ولا يوجد لها مؤيدين أو متعاطفين معها بالمرة··

وباقر بتجاهله لمواد الدستور بالتضامن الوزاري وتمسكه بالمبادئ الحزبية التي ينتمي لها (السلف) والتي ترفض إعطاء المرأة حقها السياسي، سن سنة غير حميدة ولا يقاس عليها، ونرفض قياس موقف الوزير عيد هذال النصافي، بموقف باقر فالوزير النصافي الذي داس على الدستور أيضا بموقفه الرافض لحق المرأة السياسي وتعديل المادة الأولى من قانون الانتخاب قد نوجد له العذر لخلفيته الاجتماعية، التي تختلف عن خلفية باقر الاجتماعية·

نخشى أن يفرض باقر علينا معتقداته وخلفيته الحزبية السلفية في القادم من الأيام بدل تكريسه لاحترام القانون والدستور، وأحيل القارئ في ذلك الى مجموعة فتاوى صادرة عن أئمة وأساطين السلف يغلب عليها طابع الطرافة والغرابة والشذوذ عن المنطق والعقل وما تعارف عليه الناس·

مثل تحريم الكيمياء لأن بها تخليقا مثل ما يخلقه الله كاللؤلؤ (الصناعي) والذهب والفضة وماء الورد! ومنها عدم تجويزهم للدعاء بغير اللغة العربية! وتحريمهم للتكلم أو تعلم غير العربية لأنه يورث محبة أهل تلك اللغة! ومنها إيمانهم بعدم دوران الأرض وعدم كرويتها! أو تحريمهم لأداء التحية العسكرية وتحية العلم لأنه لا تجوز التحية والخضوع لغير الله! ومنها تحريمهم للجرس، كجرس المدارس وجرس المنبه وجرس تجاوز السرعة وهذا الأمر خصص له مؤلف كامل هو (كشف الغلس في حكم الجرس) وعدم تجويزهم لغسل اللحم فهذا بدعة! وتحريمهم للعب كرة القدم إلا بشروط وهي الإخلال بكل قواعد اللعبة المعروفة لأنها من ابتكار الكفار اليهود والنصارى كالبلنتي والفاول والكورنر ولعبها بشروط وضوابط شرعية مضحكة كجعل الهدف أو القول خشبتين بدلا من ثلاث! وتحريم إهداء الزهور! وتحريم دخول المرأة الإنترنت إلا بمحرم! وعدم إزالة شعر المرأة من الساقين والفخذين والبطن فتغيير ما خلقه الله هو اتباع لأوامر الشيطان! هذا غيض من فيض من فتاوى سلفيه معتبرة من المحتمل أن تفرض علينا في هذا الزمان الرديء الذي نعيش فيه، والذي يغلب البعض فيه معتقداته الحزبية على أحكام الدستور والقانون!!

ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم،،،

albaghlilaw@hotmail.com