يجمع الكثير من المفكرين العرب المعاصرين (إسلاميين وعلمانيين··) على أن من أهم الأسباب التي أدت الى تخلف الأمتين العربية والإسلامية تكمن في القضايا التالية الحكم الفردي المستبد، والتراث الفكري والفقهي الذي أنتج ثقافة الاستبداد المنتشرة في المجتمع، والاستعمار أو العامل الخارجي، ويؤكد المفكرون (بمن فيهم الإسلاميون) أن الحل الأمثل لتجاوز هذه المعضلة يكمن في تبني الديمقراطية كآلية لإدارة الحكم· الكل "يؤمن بمبدأ التداول السلمي للسلطة والكل ينبذ التطرف والإرهاب، لكن ما العمل إذا ما أصر الحاكم المستبد على التمسك بمواقفه؟ وما العمل حيال الفكر الاستبدادي؟ وماذا عن العامل الخارجي؟ البعض يرى أن المطالبات الشعبية المتكررة من خلال السلطة الرابعة (الإعلام المحلي والدولي) والسلطة الخامسة (منظمات حقوق الإنسان) كفيلة بأن تغير رأي الحاكم، أما فيما يخص العامل الخارجي فيمكن التعامل معه من خلال لغة المصالح المشتركة ومن خلال "فن" الاستغلال الأمثل للإمكانات المادية والمعنوية المتاحة، يبقى موضوع الفكر الاستبدادي، وهنا تكمن الأزمة الحقيقية·
التيارات السياسية الدينية (سلفي، إخوان، شيعة و··) تؤمن بالديمقراطية كوسيلة للوصول الى الغاية (دولة دينية) وهي تلك الدولة القائمة على الشريعة الإسلامية والتي بدورها تختلف من مذهب الى آخر (بل حتى في المذهب نفسه)، الاختلاف في المذاهب الإسلامية يجعل من صيانة مبدأ المواطنة الأصيل في الديمقراطية غاية في الصعوبة، إذا ما تم تبني أحد المذاهب بصورة مطلقة· المفكرون العلمانيون من جهتهم يطالبون بفصل الدين عن الدولة في محاولة لتفادي المشاكل الفقهية المزمنة والعالقة منذ قرون إلا أنهم يتناسون أن مثل هذا الطرح يعني أيضا إعفاء الدولة من تدريس الدين في المدارس الحكومية أو بناء المساجد على سبيل المثال، الأمر الذي لا نرضى عنه كمسلمين· الحل في تصورنا يكمن في تبني الديمقراطية كوسيلة وغاية وفي التمسك بما أقره المشرع في المادة الثانية من الدستور، حيث جعل الشريعة الإسلامية مصدرا رئيسيا للتشريع وليس المصدر الرئيسي للتشريع وذلك تفاديا للدخول في حلقة مفرغة من الأزمات وترسيخا لمبدأ المواطنة· |