رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 السبت 29 شعبان 1424هـ - 25 أكتوبر 2003
العدد 1600

العراق والرعاية الدولية!
عامر ذياب التميمي
tameemi@taleea.com

بعد تحرير الكويت كان من رأيي ورأي عدد من الأصدقاء في الكويت أن العراق يحتاج لرعاية دولية لمعالجة أوضاعه السياسية والاقتصادية بعد تخليصه من نظام حكمه الاستبدادي، كان ذلك الحديث وتبادل الرأي في بداية عام 1991، وكنا نأمل أن تنقذ قوات عاصفة الصحراء العراقيين من نظامهم وقدرهم وتدعم انتفاضاتهم، لكن شاءت الأقدار أن تتراجع الإرادة الدولية وتكتفي بنظام الحصار، الذي لم يتضرر منه النظام الحاكم في بغداد، واستمرت سنوات الأسى والظلم في العراق حتى عام 2003، وتحقق تحرير العراق بتدخل عسكري أجنبي، لكن بعد صدور القرار 1511، يوم الخميس 16 أكتوبر وبعد أكثر من ستة شهور من سقوط النظام السابق، تأكدت الرعاية الدولية بشكل واضح ومشروع، وأكد القرار على التزامات أساسية للأمم المتحدة ودول العالم من أجل صيانة الأمن وتحقيق الاستقرار وتقديم الدعم المالي لإعادة بناء العراق وتحقيق الديمقراطية، إن أهم ما في القرار، وإن تعطل، هو التأكيد على تمكين العراقيين من تسلم زمام أمورهم بأسلوب ديمقراطي يتيح لكل القوى الأساسية من أن المساهمة في وضع دستور جديد والترشيح لانتخابات اشتراعية يتم بعدها اختيار حكومة وطنية، كما أن القرار المذكور تمكن من الحصول على إجماع من كل الدول الأعضاء، لقد كان في أذهاننا تجربة رعاية اليابان وألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية وكيفية تحريرها من ثقافة النظامين المستبدين اللذين حماهما واندفعا بهما في أتون الغزو واحتلال البلدان المجاورة، لم يتوقف الحلفاء بعد هزيمة النازية في ألمانيا والميجي في اليابان عند حدود تلك الهزيمة العسكرية بل اندفعوا من أجل إعادة صيانة النظامين السياسيين في اليابان وألمانيا وإقامة مؤسسات ديمقراطية لتخلف الطغيان والاستبداد، لا ريب أن نظام البعث في العراق اعتمد القيم ذاتها والأساليب للتعامل مع الشعب العراقي أولا، ومع الجيران ثانيا، فهو استباح مناطق الأكراد واستخدم كل الأسلحة الفتاكة التقليدية وغير التقليدية ضدهم وقمع القوى الوطنية العراقية في باقي مناطق البلاد، ثم اتجه لحرب ضروس مع إيران لأمد طويل دام ثماني سنوات، وبعد ذلك اتجه لغزو الكويت واحتلالها ولولا يقظة المجتمع الدولي والمتغيرات التي عصفت بالنظام العالمي بعد سقوط جدار برلين ونهاية الحرب الباردة لتمكن ذلك النظام الغاشم من استباحة كل دول الجوار دون حدود·

وقد يعتقد البعض أن الولايات المتحدة وحلفاءها ما كان يجب أن يحلوا الجيش والمؤسسات العسكرية والأمنية، أو يحلوا حزب البعث ومنع نشاطه وتسريح العاملين الأساسيين المنتجين كأعضاء له، لكن كيف يمكن إنجاز متغيرات ثقافية دون إسقاط الثقافة المستبدة السائدة؟ ربما حدثت بعض الأخطاء في أعمال الإدارة التي عهد لها إدارة العراق، بعد سقوط النظام السابق، لكن من المهم أن تعمل هذه الإدارة على إعادة صياغة المجتمع السياسي وطرح ثقافة سياسية جديدة، لكن أي قراءة متمعنة في القرار 1511 تؤكد أن المجتمع الدولي قد بدأ يعي مسؤوليته تجاه إعادة بناء العراق، حيث تنص الفقرة الثامنة من القرار، على أن الأمم المتحدة تتصرف عن طريق الأمين العام وممثله الخاص وبعثة الأمم المتحدة للمساعدة في العراق وتعزيز دورها الحيوي، مثل تقديم الإغاثة الإنسانية، وتعزيز الإعمار الاقتصادي، وتهيئة الظروف للتنمية المستدامة، ودعم جهود إعادة وإنشاء المؤسسات الوطنية والمحلية للحكومة الممثلة للشعب" وتحتم هذه الفقرة على الأمين العام أن يبذل مجهودا مهما من أجل إعادة الحياة الطبيعية الى العراق لينعم بخبراته ويحسن من مستويات المعيشة ويعزز المشاركة الديمقراطية·

لكن الظروف الاقتصادية التي يعاني منها العراق نتيجة للإدارة السياسية السابقة تؤكد على أهمية اضطلاع الدول الرئيسية بتقديم دعم مالي أساسي لإعادة بناء القطاعات الاقتصادية الأساسية مثل قطاع النفط والمرافق الحيوية والبنية التحتية، ولذلك فإنه من المؤمل أن يتمكن مؤتمر مدريد للدول المانحة من تقرير دعم مالي كبير لتعزيز فرص إعادة الإعمار، وربما يتم التفكير في مسائل القروض والالتزامات بما يمكن من وسائل وأساليب لمعالجتها دون أن تصبح عبئا يعرقل عملية إعادة البناء، لقد بات جليا أن الاستقرار في العراق يتطلب التزامات واضحة من المجتمع الدولي بعد أن تقاعس هذا المجتمع عن إنقاذ العراقيين من براثن نظام شرس بحجج عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول المستقلة، إن مبدأ عدم التدخل في حالات الديكتاتورية والاستبداد والطغيان يتطلب إعادة نظر ويؤكد على أهمية قيام الأمم المتحدة بصياغة نظام للتدخل الحميد من أجل تحرير الشعوب من الطغاة وإقامة أنظمة ديمقراطية تؤسس برعاية دولية واضحة·

إن الاهتمام الطاغي الآن هو أن تقوم الدول الأعضاء بتوفير قوات لحفظ الأمن والاستقرار لتدعم قوات الحلفاء المتواجدة في العراق، لكن الأهم من ذلك هو تعزيز دور العراقيين في بناء قوات شرطة وأمن وجيش وطني، وعلى أسس جديدة وعقيدة عسكرية مختلفة، لتأكيد دورهم في حماية المجتمع والوطن هناك، ويهمنا نحن في الكويت وبلدان الخليج أن تنجح هذه التجربة الدولية في إعادة بناء الأمم، والعراق نموذجا، من أجل توفير أرضية صالحة في المستقبل لتحرير شعوب كثيرة من طغاتها، ويجب على أنظمة الخليج ألا تخشى هذه التجربة في العراق حيث إن هذه الأنظمة، بالرغم من الملاحظات الكثيرة عليها، تظل متواصلة بشكل معقول مع شعوبها، كما أن أنظمتنا في الخليج ستستفيد من الاستقرار والتغير في العراق لبناء منظمة متحررة من التوتر والاستقطاب، وهذه عناصر تمكن من تعزيز فرص التنمية الاقتصادية وتنمية العلاقات التجارية والاستثمارية مع دول الجوار، ومن المؤكد أن يكون القرار 1511 مصدرا للتفاؤل والانتعاش في منطقتنا·

 

tameemi@taleea.com

�����
   

حكومة تهدد برلمانا:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
الجامعة الأمريكية في الكويت!!:
سعاد المعجل
تشكيل لجان خماسية لمراقبة الجمعيات التعاونية:
يحيى الربيعان
شعب مصالح:
المحامي نايف بدر العتيبي
العراق والرعاية الدولية!:
عامر ذياب التميمي
أيام صعبة:
د. محمد حسين اليوسفي
كارثة إنسانية:
عبدالله عيسى الموسوي
رسالة تطمين إلى العرب والمسلمين:
نزار حيدر
الدستور العراقي الجديد:
د. جلال محمد آل رشيد
"الحدث العراقي التاريخي" في رحاب الفلسفة الكلاسيكية:
حميد المالكي
خطاب قديم جديد:
إعادة فلترة النص التاريخي:
خالد عايد الجنفاوي
هل ستطور الفئران البلد ؟:
م. مشعل عبدالرحمن الملحم
استراتيجية التطوير البرلماني: بناء الباحث البرلماني 2
الباحث البرلماني ليس مجرد مقرر اجتماعات ·· وخمسة اعتبارات تحكم أهميته:
د· علي الصاوي