على الرغم من أن الشقيقة العزيزة الجمهورية العراقية تعاني من احتلال أجنبي غير شرعي ومرفوض رفضا مطلقا، إلا أن الواقع على الأرض يثبت يوما إثر آخر أن العراقيين، كل العراقيين جميعا، انقسموا الى فريقين لا ثالث لهما:
الأول: يرفض الاحتلال الأجنبي رفضا شاملا وفوريا، وهو يمارس المقاومة المسلحة الفورية·
الثاني: يرفض الاحتلال الأجنبي رفضا شاملا وفوريا أيضا، ولكنه قرر ممارسة المقاومة السياسية الفعلية على المستوى الفوري، مع اتخاذ قرار - لم يحدد توقيته بعد - في ابتداء المقاومة المسلحة عند نقطة زمنية معينة، لن نستطيع نحن كمراقبين من الخارج أن نحدد لها موعدا محددا، ولكن خطابات آية الله العظمى الشهيد السعيد الحكيم دلت على وجود توجه فعلي من هذا النوع، دفع الشهيد الحكيم حياته المباركة ثمنا لهذا التفكير الحر، وهذه الاستقلالية الوطنية·
سوابق الولايات المتحدة، وأهمها مباركة إحراق أكراد حلبجة، وقمع شيعة العراق خلال العقود الثلاثة الماضية، ولا سيما قمع انتفاضة 1991 المباركة، تمت جميعها بموجب موافقة ومباركة أمريكية مكشوفة، ولم ينفها أي مسؤول أمريكي حتى تاريخه، ولذلك، ننظر بريبة كبيرة لاهتمام الأمريكيين - الآن - بموضوع وضع دستور جديد للعراقيين، حيث "منح" السيد باول العراقيين "مهلة" ستة أشهر لوضع ذلك الدستور، ولا ندري ما هي الحكمة "الباولية" من اختيار هذه المهلة الزمنية بالذات، كما أن باول نسي، هذه المرة، أن يستصدر قرارا بموجب الفصل "السابع" من ميثاق الأمم المتحدة، يحدد موعدا نهائيا لبدء العمليات العسكرية ضد العراقيين الجدد أيضا، في حال عدم الانتهاء من الصياغة في الفترة المحددة، بعدما أثبتت التجربة أن كل العراقيين - وللأسف الأمريكي الشديد - عراقيون!!
المهم هنا، هو أن يضع الإخوة العراقيون دستورهم، الذي سيبقى يشكل كل حياتهم المستقبلية، بإرادة عراقية محضة خالصة، وهذه القضية، على وجه التحديد، لا نظن أنها تفتح مجالا لوجهتي نظر متباينتين، لأن الدستور هو الأدب الذي يحتضن سائر قوانين المستقبل·
فواقع "وجود قوات" الاحتلال الأمريكي في العراق، لا ينبغي أن يكون "عنصرا مستحقا للالتفات" في أثناء عملية صياغة الدستور العراقي الجديد، وكما يقول المثل الشعبي المصري المعبر، بعد إضافة بعض البهارات عليه، "كل شيء بالخناق، إلا الدستور بالاتفاق، بين العراقيين (وحدهم)"·
فالأجندة الأمريكية في العراق، هي شأن أمريكي خاص،ولكن صياغة دستور للعراق هو شأن "يخص" العراقيين وحدهم، لأن من يشتري قميصا يجب أن يختار قميصا يناسب حجم جسمه هو، وليس حجم أقوى صبي في "الشلة" التي فرضت نفسها عليه منذ زمن طويل·
خارج الموضوع
سيلفان شالوم، وليس في اسمه من الشالوم شيء، "قال" بأنه سعيد جدا بسبب إقرار مجلس النواب الأمريكي لقانون محاسبة سورية·
شالوم "لم يقل" إن سبب سعادته هو أن مسودة المشروع كانت مكتوبة بخط يده هو!!
drjr@taleea.com |