في مواجهة الشح الاستيعابي والتعليمي والتنافس الذي يعاني منه واقع التعليم الجامعي في الكويت، بدأت الجامعات الخاصة في التسابق لإعلان خدماتها وبرامجها!! كان آخر تلك الإعلانات ما جاء على لسان الدكتور "شفيق الغبرا" رئىس الجامعة الأمريكية في الكويت (AUK)·
هنالك ولا شك معايير خاصة تقررها منظمات عالمية متخصصة في منح الاعترافات العالمية للجامعات طبقاً لمميزات أكاديمية وتقنية كالمعامل والمكتبات وغير ذلك من استعدادات ومتطلبات أكاديمية·
وبما أن الدكتور "شفيق الغبرا" يعتبر أحد الرموز الأكاديمية المتميزة في الكويت، فقد حرص وهو يقدم للصحافة نبذة عن الجامعة الأمريكية في الكويت أن يشير أولاً إلى علاقتها وارتباطها بمؤسسات تعليمية مشهورة ومشهود لها بالكفاءة والجودة التعليمية الأكاديمية!! حيث أشار الدكتور "الغبرا" إلى توقيع الجامعة لاتفاقية تفاهم وتعاون مشترك بين الجامعة الأمريكية وجامعة "دارتموث" في هانوفر ومركز ديكي للتفاهم الدولي !! وتأتي "دارتموث" كواحدة من مؤسسات التعليم العالي المرموقة والمشهورة بقوة مستواها التعليمي وريادتها في استخدام تكنولوجيا المعلوماتية بالإضافة إلى مكتبتها الغنية والرائعة وبرامجها الأكاديمية الخلاقة!!
أهم الشروط الواجب توافرها لتوفير بنية قوية وصلبة لأي مشروع تعليمي عال تكمن في ضرورة انصهاره مع نظرائه من المؤسسات التعليمية دولية كانت أم إقليمية!! فأهم ما يميز التعليم العالي عن سواه من مراحل التعليم الأولي والأساسية أنه يشكل مرحلة مهمة لتشييد بنية الفرد الثقافية والعلمية والتخصصية بأوسع مظاهرها وذلك بعد أن يكون التعليم الابتدائي قد شكل بنية التعليم الأساسية!! ومن هنا فإن دولاً ومجتمعات كثيرة أصبحت لا ترى في التعليم العالي ضرورة يشترط توافرها للجميع في سبيل بناء قوة العمل، وإن أصبح خياراً يطرقه المتميزون والقادرون والراغبون أيضاً لتوسيع مداركهم، وللاستزادة علمياً وتقنياً في سبيل تحقيق حظ أوفر في المنافسة داخل ميادين العمل بجميع أشكالها!!
ولأننا في الكويت، لا نزال وبكل أسف ننظر للتعليم العالي كمكمّل للتعليم الأولي والأساسي فقد انعكس ذلك الواقع على طبيعة ونهج مؤسسات التعليم العالي في الكويت سواء في الجامعة أو في المعاهد التطبيقية، وأصبحنا نُخرج سنوياً الآلاف من الطلبة الذين اكتظ بهم سوق العمل الحكومي وأُغلقت في وجوههم أبواب القطاع الخاص لعدم توافر عنصر التميز الذي يضعه هذا القطاع كأبرز شروطه للتعيين وللترقية فيما بعد!
وبما أن جامعة الكويت ليست مستثناة في هذا الصدد عن سواها من مؤسسات الدولة، فإن هذا الفهم الخاطئ لمفهوم التعليم العالي قد أصابها ولم يزل!! مما انعكس وبصورة سلبية على الروح الأكاديمية فيها، وعلى أداء الهيئة التدريسية بل وطال ذلك الفهم فلسفة الترقيات والإجازات العلمية والألقاب الأكاديمية!!
وأصبحت شهادة الدكتوراه مدخلاً للوظيفة وليس للبحث والدراسة والنشر!!
تأتي كلية العلوم الإدارية كواحدة من الكليات الجامعية التي أصبحت تسعى مؤخراً لبناء علاقات أكاديمية مع جامعات ومؤسسات تعليمية عالمية، حيث يجري تقييم الكلية أكاديمياً من قبل إحدى مؤسسات التقييم والاعتراف المشهود لها دولياً حيث تجوب الكلية وفود مؤسسة الاعتراف باحثة في المناهج وطرق التدريس وأهداف المقررات وغير ذلك من سبل!! لكن وبسبب ذلك الخطأ المتأصل في فهمنا لطبيعة وشروط التعليم العالي، فقد ألقت الكلية بالجزء الأكبر من مسؤولية تنسيق وتنظيم عملية الاعتراف هذه على "وحدة اللغة الإنجليزية" فيها وجعلتها في الواجهة على الرغم من أن وحدة اللغة تأتي تحت مظلة مركز اللغات الذي قدم كل ما طلبته مؤسسة الاعتراف بمهنية وبصورة أكاديمية ومنظمة!!
لعل من أهم أسباب جمود الأداء الأكاديمي في جامعة الكويت خلو الساحة من منافسين !! ومن هنا فإن دعوة الدكتور "شفيق الغبرا" وإعلانه عن بدء الدراسة في سبتمبر المقبل في الجامعة الأمريكية في الكويت هي دعوة للارتقاء بواقع التعليم العالي في الكويت، وللتذكير بضرورة الانصهار الأكاديمي مع مؤسسات مشهود له بالتميز·
suad.m@taleea.com |