رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 31 مايو 2006
العدد 1730

العباءة والبرلمان!
د. محمد عبدالله المطوع
malmutawa@albayan.ae

نصف قرن من الزمن عمر تجربة الإنسانة التي تبحث عن حقوقها· بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بثلاث عشرة سنة، أدركت المرأة في منطقة الخليج العربي، أنها إنسان له حقوقه المشروعة · لم تكن هنالك دساتير مكتوبة أو أعراف أو تقاليد سائدة تعطيها هذه الحقوق، كانت البداية بحرق العباءة التي تحجبها عن العالم وتجعلها غمامة سوداء تلتحف الحزن التاريخي الذي يطوي في ذاكرته مأساة ظلم طويل في حياة الإنسان· في تلك الفترة المبكرة من عمر المجتمع الخليجي، خرجت من رأت أن عصراً جديداً قد أطل، وفجراً واعداً قد لاح في الأفق مع انطلاق حركة اجتماعية واعية في ظل مجتمعات تقليدية يسودها الجهل، وتضيع فيها الحقوق· كانت صرخة المرأة الأولى طلباً للحرية والمساواة والعدل وطلباً لمعاملتها ككائن بشري، يبحث عن موقعه الطبيعي في هذا العالم·

من المعلوم أن نسبة الأمية كانت مرتفعة في هذه المنطقة في ظل هيمنة الدولة الاستعمارية التي لم تكن تغيب عنها الشمس، بريطانيا أقدم الديمقراطيات في العالم· إلا أن ذلك كان حلماً من الأحلام لمن يقع تحت حماية تلك الإمبراطورية العظمى، فقد كان السائد حين ذاك، إن الرأي والقرار هو ملك للأقلية فقط في المجتمع الذكوري· إلا أن النخبة المستنيرة قد شكلت لها رؤية جديدة قوامها الإيمان بأن الحياة بتطورها الطبيعي تعطي الحق للجميع ،سواء من الذكور أو الإناث، ووفق ذلك، فللمرأة الحق برفع صوتها للمطالبة بحقوقها في الحياة الكريمة من أجل التحول من المجتمع التقليدي الذكوري إلى المجتمع الحديث الذي يشترك فيه الرجل والمرأة في صناعة الحياة·

ومما يؤسف له أن القوى السياسية، بكافة أطيافها، ظلت تعامل المرأة وكأنها مواطن من الدرجة العاشرة، فقد بقيت القيم التقليدية تستقي من الجذور الممتدة للعصور الوسطى التي كانت ولا تزال تعتبر المرأة آلة للإنجاب وجلب المتعة فقط·

إلا أن التطورات المحلية والإقليمية والعالمية، التي حدثت في العقود الأخيرة من السنين، وهي تطورات على درجة كبيرة من الأهمية في مجال الحياة المدنية، ساعدت في الانتقال السريع في ملامح المجتمعات نحو الحداثة  التي بدأت بالظهور منذ ما يزيد على ثلاثة عقود من الزمن·  فقد انتشرت المدارس والجامعات وسنت الدساتير والقوانين التي احتوت في ثناياها نصوصاً تشير إلى أن للمرأة حقوقها وواجباتها، في تلك المرحلة مرت المنطقة بالعديد من التجارب متأثرة بما يجري  في العالم الرأسمالي والعالم الاشتراكي· إلا أن أوضاع المرأة بقيت محكاً يدخل ضمن إطار "التابو" السياسي والاجتماعي· ومع التوسع في التعليم وزيادة الوعي لدى المرأة في هذه المجتمعات، ازدادت معاناة نصف المجتمع· إلا أن قوى التخلف الاجتماعي كانت بالمرصاد لكل من يحاول أن ينتشل المرأة من بؤرة القمع والوأد الجديد تحت ظل الأحزاب ذات الصبغة الدينية، وخاصة تلك التي لا تؤمن بدور المرأة في المجتمع وإنما تؤمن بأن مكانها بين جدران أربعة  في غرف مقفلة!!

إلا أن الثورة الاتصالية وتشابك العلاقات بين كافة المجتمعات وبروز العديد من المنظمات الإقليمية والدولية والتي ظلت تناضل وتندد بهذا الظلم التاريخي لنصف المجتمع، فتحت العديد من النوافذ على عالم الحرية وحقوق الإنسان والديمقراطية وحق الشعوب في المشاركة في صناعة مستقبلها· ساهمت تلك العوامل وبأشكال مختلفة على إعادة النظرة في الواقع المختل في مجتمعات الدول النامية، ومن ضمنها دول مجلس التعاون الخليجي، حيث أدركت القيادات السياسية أن المرأة هي نصف المجتمع، وأن لها دوراً لا يقل أهمية عن دور الرجل، وخاصة بعد أن أثبتت كفاءتها من خلال تساويها أو تفوقها في مجالات الدراسة بمختلف مراحلها وفي مجالات العمل  المختلفة والتي أبانت نضوجاً  في الوعي الاجتماعي والسياسي·

كانت الصيحات المطالبة بحقوق المرأة  وأهمية مشاركتها في تنمية المجتمع خافتة في البداية بسبب قوة النفوذ الذي يفرضه التيار التقليدي، الذي يتخذ من الدين غطاء لتبرير مواقفه، في التحفظ على السماح لها بممارسة دورها الوطني· إلا أن انخراط المرأة في التعليم خلق منها إنسانة جديدة جديرة بتحمل المسؤولية الوطنية إضافة إلى المسؤولية الأسرية والمجتمعية·

وكان للرؤية الجديدة للقيادات السياسية التي تأثرت بالأجواء العالمية التي سادت فيها روح ثقافية من نوع جديد  تنادي بمبدأ العدالة والمساواة، دور أساسي في دق أول مسمار في نعش القوى التقليدية التي لا تواكب الحياة العصرية وتسعى جاهدة لوضع العصا في عجلة التقدم· ومع أن مشاركة المرأة في الحياة العامة قد مضى عليها العديد من السنين إلا أن الواقع يشير إلى أن القوى التقليدية لا تزال اللاعب الأساسي في الساحة وخاصة في عملية الانتخابات في دولة مثل قطر أو البحرين وغيرها التي كان للمرأة فيها نصيب في الترشيح والانتخاب إلا أن القوى التقليدية جعلت من هذه المشاركة غير ذات جدوى طالما أنها لم تصل بالمرأة إلى المشاركة الجادة والوصول إلى  تحت قبة المجالس الوطنية·

اليوم الأنظار كافة متجهة نحو الكويت، ذاك البلد الذي يمارس الديمقراطية منذ نحو أربعة عقود دون أن تتاح للمرأة فرصة المشاركة فيها ترشيحاً وانتخاباً· فهل تستطيع المرأة وقوى المجتمع المتنورة المؤيدة لها أن تحقق حلمها بعد أن أحرقت العباءة منذ نحو نصف قرن  لتثبت للمجتمع أن هنالك إنساناً يعيش في ظل ظلمة العباءة، وأن من نالت حقها من التعليم، وانخرطت في مجالات العمل، أصبحت قادرة على المساهمة في عجلة التنمية· إن الشهر القادم الذي ستجري فيه الانتخابات في الكويت يعتبر حداً فاصلاً بين مرحلتين، فهل سيؤكد الإنسان في الكويت أنه ديمقراطي، وأنه سيكون هنالك من تستطيع أن تصرخ من تحت قبة البرلمان لتؤكد أن عصر العباءة قد انتهى؟!  إن الإنسان الكويتي الواعي وحده هو الذي يستطيع أن يحدد إلى أي  زمن تنتمي دولة الكويت بدءاً من شهر يوليو2006  هل ستدخل الكويت زمن المساواة والحرية، أما أنها ستقع أسيرة القوى الظلامية وعندها قد يشعر بعضنا بالخيبة· وبعض النسوة سيصرخن لقد أحرقنا العباءة شكلاً لتفرض علينا قسراً ألف عباءة· 

* رئيس وحدة الدراسات – البيان

malmutawa@albayan.ae

�����
   
�������   ������ �����
من يدفع ثمن الصراع؟
احترام العقل الإنساني
ما بين عامي 1956- 1967!!
بوش: انقل تمثال الحرية!!
وداعاً للعاطفة... الحل هو العقل؟!
المنتدى الإعلامي العربي
الأسطورة والنفط
من هو الأهم؟
الإنسان هو الأقوى
دبي.. هي الرؤية المستقبلية
المعذرة سيد سماحة
مهلا سيد بلير!!
استراحة المحاربين
الرقم السابع يطرق الأبواب
قراءة أولى في الانتخابات
المشاركة رؤية وطنية
إرادة الإنسان هي الأقوى!!
المحافظة على حلم جميل !!!
الوطن في مرحلة جديدة
  Next Page

المراوغة في لغة المرشحين!:
سليمان صالح الفهد
الانتخابات وإرادة الشباب:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
صرخة 1921!:
سعاد المعجل
دعوة للعشاء في مقرنا الانتخابي:
محمد بو شهري
ترف أم إرادة:
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
طلبة الجامعة ودورهم المهمش:
فاطمة مسعود المنصوري
"مسافة الـ 1000 ميل تبدأ بخطوة":
مسعود راشد العميري
التنمية المجتمعية:
د· منى البحر
مراقبون دوليون:
د. محمد حسين اليوسفي
الاستيطان = الترحيل:
عبدالله عيسى الموسوي
نفخ في الصور:
د.ابتهال عبدالعزيز أحمد
العباءة والبرلمان!:
د. محمد عبدالله المطوع
الحكومة دائما على حق:
يوسف الكندري
هل يتخذ الناخبون موقفا وطنيا هذه المرة؟!:
فيصل عبدالله عبدالنبي
الحكومة تتفرج عليها:
على محمود خاجه