عندما تذهب الى المستشفى أو المستوصف في الكويت تشاهد في قاعة الانتظار رفا مليئا بالكتيبات الدينية وضعت ليقرأها المريض أو مرافقه حتى يصل دوره للطبيب، ولكن الأمر الغريب أن هذا الرف تابع لصندوق إعانة المرضى، وهي جهة ليست دينية بل مهنية لا أعرف ما دخلها بالقضايا الدينية كمسألة الصلاة على النبي وكيفية الوضوء وأمور أخرى تتعلق بالعقيدة، فأنت تستغرب هل نحن في مستشفى أم لجنة التعريف بالإسلام؟! وكثير من الكتاب الصحافيين نبهوا صندوق إعانة المرضى إلى أن بعض هذه الكتيبات كتبت بأقلام أشخاص عرفوا بالتشدد، بل إن بعض الكتيبات تتكلم حول العقيدة الإسلامية وتجد في محتواها نبرة تكفيرية وأمورا تحرض على الطائفية بطريقة غير مباشرة، عندما تضع كتيبا يعرض العقيدة الإسلامية من وجهة نظر تيار واحد كأنك تقول للمرضى بأن هذا هو الإسلام الصحيح ومن لم يتبن هذه الأفكار فهو على ضلال، بل إن أكثر الكتيبات هي لتوجه تيار ديني معين عرف بالتشدد، ولذلك نود أن ننبه الجهة المختصة في وزارة الصحة لنقاط عدة: أولا: صندوق إعانة المرضى هل هو لإعانة المرضى أم دار نشر وترويج كتب، ولو فرضنا أن الوزارة سمحت له بوضع كتيبات للقراءة فيفترض به أن يضع كتيبات تزيد وعي المواطن في مجال الوقاية من الأمراض، وما يتعلق بذلك وليس نشر أفكار جهات دينية واستخدام مرافق وزارة الصحة لذلك· ثانيا: لو أردنا أن نحبب الناس بالقراءة ونجعل مجتمعنا يحمل ثقافة السلام والخير ومكافحة الفكر التكفيري الإرهابي فيفترض أن توضع كتيبات حول اللاعنف والسلم والتسامح والتعددية والأمور المتعلقة بتطوير شخصية الإنسان للأفضل وليس توجيه الشخصية للتشدد والتطرف والتكفير تحت غطاء نشر العقيدة الصحيحة (طبعا كل تيار يرى أن متبنياته هي العقيدة الصحيحة والآخرون على خطأ) ثالثا: يفترض على كل جهة أن تقوم بنشر الوعي لدى المواطن بحسب اختصاصها والهدف الذي أنشئت لأجله، وليس المسمى شيئا والطرح شيئا آخر، فليس من المنطقي أن نجد مثلا مجلة متخصصة بالشؤون الطبية تفرد صفحات بالمجلة لقضايا العقيدة، فلا أعرف ما دخل الطب بالعقيدة، فإذا المراكز الطبية تريد نشر العقيدة فما دور وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية؟ وما دور لجنة التعريف بالإسلام؟ هل نغلقهما؟ رابعا: يجب أن تكون الدولة صارمة في عدم السماح لاستغلال أي تيار ديني مراكز الدولة لنشر أفكاره وتوجهه تحت أي غطاء كان، فهذه مؤسسات لجميع الكويتيين وليست مُلكاً لحزب ديني· خامسا: إذا كان البعض يريد نشر مفهوم حب القراءة في قاعات الانتظار فعليه أن يختار كتيبات ومواضيع تسهم في وعي المواطن بمهارات الحياة والمفاهيم التي تجعل المجتمع أكثر تماسكا كمبدأ الحرية والإخاء والمساواة واحترام الرأي والرأي الآخر، ومبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان وغيرها من مفاهيم إنسانية عالمية، ولنجعل كل شيء في مكانه، فالأمور المتعلقة بالدين من مسؤولية جهات متخصصة في القضايا الإسلامية ولها مراكزها المخصصة لذلك·