كثيرا ما يعلق الناس على مقدرة الوزراء (الشيوخ) على تسيير الأمور في وزاراتهم بسهولة ويسر!! (الوزير شيخ ما أحد يقول له لا) جملة نسمعها دائما حين يتولى أحد الشيوخ وزارة ما!!
والسؤال هنا·· هو حول مدى جدية مثل هذه المقولة!! وعما إذا كان بالفعل (للشيوخ) الوزراء سلطة أعلى من سلطة سواهم من الوزراء!! وزير الطاقة·· ووزير الصحة بالوكالة·· (شيخ) ووزير في آن واحد·· أعلن في اليوم الأول لتوليه منصب وزير الصحة بالوكالة·· أنه لن يبت في قرارات·· وإنما سيعمل على تسيير الأمور في الوزارة لا أكثر ولا أقل!! وهو تصريح حكيم·· لأن التوزير بالوكالة مرهون بفترة زمنية يفترض أن تكون قصيرة وبالتالي لا تكفي للفصل في قرارات مهمة يستدعي البت فيها مشاورات·· ودراسات، لكن وزير الطاقة الصحي، اخترق في أول مزاولة لمهامه الصحية، قراره وذلك بإسقاط قرار الوزير السابق "محمد الجارالله" بشأن منع الأطباء من الجمع بين العملين الحكومي والخاص!! وهو القرار الذي شابه الجدل الكثير، وبالتالي تأتي مسألة حسمه بهذه الصورة لتطرح أكثر من سؤال حول الأهداف الحقيقية من وراء إلغائه بقرار من وزير الصحة بالوكالة·
ثم توالت بعد ذلك قرارات الوزير (الشيخ) من إحالة 120 شركة أدوية ومستحضرات تجميل الى النيابة، الى تشكيل لجنة تظلمات وترقيات في الصحة، وتثبيت قيادات، والتأكيد على ضرورة النظر في معاناة المرضى خصوصا أصحاب الحالات الإنسانية وعدم إثقال كواهلهم بالرسوم ولاسيما الحالات الطارئة!! ثم ليختم لقاء له بالأطباء بقوله: "أنا اليوم بين أيديكم·· واطلبوا شللي يرضيكم قبل ما ودع الوزارة"!!!
إنجازات وزير الصحة بالوكالة، وقراراته الحاسمة، تطرح أكثر من تساؤل حول أداء الوزراء بشكل عام، وهي تتركنا أمام احتمالين، إما أن تكون المقولة التي ذكرناها في البداية حقيقية، أي أن للوزير (الشيخ) سلطة ونفوذاً أكبر من الوزراء غير الشيوخ، وبالتالي فهو أكثر ملاءمة لتولي الوزارة بسبب قدرته على الفصل مباشرة ودون العودة الى لجان أو دراسات واستشارات، وإما أن الوزراء من غير الشيوخ، هم غير جادين في أعمالهم، لأنهم لا يفصلون في القضايا المتعلقة بوزاراتهم بالسرعة نفسها والحسم التي يتميز بها الوزير (الشيخ)!!
"الطليعة" رأت في تحليلها للأسبوع الماضي أن قرار الوزير (الفهد) يكشف تخبط الحكومة وانقلابها على قراراتها مما يكشف بشكل جلي واضح أن الصراعات في مجلس الوزراء بلغت حدا أصبح في نظر الكثيرين عائقا لاستمرار الوزارة بهذه التشكيلة الضعيفة والمتناقضة، وتقرير الشال يصف الوضع داخل مجلس الوزراء بأنه انقسم الى أربع مجموعات، الأولى مجموعة غير مؤثرة وموجودة بحكم توزيع الحصص، والثانية مجموعة غير راغبة في الاستمرار، والثالثة مجموعة ناشطة تنشد الإصلاح وإن كانت غير قوية، أما الرابعة فهي مجموعة تراهن على مستقبلها السياسي حتى على حساب نمو وبقاء البلد·
أما المواطن الكويتي - والذي أصبح خارج حسبة عمليات التوزير - فيرى أنه الأكثر تضررا من جراء الأهواء الوزارية المتحركة دوما، ولكن ليس في الاتجاه الصحيح، وإنما باتجاه حصص معالي الوزراء·
suad.m@taleea.com |