رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 18 ربيع الاول 1426هـ - 27 أبريل 2005
العدد 1675

الإصلاح قادم
د. محمد حسين اليوسفي
alyusefi@taleea.com

يبدو أن الإدارة الأمريكية الحالية التي استعادت خطاب عصر التنوير في شمولية قيمة الحرية كحق طبيعي للإنسان، ترى أيضا أن تجسد تلك الحرية على أرض الواقع هو نوع من الحتمية التاريخية التي لا قبل لأحد في رده أو الوقوف في وجهه· فها هي كونداليزا رايس، وزيرة الخارجية الأمريكية، تقول في سياق تقرير وزارتها السنوي حول حقوق الإنسان في العالم - كما تنقله السي إن إن 31/3/2005 - "رغم أن حريات الأفراد وحقوقهم يمكن قمعها لمدة من الزمن من قبل أنظمة متسلطة وفاسدة، فإن التاريخ يبين أن التقدم باتجاه الديمقراطية أمر حتمي لا مفر منه"·

وتتناول الصحف ووسائل الإعلام الغربية، على وجه التحديد الأمريكية منها مسألة الإصلاحات في الشرق الأوسط هذه الأيام بكثافة· ومن المعروف أن وسائل الإعلام في تلك البلدان تشكل الرأي العام وتؤثر على سياسات دولها، وتعتبر سلطة رابعة، يحسب لها صانعو القرار "ألف حساب"· ومن هذا المنطلق، فإنه من المفيد استعراض ومناقشة ما يجول في "العقل الغربي السياسي" من آراء حول منطقتنا العربية، مدركين أن تغيير أوضاعنا هو مهمة أبناء هذه المنطقة قبل غيرهم، مؤكدين على أن هذا التغيير لن يحدث لو تقاعس عنه أصحاب الشأن "فالسماء لا تمطر ذهبا وفضة"·

في مقالة نشرتها مجلة Foreign Affairs في عدد مارس وأبريل من السنة الحالية، وأعادت نشرها صحيفة النيويورك تايمز (29/3/2005) كتب ستيفن كوك مقالة مطولة بعنوان: "The Right Way to Promote Arab Reform" (الطريقة الصحيحة لتطوير الإصلاح العربي) اتفق فيها من حيث المبدأ مع الإدارة الأمريكية حول وجوب نشر الديمقراطية في البلاد العربية انطلاقا من مصلحة الأمن القومي للولايات المتحدة المهددة من الإرهاب الأصولي كما تمثل في هجمات الحادي عشر من سبتمبر· ويشير الكاتب الى أن الإدارة الحالية في سبيل إحداث إصلاحات سياسية فإنها تعاطت مع البلاد العربية بطرق ثلاث: معاقبة أعدائها بالوسائل الدبلوماسية، أو بالعقوبات والحصار وأخيرا بالغزو· ثم تشجيع نشاط المجتمع فضلا عن المساعدات الاقتصادية للدول الصديقة كمصر والأردن والسلطة الفلسطينية واليمن·

بيد أن هذه السبل لم تأت بأكلها على الوجه الصحيح، وهو بالتالي يدعو الولايات المتحدة الى أن تتخلى عن استراتيجية الاعتماد على تطوير المجتمع المدني، وعلى الضغط من أجل إحداث إصلاحات اقتصادية، إن هي أرادت تسريع إشاعة الديمقراطية في المنطقة العربية· فالمجتمع المدني العربي لا يمكن الاعتماد عليه، ذلك أن مؤسساته إما أنها تدار من قيادات لا تؤمن بالديمقراطية كما هي الحال مع قيادات الجمعيات المهنية والنقابات العمالية التي تسيطر عليها القوى الدينية، أو لأن معظم تلك المؤسسات مخترقة من قبل الأنظمة العربية وأجهزة مخابراتها·

أما الضغط من أجل الإصلاح الاقتصادي وتحريره من قبضة الدولة كمقدمة لخلق طبقة من رجال الأعمال تمتلك المبادرات الفردية ولها مصلحة في التطوير السياسي الليبرالي، فيعتقد الكاتب أن المستفيدين عادة من تلك الإصلاحات هم الأفراد أنفسهم والشخصيات المتنفذة في جهاز الدولة والتي ليس لها مصلحة في التغيير·

يقترح المؤلف بناء على ذلك، تغيير أدوات السياسة الأمريكية من تلك المعتمدة على العقوبات الى أدوات تعتمد على الحوافز· فسياسة العصا أثبتت أنها لا تفلح في خلق مناخ للإصلاح السياسي، في حين أن سياسة الجزرة على شكل مساعدات سخية أو القبول في منظمات اقتصادية دولية، مشروطة بالإصلاح السياسي، أثبتت أنها أكثر فعالية، إذ تضع أمام الأنظمة خيارات توازن بينها· ولعل اقتناع أوكرانيا بالتخلي عن برنامجها النووي مقابل مساعدات مالية، وقبول الحكومة الإسلامية في تركيا إدخال تشريعات إصلاحية بالذات فيما يتعلق بالحرية الدينية مقابل تأييدالولايات المتحدة لانضمامها للسوق الأوروبية المشتركة خير دليل على مثل هذا النهج· بالطبع، لا ينسى الكاتب التأكيد على أن ما طرحه من أدوات قد لا تكون فاعلة في كل الحالات، فأي إغراء مالي تقدمه الولايات المتحدة لدولة كالمملكة العربية السعودية كي تقدم على إصلاحات سياسية!!

لكن، قد تجرى الرياح بما لا تشتهي السفن، بمعنى قد يجلب هذا الإصلاح السياسي وإجراء انتخابات حرة قوى لا تؤمن أساسا بالديمقراطية والتعددية وتداول السلطة من قبيل القوى الإسلامية· هذه مسألة تشغل بال أهل الفكر وصناع القرار وهي مطروحة للنقاش· تشير لها جريدة الاندبندنت البريطانية (8/3/2005) تحت عبارة "قانون النتائج غير المقصودة"، إذ لا يمكن ضمان تطابق نتائج أي فعل مع أهدافه، كما بين قبل قرن تقريبا عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر· وهذا ما يتلمسه كاتب مقالة في الواشنطن بوست (تتكون من جزأين ظهرت الأولى في 17/4/2005) إذ لاحظنا أن أحد الناشطين اللبنانيين المنظمين للمظاهرات الجارية قال لهما "إن الديمقراطية تنتشر في المنطقة بغض النظر عن رغبة بوش" وأكد أن الملهم لحركتهم هي "الانتفاضة الفلسطينية التي علمتنا كيف يأخذ الشعب أمره بيده"·

وضمن "قانون النتائج غير المقصودة" تتحرك الجماعات الدينية وعلى رأسها حزب الإخوان المسلمين، أكثر الجماعات الإسلامية تنظيما وأعرقها تاريخا مستفيدة من الأجواء الجديدة· ويبدو أنها فهمت الإشارات الكثيرة التي صدرت عن واشنطن والتي تؤكد أن الولايات المتحدة ستتعامل مع أي قوى تأتي الى السلطة شريطة عدم لجوئها الى العنف، وأن ليس لها اعتراض على مجيء القوى الدينية بدليل تعاملها الوثيق مع "حزب التقدم والرفاه" الحاكم في تركيا· فهناك حركة ملموسة في صفوف حزب الإخوان في مصر تجلت في الدعوة الى التظاهر في 27 من الشهر الفائت، فضلا عن تصريحات من إخوان الأردن وسورية تدعو الى الإصلاح السياسي· الى جانب تغيير في لهجة حماس وانخراطها في حوار مع المجموعة الأوروبية· وفوق هذا وذاك، مشاركة الحزب الإسلامي في العراق بالحكومة الانتقالية، وترؤس أحد أعضائه الجمعية الوطنية ودعوة الحزب لمشاركة السنة في الانتخابات المقبلة·

المنطقة في مخاض عسير وهي بحاجة لعقول تؤمن بالديمقراطية قولا وعملا لتلتقط ثمرات اللحظات التاريخية قبل أن تمر مر السحاب وتقع بيد من يريد أن يركب موجة الديمقراطية ليوئدها·

alyusefi@taleea.com

�����
   

أساطير!:
أحمد حسين
كفاية.. يا حكومة:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
معالي الوزراء!!:
سعاد المعجل
لا تثبطوا العزائم.. بل اشحذوا الهمم يا حكومة:
محمد بو شهري
نعم... ليسوا في حاجة الى "بابا":
فهد راشد المطيري
سيّب الكلام:
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
الكويت والمرأة!:
عامر ذياب التميمي
الإصلاح قادم:
د. محمد حسين اليوسفي
الطيور المهاجرة:
ناصر بدر العيدان
محطات من الصراع:
عبدالله عيسى الموسوي
منطوق "الدستورية" باللهجة العامية:
مسعود راشد العميري
رجل أعرفه جيدا..:
على محمود خاجه
مطبات حكومية...!:
محمد جوهر حيات
الداخلية ترد على الزميل عبدالخالق ملا:
عبدالخالق ملا جمعة
هذا السبب.. هذه النتيجة:
عبدالحميد علي
فتيل القنبلة الجماهيرية:
فيصل عبدالله عبدالنبي