نرى عند كل إعلان حرب أمريكية على دولة عربية أو إسلامية الجماهير تخرج بمظاهرات لا حصر ولا قبل لها، تندد وتعارض وتتوعد الأمريكيين بأن ستكون هذه الدولة أو تلك مقبرة لهم وسيواجهون هزيمة نكراء على يد الجماهير، وأن الشعوب ستنفجر بوجه الأمريكان! وهذه المظاهرات والشعارات رأيناها عند حرب تحرير الكويت، وها هي الكويت تحررت وهزم جيش النظام العراقي البعثي والجماهير لم تنفجر بوجه الأمريكان، وعند الحرب على أفغانستان رأينا المظاهرات نفسها والشعارات نفسها وها هي أفغانستان تحررت من نظام طالبان ولم نر الجماهير تنفجر بوجه الأمريكان، وفي حرب تحرير العراق نسمع الشعارات نفسها ونرى الجماهير نفسها وهذا الانفجار الموعود لم ولن نراه، والسبب أن فتيل هذه القنبلة مفقود، ولأنها شعارات من غير شعور وهو انفجار في الوقت والمكان الخطأ، فهي مثل الانفجارات التي يحدثها الإرهابيون في الدول الإسلامية، دائما تكون بالمكان والزمان الخطأ، فتقتل الأبرياء وتخرب الممتلكات، والسبب حول عدم وجود الفتيل واستحالة هذا الانفجار قاله لنا الله عز وجل في القرآن الكريم: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" ولقد أعطى الفيلسوف اليوناني أرسطو قبل مئات السنين وصفة الحرية للوطن وذلك في قوله: "قبل تحرير الأرض يجب تحرير العبيد"·
يجب على كل المسلمين والعرب أن يفهموا أن القوانين الكونية لا تمشي على هواهم، فكما أن هناك قوانين ثابتة في علم الفيزياء تنطبق على المسلم وغير المسلم، كذلك في علم الاجتماع والسياسة، فإن العدالة إذا طبقت في مجتمع مهما كانت ديانته فسوف يتطور، وإذا الظلم والاستبداد طبق في مجتمع حتى لو أن مواطنيه من المسلمين ومن أهل التقوى والورع فلن يتطور لأن القانون موضوع هكذا، العدالة تساوي التطور والازدهار، والظلم والاستبداد يساوي التخلف والتدهور، كما أن من يقفز من الجبل سوف يسقط على الأرض مهما كان دينه ومذهبه وعرقه لأن قانون الجاذبية هكذا، فكذلك بشتى العلوم يوجد قوانين ثابتة، يقول الكاتب الأمريكي "سندي بريمر" في كتابه "روح أبولّو": "إن الطبيعة متوازنة تماما، لا يمكننا الإخلال بذلك التوازن، لأننا نعلم أن قانون السبب والنتيجة هو القانون الدقيق والمطلق للطبيعة، ولكننا نفشل في إيجاد التوازن الخاص بنا، كأمم وأفراد، لأننا لم نتعلم بعد أن هذه القوانين تعمل بالقوة نفسها في الحياة الإنسانية والمجتمع كما تعمل في الطبيعة، فإن ما نزرعه لا بد لنا في النهـاية أن نحصده"·
ولذلك في مجتمعنا زرعنا تقسيم الدوائر الانتخابية بهذا الشكل، فحصدنا برلمانا بهذا الشكل، زرعنا في مؤسسات الدولة النعرة القبلية والطائفية والمحسوبية بقصد أو من دون قصد، فحصدنا عدم حصول الكفاءات على المنصب الذي يليق بها، وأصبحت المناصب تعطى على أسس طائفية وقبلية وحزبية، إذا أردنا التغيير نحو الأفضل فلنعد زراعة مبادىء الدستور من جديد في مؤسسات الدولة وسوف نحصد ما زرعناه·
machaki@taleea.com |