لابد من قيام أسطورة في أساس كل تفكير إرهابي، وأشهر هذه الأساطير هي تميز عرق دون آخر، أو دين دون آخر أو شعب دون آخر· الشعور بالتميز، أي عدم تساوي البشر في حقيقتهم الواحدة، يمنح صاحبه إحساسا بالتفوق على غيره، ويتبع هذا إيمان أعمى بأن الحق له، فهو الحق وأبوه وأخوه وربما عمه وخاله، وعلى الناس أن تطلب الحق عنده لا عند غيره، حتى وإن كان ما يأتي به شقشقة لسان·
هذا الكلام ليس نظريا، فالبشرية عرفت أصنافا من هذه الأساطير على اختلاف المنطلقات ولكن مع وحدة الغاية، فقد قامت أسطورة التفوق الياباني التي زجت اليابان في الحربين الأولى والثانية على تميز الإمبراطور "سليل الآلهة" الذي لا راد لقضائه ولا لحكمه، وتبعا لذلك لا راد لقضاء وحكم الياباني في غزواته، ذلك الذي "يخدم مطامع الإمبراطور إنما يخدم الآلهة!·
وقامت أسطورة النازية من منطلق آخر، هو تميز العرق الجرماني، صانع الحضارة، وكل حضارة على وجه الأرض، وبالتالي حقه أن يكون فوق الجميع، وما الجميع إلا المجال الحيوي الذي يحتاجه هذا العرق للتوسع والتغذي وتحقيق نبوغه وإبداعه!
وتشبه هذه الأسطورة، أسطورة الفاشية الإيطالية أسطورة الجنس الروماني الذي تمدّد استعباده وإرهابه ذات يوم وشمل حوض البحر الأبيض المتوسط وأجزاء من أوروبا وغربي آسيا، وظهرت الفاشية، بخريطتها السوداء التي مازالت ملصقة حتى الآن على جدار من جدران الفورم الروماني، مطالبة بميراث هذا الجنس العجيب، وأيضا بادعاء الحق في العودة إلى استعباد العالم القديم!
الصهيونية هي أسطورة حديثة من النوع نفسه· أسطورة ولكنها مركبة من تفوق عرق ودين وشعب على حد سواء، مضافا إليها أسطورة أنها زعيمة شعب "اختاره" الله ليتحكم في رقاب العباد، فيقتلع من يشاء ويبيد من يشاء بلا حسيب ولا رقيب!·
إذاً هناك أسس لأساطير الإرهاب، قد تكون عرقية ودينية، ولأن كانت الأولى تتغذى على نظريات "علماء" أعراق أقاموا علمهم على ضلال وشهوات استعمارية، فإن الثانية، قد تخرج منها جماعات إرهاب أيضا، (حتى وإن كان الدين) مثل الدين الإسلامي، نقيض نزعات التعالي والتميز والتمييز بين البشر، حين ينتزعه بعضهم من إطاره، إطار الرحمة والخير والعدل، ويضعه في إطار مصالحه وشهواته··· وجهالته أيضا· |