"لم أحصل على تقدير مميز لدى تخرجي من المرحلة الثانوية ولكن إرادتي بأن أكون متميزا هي التي دفعتني للحصول على الدكتواره"، تلك كانت كلماته الأولى في أول محاضرة له بجامعة الكويت والتي تشرفت بأن أكون مقيدا في تلك المحاضرة لدى هذا الرجل، وقد بعثت هذه الكلمات فينا كطلبة آنذاك بأن هذا الإنسان يود أن يحفزنا ويشجعنا على التحصيل العلمي، وجدت منه تعاملا غير تقليدي مع طلبته، لم يكن هذا التعامل الذي نجده من معظم أساتذة الجامعة الذين يتعاملون بفوقية مع الطلبة، بل كان يسعى دائما إلى أن يبعث الإحساس بأنه واحد من الطلبة لا يتحيز مع طرف ضد الآخر ولا يتحداهم أو يعجزهم، بل كان كل ما يسعى إليه هو إيصــال المعلومات التي يملكها إلى الطلبة بأسهل وأفضل الطرق، كنت أسعى دائما إلى المواظبة على الحضور ولم أكن أحس بالوقت مطلقا أثناء محاضراته، ولم يكن ذلك سعيا للحصول على تقدير مميز أو ما شابهه بقدر ما كان هذا الحضور رغبة مني لأنهل من العلم الذي يملكه هذاالرجل، ولأستفيد من قدرته على إدارة المحاضرة·
كنت كلما أراه عن طريق المصادفة أجده مرحبا ومبتسما يسأل عن أحوالي وكأنه أحد أصدقائي أو شقيق أكبر لي على الرغم من أننا لم نجتمع معا سوى ثلاثة شهور هي مدة الفصل الدراسي إلا أنه استمر في عادته تلك ولم يتوقف عنها أبدا إلى يومنا هذا، وهذه الحال لا تنطبق علي أنا فقط بل على جميع من درسهم، وقد أعطاه هذا التواضع الجم قدرة كبيرة لكسب الناس من حوله ليس لمصلحة ما بل لخلق راقٍ نشأ عليه·
فبالإضافة إلى علمه وثقافته الواسعة في مجال تخصصه أدت روحه الطيبة إلى وصوله إلى العديد من المناصب القيادية في الجامعة وخلال فترة وجيزة لم يستطع الكثيرون غيره الوصول إلىها رغم طول المدة، وعلى الرغم من ذلك كله فإن هذا الرجل لم يكن ممن يركضون وراء المناصب والكرسي وليس من المتشبثين به بل على العكس تماما فمتى ما أحس بأنه أعطى ما عنده في موقع ما ولا يوجد ما يضيفه أو أنه يوجد من يؤدي المهمة المنوطة به أفضل فإنه ينسحب على الفور، هذا ما أكسبه احترام الجميع حتى ممن لم يتفقوا معه·
الدكتور أنس محمد الرشيد الذي تم تعيينه مؤخرا وزيرا للإعلام، ومن وجهة نظري الشخصية بأنه الرجل المناسب في المكان المناسب، أتمنى من الله عز وجل أن يوفقه في مهمته المقبلة كما كان موفقا ومتميزا في مهامه السابقة، فإعلامنا المتخبط منذ سنوات يحتاج إلى رؤية شبابية وحديثة للارتقاء به، وأسأل الله تعالى أن يعينه على طيور الظلام التي ليس لها أي ديدن إلا الاصطياد بالمياه العكرة وخلق السلبيات والمساوىء حتى إن لم تكن موجودة· |