رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 السبت 23 ذو الحجة 1424هـ - 14 فبراير 2004
العدد 1614

الطغاة الصغار
بدر عبدالمـلـك*
* ???? ??????

سيظل الطاغية العراقي صدام حسين ردحا من الزمن موضوعا للحوار والنقاش، وموضوعا للنبش والتنقيب في ملفاته المعلنة والسرية، وهو النموذج العربي الصارخ لمرحلة تمثل القرن المنصرم من الاستبداد وبداية قرن جديد من تكريس الحريات العامة والانتخابات الحرة، حيث يسدل بالتدريج كل ملفات الطغاة واحدا تلو الآخر، إذا ما عرفنا أن الحقبة المقبلة تمثل ثورة ورؤية مختلفة داخل المؤسسات العالمية الجديدة المعتمدة على مفهوم صراع الحضارات وتكريس القيم الغربية، التي لا تسمح بنمو وبروز ظاهرة الدكتاتور والطاغية، فالقيم المنشودة وفق منهج العولمة والنظام العالمي الجديد هو بناء مجتمع المؤسسات المدنية والديمقراطية، مهما كانت تشوب تلك القيمة الغربية الرأسمالية من سلبيات عدة، ولكن يبقى المنظور الاستراتيجي والفلسفي والتاريخ، هو نهاية العالم من أيديولوجيات تكرس فلسفة الشمولية والصعود الى السلطة عبر الكفاح المسلح والعنف والسلاح، وإذا ما انتهى العالم من حقبة نهجها اليسار في أحد أشكال نضالاته العنيفة من أجل استلام السلطة عبر إسقاطها بالبندقية والبؤر الثورية، والذهاب الى الأحراش والجبال، فإن ما انتهى إليه اليسار بدأ به التيار الأصولي المتطرف، ابتداء من أفغانستان وكل شرق آسيا وانتهاء بالشيشان ودول البلقان والقوقاز، مرورا بفلسفة التفجيرات المتواصلة هنا وهناك لتنظيم القاعدة، والذي وجد في تربة العراق ملاذه الأخير، وفي جبال وصحارى اليمن والسعودية آخر الرحلة والمطاف، إذ تغلق بوابة أفغانستان والحدود الكشميرية والباكستانية بالتدريج، لتنتهي حلقة التطويق عاجلا أو آجلا على مشروع الأصولية العنيف، وتنتقل الإنسانية بعد سنوات الى الصراع الفكري والسياسي بين قيم وحضارات عدة تكون المؤسسة الديمقراطية الشكل الأوحد للصراع الاجتماعي بين القوى المجتمعية، فالبندقية والمتفجرات باتت طريق العاجزين والمحبطين، ولن تستطيع استنهاض الشعوب في مشروع من هذا النموذج، وإذا ما نجحت لبعض الوقت - وفيما بين شرائح عمرية معينة، وفي أماكن جغرافية محددة من الكرة الأرضية - فإن الأفق السياسي والعالمي لا يتيح ولا يسمح لمثل تلك الأفكار والأعمال بالمرور بالسهولة التي اعتقدها أو تمناها دعاة ذلك المشروع الظلامي، وما يزيد من حالة انحسار وحصار المشروع الأصولي المتطرف عالميا، هو ذلك التضافر الدولي في مكافحته وملاحقته وتضييق الخناق عليه إعلاميا وسياسيا وعسكريا وماليا وثقافيا، وإذا ما كانت الأنظمة التسلطية الفردية تفرز طغاة من شاكلة صدام حسين، فإن الديمقراطية لا تتيح مجالا لنمو ظاهرة ستالينية أو صدامية أو طغاة جبابرة من حجم هتلر أو غيره، إذ ينبغي سد منابع تنبت وتخلق تلك النماذج، وإذا ما نظرنا الى مثال صدام حسين كطاغية كبير، فإن الواقع يقول إنه كان في البداية مشروع طاغية صغير تنامى واستفحل كالسرطان السياسي في أنظمة ومجتمعات أتاحت له التسلق، بل وظروف هيأت للنموذج بالتضخم، وهناك طغاة كثر في العالم، لو أتيحت لهم كل الإمكانات التي توافرت لصدام حسين، فإننا كنا أمام سيل من الصداميين كالطغاة الصغار متواجدين في المؤسسات جميعها، مدير المدرسة، وكيل الوزارة، الضباط الصغير في المؤسسة العسكرية، والذي يحلم بالانقلاب والوثوب على السلطة، القائد السياسي في الحزب، ورئيس العشيرة ورجل الدين، ومالك العمارة والتاجر المرابي، كلهم يتصرفون بسطوة وقسوة دون رحمة للذين أقل مرتبة منهم، هؤلاء الطغاة الصغار جميعهم مشاريع طغيان قابلة لأن تستفحل وتستشرس حالما تنمو أجنحتها للتحليق أو تكبر زعانفها في السباحة نحو مقعد السلطة، لم يكن صدام استثناء تاريخياً عن أولئك الطغاة الصغار، فقد كان ذات يوم صغيراً مثلهم، وجد زعانفه وأظافره تنمو وتكبر في ليل مباغت، وطالما الطغاة الصغار لا يختلفون عن الكبار إلا بالدرجة، إذ جوهرهم ومحتواهم، وطموحهم واحد، وما يعزز موقع الطاغية الكبير - والذي كان صغيرا - إنما تلك الظروف التي صنعته وقدمت له الفرصة للانقضاض على السلطة، وإزاحة الآخرين من مواقعهم·

الطغاة الصغار مشروع قائم بصورة دائمة مثل النبتة الشيطانية، وهم يفرخون بالعشرات، بل وأكثر من الطغاة الكبار، ولكن مشكلتهم أنهم لا يتعرون عن ملابسهم الداخلية في الضوء، مفضلين ارتداء أقنعة الحيلة والخبث حتى تأتي ساعة التسلق والاستحواذ، ويمثل الطغاة الصغار نموذجاً جيداً لأخلاقية وسلوك الطغاة الكبار، فهم يتقلدون مهماتهم ويتمثلونهم وينهجون نهجهم ويقسون على البشر باسم الطغاة الكبار، ونيابة عنهم في المهمات والأعمال، ومقولة ملكي أكثر من الملك تنطبق على الطغاة الصغار الذين يعكسون سلوك طاغيتهم ومثلهم الأعلى، بل ويتجاوزون في سلوكياتهم ما يرضى عنه الطاغية الكبير، ولكنه إذا ما عرف بالأمر، ربّت على أكتافهم مشجعا ومؤنبا في الوقت ذاته، ومحذرا أن لا يتعدوا في طغيانهم السقف المتاح لهم، فما يحق للطاغية الكبير لا ينبغي للصغير ممارسته، وتكمن مشاعر الطاغية حول بطانته، بأنه لا يمنحها الثقة المطلقة، فهو لا يثق بها انطلاقا من خوفه وتعوده على روح الخيانة والتآمر، وفي الوقت ذاته لا يريدها تنمو الى حد بلوغها قامته ومكانته وسطوته، فهناك يحدث صراع شرس ومميت بين الطغاة الصغار وسيدهم الأعلى، الطاغية الكبير، وقد يحدث كما هي دروس التاريخ أن ينتصر أحد الطغاة الصغار ويزيح الطاغية من مكانه، فيكتشف الشعب صبيحة اليوم الآخر المشنقة والجسد والحكايات المتكررة، الى حد أنها تحولت الى أسطورة·

ü كاتب بحريني

�����
   
�������   ������ �����
طبائع الاستبداد ومساوئ العباد!
الطاغية .. ذلك المستبدة المحاط بالمعجبين!!·
نساء البحرين وواقع التحديات الكبرى(3)
نساء البحرين وواقع التحديات الكبرى(2)
نساء البحرين وواقع التحديات الكبرى(1)
إعدام الطاغية المسرح والستارة
هل تتكرر لعبة التنين؟!
ماراثون حواء أطول مما نتخيل!!
أحداث الكويت وإمارة طالبان الخفية!!
بعد وأد البنات.. نحر البنات
الجاهليون يولدون من جديد..!!
إشكالية توليفة الحداثة والتخلف(3-3)
إشكالية توليفة الحداثة والتخلف(2-3)
إشكالية توليفة الحداثة والتخلف(1-3)
سقوط دولة الخوف(3–3)
سقوط دولة الخوف(2–3)
سقوط دولة الخوف(1-3)
الطغاة الصغار
بازار الاغتيالات في العراق!
صادوه ·· صادوه ·· صادوه !!
  Next Page

محاربة الفساد:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
العراق من نافذة الطائرة:
سعاد المعجل
إيدن وموليه:
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
”اللي يحب النبي يضرب!”:
خالد عايد الجنفاوي
المقاومة لن تحقق الأمن والاستقرار في العراق:
يحيى الربيعان
مكة وكاليفورنيا دولة واحدة:
م. مشعل عبدالرحمن الملحم
اتحاد كرة القدم بحاجة لمجلس يتم تعيينه:
المحامي نايف بدر العتيبي
محنة الديمقراطية!:
عامر ذياب التميمي
صراع السلطة في إيران:
د. محمد حسين اليوسفي
دبلوماسية الإرهاب:
عبدالله عيسى الموسوي
التلفيق·· أسلوب معيب في السياسة والصحافة:
د· مهدي الحافظ ü
الاستفزازات المذهبية·· إلى متى؟:
عبدالخالق ملا جمعة
الطغاة الصغار:
بدر عبدالمـلـك*
سبق صحافي تنفرد “الطليعة” بنشره
الخطة العراقية لحل مشكلة السكن في العراق:
حميد المالكي
البرلمان البحريني والعملية الإصلاحية:
رضي السماك