رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 السبت 12 محرم 1425هـ - 3 مارس 2004
العدد 1617

سقوط دولة الخوف(3–3)
بدر عبدالمـلـك*
* ???? ??????

اهتزاز العالم

 

ما بين عقد 98-88 كان العالم يقف عند حافة الهاوية ويتدحرج قرب قرن الثور، فقد عادت إيران والعراق من حرب خاسرة، وحاول الطرفان البحث عن مخرج لأزمته، فإذا ما كانت إيران تتجه نحو بناء اقتصادها سلميا واسترداد عافيتها بالاعتماد على الذات وإعادة النظر في مجمل نهجها، كان من ثماره انتقال الثورة إلى حالة الدولة ودمقرطة إيران الإسلامية وصعود خاتمي في انتخابات 97، بينما وجد صدام نفسه في عام 1990ينزع مجددا نحو بناء ترسانته العسكرية لينقلها إلى داخل الكويت في غزوه لدولة عربية صغيرة وجارة، فانقسم العالم العربي إلى شطرين، مثلما انقسمت الجامعة العربية بمؤسستها وشارعها السياسي، ومحنة صدام أنه أراد أن يخرج من أزمته الاقتصادية ومغامرته بالهروب إلى الأمام، فأدخل الشعب العراقي في مأزق يفوق مأزق حرب الخليج الأولى· والمحنة الثانية لدى صدام أنه ما بين عامي 1990-88 لم يتمكن من قراءة المتغير العالمي الكبير ببداية سقوط وانهيار جدار برلين، وتلاه سقوط الإمبراطورية السوفييتية، التي بسقوطها يخسر ميزانا مهما من موازين دولية، إذ راهن صدام في 1988 على أن مشروع البيروسترويكا لغورباتشوف ليس إلا تجديدا داخل بنية المجتمع والدولة السوفييتية، وإذا ما كانت حرب الخليج الأولى نتيجة من نتائج متغيرات إقليمية في إيران وأفغانستان طرف فيها الاتحاد السوفييتي وحلفاؤه، فإن حرب الخليج الثانية نتيجة من نتائج سقوط الاتحاد السوفييتي ودول البلقان وحلفائه كالعراق وأفغانستان وإيران طرف في اللعبة، ولكنها في مرحلة ما بعد انتهاء الحرب الباردة، وكانت الأمم المتحدة مسرحا دوليا هشا ومضطربا، وضعيفا فقد توازنه في المجتمع الدولي ولن يكون نظام صدام المعزول إلا نتاجا لهذه الحالة الدولية الجديدة، والوضعية السياسية الجديدة التي تؤسس لنظام عالمي جديد “العولمة”·

 

الحصار·· والسقوط

 

ما بين أعوام 1990-2003 حدثت متغيرات دولية كبرى واتفاقيات وصراعات ومؤتمرات تؤسس للألفية الجديدة، ووضع العراق بنظامه تحت الحصار فكانت السنوات الماضية، بلد محاصر ومعزول من شماله وجنوبه، وتتآكل قدراته العسكرية والاقتصادية وتضعف مواقعه السياسية والشعبية، كل ذلك تمهيدا لإسقاطه والانقضاض عليه· وبالرغم من بطء فاعلية سياسة الحصار، والتي مردودها كان مؤثرا على الشعب أكثر من سلطة صدام، فقد استثمرها لصالحه في تحويل أسباب تردي الأوضاع الداخلية للشعب من جراء الحصار، بعد أن تلاعب بغوغائية بأنه محاصر معهم ويسعى للتقشف، لكي يتحول إلى بطل من أبطال زمن الحصار، ولم يقدم بطل السيجار الكوبي نموذجا كوبيا كما يفعل كاسترو، الذي كان محاصرا لأكثر من أربعين عاما، وكان سبب بقاء كوبا هو الانسجام والتناغم والمثال الذي يقدمه القائد لشعبه، دون الحاجة لمسرحيات مصطنعة إعلاميا وشعبويا، ففي الوراء كان الزعيم الضرورة يعيش في القصور ويحتفل ببذخ عيدالميلاد، ويهرب عوائد النفط للخارج، بينما كان يتاجر بقوت الناس وحصارهم وحصار العراق المنهار، وفي الوقت الذي كانت سيناريوهات عدة تحاك في الإدارة الأمريكية حول العراق، بعد اكتشافهم أن سياسة الحصار لم تؤت ثمارها في تفجير غضب الشعب من الداخل، فوضعت مشاريع اغتيال وتحرك عسكري متزامن على شكل انقلابات وعصيان، أو التحضير لمقاومة شعبية مسلحة تبدأ على شكل حرب عصابات، ولكن كل ذلك ربما لن يضمن شكل الحلفاء الجدد ولا مستقبلهم السياسي إذ ما وصلوا للحكم خارج نطاق السيطرة، ولكن مع أحداث سبتمبر فاض الكيل بالإدارة الأمريكية، وتحولت أجندة محاربة الإرهاب العالمي إلى أولويات الأمن القومي، فانفلات أسلحة الدمار الشامل، ونزوع أنظمة شمولية لسياسات مغامرة قد تتسبب في كوارث أخطر من حادث البرجين، فكانت طالبان أفغانستان هدفا أوليا تلاها نظام صدام وحزبه ومؤسساته الأمنية، ولكي يعيد النظام العالمي الجديد بقيادة الولايات المتحدة رسم خريطة العالم في القرن الواحد والعشرين، فإن مراكز وأنظمة دولية لابد من اجتثاثها جذريا، وفي مقدمتها نظام بحجم العراق ورئيس بمكانة صدام حسين، الجالس فوق ثروة من النفط والمعطل لمشاريع التسوية في الشرق الأوسط، وبزوال حقبة فلابد أن يرحل رجالاتها بهدوء، وإن لم يقبلوا عروض اللجوء السياسي، فإن راجمات اللهب ستحلق فوق قصور الطاغية·

لم يصمد النظام لأكثر من أسابيع، فأعلن عن سقوطه بعد أن أعلن صدام عن نفسه زعيما للمقاومة، والتي سيدحرها ويهزمها ويلحق بها الخزي والعار، وهناك خطب وقاموس من المفردات المزيفة·

وبالسهولة التي سقط فيها نظامه وتمثاله، كان القبض عليه صورة درامية لسقوط رجل منهار، كانت المرأة العربية في التاريخ أشجع منه عندما فضلت أن تموت بكبرياء على يديها فتناولت السم: “بقولتها الشهيرة بيدي لا بيد عمرو” اللحظات التاريخية وحدها امتحان للرجال، وخارج ذلك الكلام ليس إلا عبث وزبد هباء، ومع سقوطه بدأت الدول الكبرى تستعد للمهمة الأعظم، وهي إعادة إعمار العراق اجتماعيا وسياسيا وتنمويا، وكما ردد البريطانيون بقولهم بأن القبض على صدام، فرصة ينبغي اغتنامها من أجل الوفاق الوطني “غير أن ألمانيا وروسيا الاتحادية وفرنسا الآخرين أسرعوا قبل فوات نصيبهم من كعكة العراق بتقديم التهنئة، أو كما يقول الرئيس شيراك “إنه يوم يبعث على الابتهاج!” وحده الشعب العراقي القلق حول مرحلة ما بعد رحيل صدام والقبض عليه، إذ تنطلق أصوات الناس مرددة نريد حكومة عراقية وطنية تلبي احتياجات ومطالب الشعب· انعتاق الشعب نحو الحرية مهم ولكن من دون الخبز والكرامة يظل العراق أسيرا للماضي·

 

محاكمة تاريخية

 

تحمل محاكمة صدام دلالة وبعدا سياسيا وتاريخيا، فمن خلالها يقدم المجتمع الدولي صورة جديدة ورسالة مهمة للتعاون بين القوى الكبرى والأنظمة والدول الأعضاء في الأمم المتحدة، في مناهضة الإرهاب العالمي وتقديم مجرمي الحرب إلى محاكمة عادلة، فمن خلالها وعبرها، يتم تمرير السياسة الدولية الجديدة لمسألة زعامة العالم وبناء نظام دولي جديد وصياغة الرأي العام وفق مشروع ومبادىء حقوق الإنسان والديمقراطية وعدالة القضاء· وأخيرا المحاكمة درس ورسالة للذين يهمهم الأمر، بأن من يعبث بأمن العالم ودوله لا يمكنه الإفلات من يد العدالة وتقديمه للمحكمة المخصصة لمجرمي الحرب، وبالإمكان عقدها في أي مكان، وتدخل محاكمة صدام كمجرم حرب كأول محاكمة تاريخية دولية خارج نطاق القارة الأوروبية بعد الحرب العالمية الثانية·

ü كاتب بحريني

�����
   
�������   ������ �����
طبائع الاستبداد ومساوئ العباد!
الطاغية .. ذلك المستبدة المحاط بالمعجبين!!·
نساء البحرين وواقع التحديات الكبرى(3)
نساء البحرين وواقع التحديات الكبرى(2)
نساء البحرين وواقع التحديات الكبرى(1)
إعدام الطاغية المسرح والستارة
هل تتكرر لعبة التنين؟!
ماراثون حواء أطول مما نتخيل!!
أحداث الكويت وإمارة طالبان الخفية!!
بعد وأد البنات.. نحر البنات
الجاهليون يولدون من جديد..!!
إشكالية توليفة الحداثة والتخلف(3-3)
إشكالية توليفة الحداثة والتخلف(2-3)
إشكالية توليفة الحداثة والتخلف(1-3)
سقوط دولة الخوف(3–3)
سقوط دولة الخوف(2–3)
سقوط دولة الخوف(1-3)
الطغاة الصغار
بازار الاغتيالات في العراق!
صادوه ·· صادوه ·· صادوه !!
  Next Page

القطن:
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
المافيا:
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
الاستجواب حق دستوري:
يوسف مبارك المباركي
المرأة ودورها في كربلاء:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
جامعة بلا كتب:
سعاد المعجل
التحالف الوطني الديمقراطي يعقد مؤتمره الثاني:
المحامي نايف بدر العتيبي
عبدالباري عطوان عميل إسرائيلي بالوثائق:
علي الكندري
سقوط دولة الخوف(3–3):
بدر عبدالمـلـك*
حلف بغداد(طبعة 2005):
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
الاستجواب حق دستوري:

معضلات التحول!:
عامر ذياب التميمي
الكل يشيد بجيل الستينات لماذا؟:
يحيى الربيعان
خدعة الانسحاب:
عبدالله عيسى الموسوي
عدت حزيناً من أقصر رحلة إلى البحرين(2/2):
د· علي خليفة الكواري
التوائم السيامية الفرانكفونية: المحاكاة والهوية الجزئية:
خالد عايد الجنفاوي
الحسين ينتصر على امتدادي الزمان والمكان:
د. جلال محمد آل رشيد
تحرير دولة الكويت·· حقائق ودروس وآفاق:
حميد المالكي
مع “لجنة مكافحة التمييز” الأمريكية:
رضي السماك