رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 5 محرم 1425هـ - 25 فبراير 2004
العدد 1616

سقوط دولة الخوف(2–3)
بدر عبدالمـلـك*
* ???? ??????

عقد من الحراك

 

ما بين أعوام 1963 -  1973 عاش العراق أحداثا من الصراع الشديد بين الأحزاب القومية، بعد أن مهد انقلاب عبدالكريم قاسم، الطريق المنتظم لدبابات الجيش نحو القصر الجمهوري، إذ مع رحيل الملكية تنازعت الجمهورية الوليدة فيما بينها دورة الانقلابات والصراع دون توقف، وبين انقلاب 63 وانقلاب 68 البعثيين، انتهى المشهد في العراق، والذي جاء بنموذج صدام، والذي خبر الإحباط والهروب في تجربته الأولى، ليصعد نجما سياسيا صغيرا في مرحلته الثانية، وهو الذي جاء من قاهرة عبدالناصر مفعما وغاضبا كبقية مثقفي التيار العربي القومي المحبط من هزيمة حزيران 67 وبحجة أن الهزيمة في حزيران كانت بسبب أزمة القيادة السياسية العربية، ولكن المشعل والمشروع الذي جاء تحت ذريعته احترق في يديه وحرق بنيرانه شعب العراق والمنطقة برمتها خلال العقود المنصرمة، فهناك فارق كبير بين رجل خارج السلطة ورجل داخل السلطة وقادر على صنع قراراتها وصياغة تاريخها، وتملك ثروتها الضخمة، ففي تلك اللحظة تنمو نوازع سلطوية قابلة لتضخم الذات والشخصانية، كما أن تنامي الدولة العسكرية والأمنية ينتج دوافع ونوازع الروح التوسعية والمغامرة، ومع ارتفاع أسعار النفط في نهاية عقدنا الذي نتحدث عنه، منحت صدام كل مقومات وعناصر التطور والقوة نحو الأمام، في تصفية المعارضة بدموية، وتهديد جيرانه ودخوله في توترات، وارتفاع صوته الخارجي كدولة ترغب عربيا أن تكون المحور الثلاثي مع مصر وسورية، بحيث تواجه كأنظمة من أنظمة العالم الثالث، والتي تدور في فلك المعسكر الشرقي، بعد أن ضمن خارجيا وداخليا دعمه السياسي والعسكري، بل وتركت رفاقها يموتون تحت مقصلة المصالح مبررة أن نظام الرفيق صدام نظاما تقدميا وبالإمكان تحوله نحو الاشتراكية من خلال قانون طريق التطور اللارأسمالي، وكان يومها على صدام أن يلعب بورقة الخارج والداخل ببراغماتية وخبث سياسي، فقد كان يمتلك ثروة نفطية هائلة في خزينته خلقت له جيشا مهيبا، وحليفا خارجيا يستمد منه جبروته، وحركة شعبية عربية وداخلية وجدت مع موت عبدالناصر فراغا في الزعامة والقيادة، هنا ستتغير موازين وتتبدل مواقع داخل الثالوث بعد وفاة عبدالناصر، وكان الصراع ينتظر العرب لمرحلة ما بعد رحيله·

 

متغيرات كبرى

 

ما بين عقد 83-73، كان صدام يؤسس دولة عراقية حديثة وقوية بتقنية الغرب، فكان يستورد كل شيء من المعسكرين، وبطرق معلنة وغير معلنة، وقد حقق له العائد النفطي إمكانية هائلة لتقوية نفوذه في الداخل وبسط سلطته على العراق وتحجيم المعارضة في الداخل بعسفه، وتحويل الدولة الحديثة الوطنية إلى دولة بوليسية وأمنية، محاولا بناء حزب قائم على الولاء لشخصه، مختزلا الحزب والأفكار والمؤسسة الحزبية في شخصه وعائلته ومنطقته، هذا الاتجاه العصبوي والفئوي، كان بالضرورة ينتج ويولّد في حزب البعث الانشقاقات والخلافات الحادة، وانشطار القيادة القومية والقطرية بين مركزين أساسيين هما سورية، وكان لذلك التبلور أو التصدع أسس قديمة داخل حزب البعث العربي الاشتراكي، ومثلما تقاسم السوفييت والصينيون معسكرات حركات التحرر العالمي وخلقوا داخله انشقاقات، كان البعثيون على مستوى الوطن العربي يتوزعون بين المركزين، بغداد ودمشق، وفي مثل هذه الأجواء ترعرع صدام الشاب، خارج السلطة وداخلها، فكان ابنا من أبناء النزعة التصفوية والانشقاقية، إذ تغذى من ثدي الصراعات الحزبية والفكرية وعاش مراحل التطهير الحزبي وأفكار التخوين والتنكيل في بيت المؤسسة الحزبية الواحدة، هكذا خرج نموذج صدام وصعد الى المجد والقمة بعد أن وجد في المؤسسة العائلية والأمنية حزامه المضمون، ووجد في ثروة النفط سلاحا للسطوة والقمع وشراء الذمم وبناء إمبراطورية الخوف في الداخل وإرهاب ورعب من يراهم أصغر شأنا منه·

 

زمن الشاه والثورة

 

في عقد 83-73، كان صدام على مستوى الصراع الخارجي يتحرك بين ثلاث قوى إقليمية تم ترتيب أولوياتها، فتركيا كانت أقل خطورة من إسرائيل العدو الاستراتيجي في مفهوم ومبادىء حزب البعث، بينما إيران الشاه وشرطي الشرق الأوسط مصدرا من مصادر الصراع الحدودي المستمر، وقطبا من أقطاب النزاع والتجاذب داخل منظمة الأوبيك، جبهات سياسية واقتصادية لا تتوقف عن لعبة المكائد، وتسارع إقليمي محموم نحو التسابق في بناء مؤسسة عسكرية قوية، فكانت إيران والعراق من جهة ومصر وسورية وإسرائيل من جهة أخرى، غير أن الترسانة العسكرية في دولتين نفطيتين، وتعيشان حالة من الإرث التاريخي من الحساسية القومية والسياسية، كانت لابد وأن تغذي نوازع الطرفين الشوفينيين بالروح العدوانية والمغامرة العسكرية، وفي هذه الحقبة كان صدام على المستوى الداخلي تسوء جبهته الداخلية بسبب تفرده وقمعه للمعارضة والشعب العراقي، وتحويله العراق إلى سجن كبير، غير أنه استطاع السيطرة على الأوضاع بسبب قبضته الحديدية، وإن كان على مستوى دول الجوار لم يستطع كسب ثقة كاملة أو حتى حزء منها مع أي دولة، بقدر ما كانت المصالح المتحركة والظروف المستجدة سياسيا تدفع لدوران تلك العلاقة، وكان الأردن نموذجا حساسا من تلك العلاقة المعقدة في الآلة العربية المسننة، وكانت الجامعة العربية مسرحا مكشوفا لتلك الآلة المتآكلة والمضطربة والضعيفة في أغلب الأوقات، في هذه الفترة اهتزت الجبهة المصرية عربيا وحملت العراق لواء التطرف والمزايدة ضد السادات، ولم تنظر استراتيجيا لقيمة مصر خارج الصراع العربي الإسرائيلي، بل أسعدها داخليا أن تكون القوة العربية الجديدة بعد غياب مصر البارز في الثالوث العربي، وقد رفضت سورية أن يلعب العراق هذا الدور، مفضلة أن تكون هي المركز والقطب الرئيسي في حمل لواء الصراع العربي - الإسرائيلي، بعد عام من زيارة السادات للقدس كانت طهران تهتز من الداخل، وجاء رحيل الشاه ضربة قاصمة للولايات المتحدة والحلفاء، فقد صعد رجالات الدين للسلطة وأعلنوا جمهورية إيران الإسلامية، فكانت دولة ثيولوجية بنزعاتها ومشروعها الأممي من خلال تبني فلسفة وفكرة تصدير الثورة·

جبهتان كانتا تهزان العالم في 1979 قريبة من المياه الدافئة في الخليج ومنابع النفط وشريان الطاقة للاقتصاد العالمي، غزو السوفييت لأفغانستان والثورة الإيرانية الفتية، فكان مشروع الحرب الطويلة في الضفتين يستحقان الدرس والتأمل، ولكن القوى العالمية في العالم الحر في زمن الحرب الباردة فكيف تتعامل مع المصيبتين؟! وأيهما أهم وأكثر خطورة وأكثر شرا إمبراطورية الشر بكل قوتها ونفوذها العالمي أم قوتين إقليميتين كالعراق وإيران بشرهما المتنامي وتناقضاتهما وأخطارهما البعيدة على دول المنطقة فجاءت نهاية العقد بحرب إيرانية - عراقية استغرقت ثماني سنوات، كلفتها العالية لا تحصى ونتائجها المدمرة قلصت من تنمية البلدين لعقود من السنوات، أما هل قاتل صدام فعلا دفاعا عن البوابة الشرقية كما روج إعلامه؟ أم أنه قاتل الإيرانيين دفاعا عن حكمه وسلطته واستمراره رئيسا يعيش بحلم القوة والريادة القومية؟ ومع تلاقي مصالح الجميع، القوى العظمى ودول الجوار والعراق في مواجهة مشروع تصدير الثورة، نجح الجميع في إيقاف المد وانتشاره، بل نجح الآخرون في دفع الدولتين المتحاربتين، في استنزاف قوتهما وطاقتهما في حرب طويلة خاسرة ومدمرة، وإذا ما عانت خزائن دول مجلس التعاون والدولتان المتنازعتان في حرب مكلفة، كانت القوى الكبرى تجد في ترسانة الحرب مصدرا مهما للسلاح وتسويقه وتحريك ورقة النفط والتلاعب فيها دوليا·

 

ü كاتب بحريني

�����
   
�������   ������ �����
طبائع الاستبداد ومساوئ العباد!
الطاغية .. ذلك المستبدة المحاط بالمعجبين!!·
نساء البحرين وواقع التحديات الكبرى(3)
نساء البحرين وواقع التحديات الكبرى(2)
نساء البحرين وواقع التحديات الكبرى(1)
إعدام الطاغية المسرح والستارة
هل تتكرر لعبة التنين؟!
ماراثون حواء أطول مما نتخيل!!
أحداث الكويت وإمارة طالبان الخفية!!
بعد وأد البنات.. نحر البنات
الجاهليون يولدون من جديد..!!
إشكالية توليفة الحداثة والتخلف(3-3)
إشكالية توليفة الحداثة والتخلف(2-3)
إشكالية توليفة الحداثة والتخلف(1-3)
سقوط دولة الخوف(3–3)
سقوط دولة الخوف(2–3)
سقوط دولة الخوف(1-3)
الطغاة الصغار
بازار الاغتيالات في العراق!
صادوه ·· صادوه ·· صادوه !!
  Next Page

عدت حزيناً
من أقصر رحلة إلى البحرين(1-2):
د· علي خليفة الكواري
العاصمة الجديدة:
م· مبارك عبدالله البنوان
الإصلاح السياسي·· متى يبدأ؟:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
رتوش حكومية:
سعاد المعجل
سقوط دولة الخوف(2–3):
بدر عبدالمـلـك*
حاربوا المنتج الكويتي:
م. مشعل عبدالرحمن الملحم
إعفاء عضو مجلس الأمّة من منصبه عن طريق جمع تواقيع الناخبين:
خالد عايد الجنفاوي
تحليلات بائسة!:
عامر ذياب التميمي
نحــن وحكوماتنا:
يحيى الربيعان
ذكرى التحرير:
د. محمد حسين اليوسفي
حق العودة كما يراه الصهاينة:
عبدالله عيسى الموسوي
خصخصة و”مصمصة”:
محمد حسين بن نخي
إن عدتم عدنا ولن يصح إلا الصحيح:
عبدالمنعم محمد الشيراوي
قرار أمات قطاع العقار السكني:
د. جلال محمد آل رشيد
ما هي القوى الأربع في العراق؟:
حميد المالكي
استقلالية النقابات وتعديلات الشؤون:
المحامي نايف بدر العتيبي