رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 17 يناير 2007
العدد 1758

الطاغية .. ذلك المستبدة المحاط بالمعجبين!!·
بدر عبدالمـلـك*
* ???? ??????

كنت أقلب فكري في الرد على عبدالجليل النعيمي حول مقالته موت طاغية "بعد نشر خبر وفاة الجنرال التشيلي أوغسطينو بينوشيت" فقد كان فرحا  في داخله بموت الطاغية "وكان صديقي مشدودا بذاكرة طلابية ومسكونا بزمن طلابي ويتذكر حزن الطالبات التشيليات على كل ما فعله الجنرال من مجازر واعتقالات إثر الانقلاب العسكري" وكنت في الوقت نفسه مسكونا بحزن إنساني مضاعف فقد كانت تبكي على كتفي صديقتي البوليفية وهي تذرف دمعا على فقدان الأمل الأخير لهم فقد كانت ذاكرة تشيلي تمتزج لديها بذاكرة بوليفيا الجيفارية "غير أنني بعد أكثر من ثلاثة عقود بت أفكر في الأمور والأشياء بمنهجية وروح نقدية تخطت تلك الروح الرومانسية  والنوستالجية التي لا تسمح لنا برؤية المنطقة المظلمة من قيمنا وأفكارنا فتبدو الحقيقة ترتدي نصف ملابسها وتظل عارية من الجانب الآخر" والذي  أكثر فاجعة مما نتصور·

ففي الوقت الذي كانت أجهزة الإعلام تنقل لنا أخبار جنازة الطاغية الراحل في القارة البعيدة كان الطاغية العراقي الأكثر قربا لثقافتنا العربية والإسلامية يحاكم بسبب مجازره وانتهاكاته والغريب أنه في الأسبوع الذي كان يودع العسكر بصورة رسمية جنرالهم في سانتياغو كانت المعارضة الكوبية في فلوريدا تستعد فرحا باقتراب موت فيديل كاسترو باعتباره يشكل لهم كمعارضة كوبية - مهما اختلفنا حولها - طاغية حكم البلاد لأربعين عاما بقبضة حديدية· تلك المفردات نفسها القاموسية والأخلاقية يتم توظيفها من المتصارعين "يمينية أو يسارية" إسلامية أو قومية وليبرالية وفاشية "فجميعهم في سلة واحدة من الحياة والصراع" ولكنهم يقفون في مفترق طرق مختلفة في تلك اللحظة التاريخية الدراماتيكية · كان الكوبيون منقسمين "أغلبية وأقلية في حزنهم وسعادتهم فطرف كان قلقاً على صحة الرئيس ويخشى انتكاسته وموته وأطراف أخرى هزجت مرحا في المنفى أو لربما في الداخل تحمل فرحها صمتا بانتظار التغيير أو العكس فذلك لا يهم هنا فالمعادلة قابلة للاختلال والتوازن" كلما تم إعادة قراءة التاريخ وتفسيره بمنظار مختلف "فطالما هناك شخص يرى النصف الفارغ من الكأس هناك شخص أخر يرى النصف الممتلئ" وكلاهما من مجهر ما سعيد برؤيته ونظارته السوداء·

هكذا تقاسم أيضا الشيليون فرحهم وحزنهم "ففي الضفة الرسمية رفضت الحكومة الحداد" ولكنها عجزت عن منع المؤسسة العسكرية من الاحتفاء بجنرالها بطريقة تليق بالمؤسسة وتاريخها وتاريخ الجنرال العسكري "بشكل برتوكولي مهيب" مما أثار سؤالاً في الشارع السياسي بأن ديمقراطية النظام ودستوريته وتوجهاته لا تزال ضعيفة أمام المؤسسة العسكرية فإما أنها تحابيها وتجاملها أو أنها تخاف منها وينبغي المرونة معها "باعتبار أن موت الرئيس هو نهاية موت المؤسسة العسكرية كقوة تسلطية انقلابية" وإذا ما كانت المؤسسة العسكرية لها نفوذها "فإن ذلك تعبير عن قوة وحضور اليمين واليسار التشيلي فقد خرجت مجموعات حزنا لموته وأخرى فرحة لتعبر - والمفارقة - عن رحيل الطاغية" ولكن في نهاية المطاف الطاغية في حياته أو موته يبقى ظاهرة إشكالية وسوسيولوجية تنتج أسئلة مهمة للحوار حول ظاهرة العنف الطبقي التاريخي  وصراع المصالح بين فئات الشعب في لحظة تاريخية ما·

وإذا ما سلمنا جدلا باختلاف المجتمع حول تلك الظاهرة من الصراع على السلطة والثروة "فإن بالضرورة هناك تبعات لتلك الخلافات تقود إلى صراع دموي في تلك السلطة ونقائضها" وإلا لما تكرر لدينا شخصيات وطغاة في التاريخ يمثلون نماذج لأنظمة متباينة وينحدرون من إيديولوجيات متعددة وقادمون من مؤسسات عسكرية ومدنية وحزبية وفي ظروف وعهود ومراحل تاريخية مختلفة" مما يجعلنا نعيد صياغة الأسئلة التاريخية حول وجود طاغية من نموذج ستالين "وهتلر وموسوليني وفرانكو وشاوشيسكو وغيرهم من طغاة جدد وقدماء بحجم هولاكو والحجاج وكاليغولا وبيزستراتوس "هيبارخوس خاراكليس"  الطاغية الذي كان يقود ثلاثين طاغية في أثينا" فكيف باستطاعتنا اليوم تعريف من هو الطاغية وماهو الطغيان؟ وهل هناك ثقافة محددة تشكل مرجعية وسيكولوجية ذلك الطاغية؟ وهل يوجد طغاة صغار وطغاة كبار لكي تسهل مهمة تحديد التعريف ومن ثم طبيعة النظام والمؤسسة؟ لماذا قدم التاريخ الإنساني طغاة تخطوا حدودهم وباتت الظاهرة كونية أكثر من كونها محلية؟ وإذا ما اختلف الطغاة في النوعية هل يختلفون في الدرجة؟ وهل تصنف منظمات حقوق الإنسان التسلط والقهر وفق إحصائيات السجون والقتل والتعذيب والنفي والتشريد؟ خاصة أن الطاغية والاستبداد مترادفان فلا يوجد الواحد منهما خارج الآخر "إذ لم تعرف المجتمعات البدائية  شخصية الطاغية أو ظاهرة الطغيان فلا الثروة كانت موجودة ولا مشروع الصراع على السلطة كان قائما كمصدر للاستبداد" كما أن مجتمع المدينة / الدولة بنمطها الإغريقي والروماني لم تتبلور بذهنيتها التوسعية خارج تلك الحدود الضيقة ولم تنمُ تلك الأفكار الاستيطانية التي أفرزت مع الوقت الظاهرة الكولونيالية والإيديولوجيات الحديثة·

من هنا سنجد الطغيان الجماعي للسياسات الجشعة التي ستقود لحروب الإبادة العرقية "والتي لم تحاكم طاغية  لمحاكمته فعلا كما حدث في قارات العالم وإنما تم اتهام النظام الكولونيالي دون رموز فتملص من المحاكمة التاريخية طغاة وضعوا مخططات استبدادية جهنمية ابتلعت شعوب وأنظمة وبلدان! وتعتبر مفردة "التايرانوس Tyrannos" الطغيان والاستبداد" اللاتينية كلمة مشتقة من الإغريقية وهي تعّرف الطغيان على أنه القوة المطلقة التي تفرضها الدولة أو المؤسسة والمنظمة على الشعب "وإذا ما تواجد ذلك النمط من الحكم  بالإمكان وصفه بالطغيان·

 وفي العادة كان الطغاة في اليونان القديمة هم الارستقراطيون" والذين كسبوا السلطة وفرضوها على الآخرين بسبب دعم فقراء الشعب لهم عن طريق منحهم الأرض وتحريرهم من العبودية· ألا يستحق الطغاة الآخرون - بفعل منطق التاريخ والمصالح - الشكر لأنهم نقلوا الفقراء من حالة اقتصادية سيئة إلى حالة اقتصادية أفضل بتمليكهم الأرض وعتقهم من العبودية ! لهذا لا نستغرب أن تبقى الحرية مكبلة والطغيان نسبياً كما هي مقولتان تاريخيتان متكررتان هو "العبودية المأجورة" و"المستبد العادل" فلا نتعجب بعد كل ذلك أن نجد بشرا مستلبين بثقافة القبول بفكرة وجود الطغاة والطغيان والتبرير لهما تحت كل تلك الصور والمشاهد·

�����
   
�������   ������ �����
طبائع الاستبداد ومساوئ العباد!
الطاغية .. ذلك المستبدة المحاط بالمعجبين!!·
نساء البحرين وواقع التحديات الكبرى(3)
نساء البحرين وواقع التحديات الكبرى(2)
نساء البحرين وواقع التحديات الكبرى(1)
إعدام الطاغية المسرح والستارة
هل تتكرر لعبة التنين؟!
ماراثون حواء أطول مما نتخيل!!
أحداث الكويت وإمارة طالبان الخفية!!
بعد وأد البنات.. نحر البنات
الجاهليون يولدون من جديد..!!
إشكالية توليفة الحداثة والتخلف(3-3)
إشكالية توليفة الحداثة والتخلف(2-3)
إشكالية توليفة الحداثة والتخلف(1-3)
سقوط دولة الخوف(3–3)
سقوط دولة الخوف(2–3)
سقوط دولة الخوف(1-3)
الطغاة الصغار
بازار الاغتيالات في العراق!
صادوه ·· صادوه ·· صادوه !!
  Next Page

ثلاثون عاما تكفي:
على محمود خاجه
البراميل المفقودة!!!:
سعاد المعجل
مظلة نووية إسرائيلية لحماية الخليج:
المحامي مصطفى الصراف
أهمية التعليم:
محمد بو شهري
"ضربة معلم":
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
رخص القيادة ومصطلح مقيم بصورة غير قانونية:
المحامي مبارك مجزع الشمري
لا ونعم:
فيصل عبدالله عبدالنبي
أبو ناصر الشمري:
د. محمد حسين اليوسفي
الطاغية .. ذلك المستبدة المحاط بالمعجبين!!·:
بدر عبدالمـلـك*
غربان وأبواق الأسرة الحاكمة:
علي باجي العنزي
لا تنسوا أو - تتجاهلوا - الحقائق!!:
عبدالله عيسى الموسوي
وزراء "كيد" ونواب "دجة"
..واستجواب بالثلاثة!:
خالد عيد العنزي*
بعد الإعدام:
يوسف الكندري