رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 26 محرم 1425هـ - 17 مارس 2004
العدد 1619

إشكالية توليفة الحداثة والتخلف(2-3)
بدر عبدالمـلـك*
* ???? ??????

ظلت بسبب الصراع ونتيجة له حقبة كاملة، تنظر فيها الإنسانية والحضارات المتعددة المعاصرة لبعضها البعض نظرة الريبة وغياب الثقة، مما جعل مفهوم الغزو الثقافي في حينها مقولة تثير الريبة والفوبيا المجتمعية والثقافية، فكانت الأيديولوجيات المناهضة حينذاك، تنظر للثقافة والحضارة الغربية والرأسمالية بصورة عدوانية، وترفضها بالمطلق، دون التمييز بين المؤسسات المدنية والمجتمعية للرأسمالية، وبين أسس النظام الرأسمالي وجوهره وسياساته الدولية خلال أكثر من قرنين، حتى لحظة انهيار الاشتراكية، غير أن ما يميز الأيديولوجية الاشتراكية في تلك المرحلة عن نظيرتها الأيديولوجية الأصولية الإسلامية المتطرفة حاليا، هو أن الأولى كانت تنظر للغزو الثقافي من جانب أيديولوجي، دون أن ترفض حضارة الغرب برمتها في مستويات حضارية عدة، وإن كانت تسقط كثيرا في تحليلات ميكانيكية إزاء فهم أن كل الثقافة والغزو الغربي، على أنه هو نتاج وأسلوب برجوازي مبطن، يستهدف في معركته اختراق البنى الاشتراكية، ابتداء من بنطلون الجينز والسنيما والموسيقى وانتهاء بتنظيرات فكرية وثقافية، فجاءت مفردة أو مقولة الغزو الثقافية كشبح يهدد العالم الثالث والاشتراكي، وكان من الضروري التصدي له مهما كلف الثمن، حتى وإن كلفت تلك الشعوب وقوعها في العزلة، كانت ألبانيا وكوريا الشمالية هي الأسوأ في شكلها للنموذج المغلق، وبالرغم من أن الاتحاد السوفييتي لم يسمح لشعوبه بالتحرك داخل الدولة الدستورية الفيدرالية بحرية كاملة فإنه مع ذلك لم تنجح دولة الستارة الحديدية في منع تسرب كل أشكال الثقافة الغربية إليه "الغزو المتوقع" وتحولت تلك الثقافة الى ثقافة سرية مقنعة، فكان مهربو العملات يوازون بكثرتهم مهربو الممنوعات الثقافية بشتى أشكالها، بل وساعد الحرمان والمنع على زيادتها وتوسعها، وخلقت شريحة جديدة وكبيرة أثرت في تلك الحالة أو الظاهرة، حيث الشعب أوسع حجما ودهاء من عدد وحجم الحزب الحاكم ودولة البوليس، وهذا ما نجده اليوم يتكرر في زمن الجمهورية الإسلامية في إيران، إذ ينتعش فيها كل أشكال الممنوع والمحرم، بينما الأيديولوجية الجديدة الأصولية المناهضة لحضارة الغرب الرأسمالي، لا ترفض فيه التحديث وحسب، بل وتنظر الى ظاهرة التغريب على أنها شر ينبغي رفضه واعتبار تلك الظاهرة عدوانية تحاول كنس الهوية وتهديمها من الجذور وهذا الرفض وهذه العدمية المطلقة، تجعل الثقافة العالمية في حالة من الإشكالية بين سيكولوجية وعقل الحداثة في مواجهة سيكولوجية وعقل التخلف، بين شعوب ودول دخلت كمرحلة مختلفة تماما عن مرحلة القرن الثامن عشر، إذ تزيل العولمة الحدود والسيادة بمعناها، ليس القانوني والسياسي التقليدي وحسب، وإنما بمعناها المعرفي والإنساني والتقني، ففي ثورة الاتصالات والمواصلات تتحول الإنسانية الى بيت عالمي متعدد الحجرات والأمكنة، بيت بمستودع واسع وفناء أمامي وخلفي لا يمكننا الانعزال عنه أو حتى إقصاء ذاتنا تعسفا، أو الاستغناء عنه أو هروبا منه، أو نمارس حصانة بمفردات عدة كررناها قبل قرن كامل عندما دخلت الدول العربية المستقلة الى مرحلة الحداثة، فكان سؤال الهوية هاجسا ظل وما زال مستمرا، وكانت تركيا المسلمة والعثمانية فعلا والعلمانية دستوريا متأزمة، ولم تحل إشكاليتها في الواقع العملي منذ أتاتورك، وكان الخوف من الآخر والتعامل معه في الوقت ذاته قائما، فلم ننجح نحن (المسلمين والعرب) في العيش بعزلة كاملة ومطلقة وفق إرادتنا ورغباتنا، فقد تدفقت البضائع ومعها الثقافة والعمالة والعلاقات بصورة رهيبة، واختلت القيم التقليدية، التي عرفها المجتمع التقليدي قبل قرن، فكان الهروب نحو الأصول نوعا من الاحتماء من الغزو المدمر وحماية الذات المضطربة، بهدف مواجهة طوفان التحديث، فقد كان التعليم الحديث يومذاك، ثورة ضد المجتمع التقليدي ومدارسه، وكان المسرح والإذاعة ومن ثم التلفاز ومراكز المدن الجديدة، مرتعا للفساد من منظور القرية المغلقة، فلم تر القرية البعيدة في المدن العربية الحديثة إلا مركزا للوظائف الحكومية والتقليعة والفساد والثقافة الجديدة والانبهار، وكان الطرفان المتناقضان نموذجا للصراع بين القرية والمدنية، والتعبير المتمثل في العملية التعليمية والتربوية، وظلت حالة الرهاب من النزعة والاتجاهات التحديثية تسود وسط المجتمع والفكر التقليدي، والذي يستمد أصالته وجذوره وحصانته من الثقافة الدينية وتكوينها الروحي في واقع المجتمع الإسلامي، وما وجدناه خلال النصف الثاني من القرن الأخير، ليس إلا تعبيرا واضحا عن صراع بين ثقافتين ومجتمعين لم تتبلورا في اتجاه التحديث العميق لأسباب عدة، من أهمها غياب الثورة الصناعية، التي لم تدخل العالم العربي والإسلامي من منبتها الأوروبي، وإنما عرقل الاستعمار تنمية تلك المناطق، فتحركت الدولة الوطنية الحديثة بين أسلوبين للإنتاج أو نماذج مشوهة عدة، وفي المحصلة لم نصبح دولا صناعية متقدمة هشمت نهائيا المجتمع التقليدي (العشائري، الطائفي، القبلي، الفلاحي)، كما لم نستمر على البقاء في مجتمعاتنا الريفية التقليدية (حل التناقض بين علاقات إنتاج قديمة وأسلوب إنتاج جديد)، التي كانت أكثر متوازنة مع سيكولوجيتها وواقعها وثقافتها ونمط عيشها السابق، فكانت مشدودة بين واقعين أنتج بالضرورة خلال التجاذب، انتصار القديم، إذ لم تكن عملية التحديث السياسي والثقافي والاقتصادي جوهرية، في مثل تلك المجتمعات المشوهة والمختلة يلجأ المجتمع في بحثه عن حلول عاجلة للمأزق، يجدها سهلة في الانشداد الى الماضي والوراء، مثلما تجد المرأة حينما تعمل مع رجل في مؤسسة مختلطة بأن الحجاب طريقة معبرة للمجتمع، بأنني امرأة محتشمة ولا ينبغي أن يفسر الناس أن زميلها الذي يوصلها بسيارته الى بيتها ينسج علاقة مجتمعية محرمة وممنوعة، تتخطى العلاقة المهنية، فيصبح الحجاب رادعا نفسيا وأخلاقيا لمجتمع يحمل قيما متناقضة تناقض العلاقة بين مفهوم البيت والعمل، والتي تنتج بالضرورة سلوكيات مشوهة تدفع في المحصلة بعزل المرأة عن الرجل بالتدريج، تبدأ بترجيعها للبيت كما حدث في فترة ما بعد الطفرة النفطية، وبالدخول الى أماكن نسائية بحتة، كالمطاعم، ويتحول المجتمع العام الى مجتمع خاص، ذكوري وأنثوي بوعي أو من دون وعي، وينسحب على أنماط عدة كالجامعة وقيم وعلاقات مجتمعية وإنسانية لا حصر لها، ويساهم في تلك المناخات مناهج وسلوكيات عدة، تروجها الدولة والمجتمع والمؤسسة والعائلة، فيتحول المجتمع برمته نحو مناهج التقليد والعودة للماضي تحت تعبيرات الهوية والتقاليد، وكلما رددنا مفردة مطاطية وواسعة وقابلة للتفسيرات نسقط في إشكالية حضارية متجددة، ومع منطق التغيير وواقع المتغيرات والمجتمع العالمي، محاولين الانتقاء من حضارة شمولية وكلية ما يناسبنا والوقوف برهبة وخوف متجدد من حضارة تنتمي لها الأجيال الحالية والمقبلة، ويشعرون أنهم ممزقون بين ثقافات عدة، بل ولا يمكنهم العودة للماضي، مثلما لا يمكنهم العيش بعزلة وتقنين تعسفي، حتى وإن وضعنا رقابة صارمة بهدف تخيلنا أننا نحمي ذواتنا من التغريب بحجة انتقاء التحديث·

ü كاتب بحريني

�����
   
�������   ������ �����
طبائع الاستبداد ومساوئ العباد!
الطاغية .. ذلك المستبدة المحاط بالمعجبين!!·
نساء البحرين وواقع التحديات الكبرى(3)
نساء البحرين وواقع التحديات الكبرى(2)
نساء البحرين وواقع التحديات الكبرى(1)
إعدام الطاغية المسرح والستارة
هل تتكرر لعبة التنين؟!
ماراثون حواء أطول مما نتخيل!!
أحداث الكويت وإمارة طالبان الخفية!!
بعد وأد البنات.. نحر البنات
الجاهليون يولدون من جديد..!!
إشكالية توليفة الحداثة والتخلف(3-3)
إشكالية توليفة الحداثة والتخلف(2-3)
إشكالية توليفة الحداثة والتخلف(1-3)
سقوط دولة الخوف(3–3)
سقوط دولة الخوف(2–3)
سقوط دولة الخوف(1-3)
الطغاة الصغار
بازار الاغتيالات في العراق!
صادوه ·· صادوه ·· صادوه !!
  Next Page

اتفاقية القضاء على أشكال التمييز هل أصبحت حبراً على ورق؟:
فيصل العلاطي
المندوب:
المحامي نايف بدر العتيبي
خيارات ما بعد الاستجواب:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
نظرية برزنسكي!!:
سعاد المعجل
إشكالية توليفة الحداثة والتخلف(2-3):
بدر عبدالمـلـك*
يوميات محمد في المحكمة(2)
القضاء يسجن من يؤمن بأقوال الرسول:
م. مشعل عبدالرحمن الملحم
آه·· لو كنتم تذكرون:
عبدالخالق ملا جمعة
الفساد:
يحيى الربيعان
إصلاحات الشرق الأوسط!:
عامر ذياب التميمي
معارضو الإصلاحات الأمريكية:
د. محمد حسين اليوسفي
العراق···العلماني؟(2):
نزار حيدر
"فرانكيشتاين" العراق الموقت:
خالد عايد الجنفاوي
سياسة "إسرائيل" التفاوضية مع الفلسطينيين(2/2):
د. جلال محمد آل رشيد
عرضت فيلم المقابر الجماعية
الفضائية العراقية فضائية الحرية والسلام:
حميد المالكي
وجهــــــــان لعملة واحدة:
عبدالله عيسى الموسوي
من وراء العمليات الإرهابية في "عاشوراء"؟!:
رضي السماك