رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 السبت 2 - 8 رمضان 1422هـ الموافق 17 - 23 نوفمبر 2001
العدد 1503

العرب بين التطرف والعولمة!
عامر ذياب التميمي
tameemi@taleea.com

إن المؤكد أن أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) قد هزت أوضاعاً كثيرة، ليس في الولايات المتحدة ولكن في بلدان عدة، من الشرق إلى الغرب·· ولا شك أن البلدان العربية هي الأكثر تأثراً بعد الغرب، هكذا يقول المنطق، حيث إن الإرهابيين الذين قاموا بتلك الأعمال الإجرامية نشؤوا وترعرعوا في بلدان العرب وتشربوا ثقافة التطرف والعنف والإرهاب في مدارسها وفي دكاكينها السياسية·· كيف يمكن أن تتصالح الثقافة العربية مع الثقافة الإنسانية وتتعايش مع القيم الحديثة في عالمنا المعاصر؟ هذا السؤال لابد أن يكون محورياً ومهماً لمواجهة استحقاقات التفاعل مع الآخرين·· لقد تشرب العرب، وخلال أجيال متعددة، على مدى سنوات القرن العشرين، ومن مدارس سياسية متباينة، تشربوا مفاهيم وقيماً معادية للآخرين، وللغرب على وجه الخصوص، واعتمدوا فلسفة سياسية تؤكد أن معظم المصائب والمحن التي مروا بها هي نتاج للسياسات التي اتبعتها تلك الدول الغربية الرئيسية في تعاملها مع القضايا العربية، وخصوصاً القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي·· ولا ريب أن هناك الكثير من السياسات التي انتهجتها الدول الرئيسية في العالم تجاه العرب لم تكن متوازنة، وربما متحيزة، لكن هل كانت تلك السياسات فقط هي المسؤولة عن تدهور أحوال العرب؟

لابد من الإقرار بأن المعضلة الأساسية التي تعاني منها الثقافة السياسية العربية هي معضلة عدم الواقعية، وعدم مواجهة الامتحانات الصعبة بما يتوافق مع إيجاد حلول ممكنة ومواتية·· وليس هناك من دليل على أن العرب تعاملوا مع معضلاتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية على أسس عقلانية تمكنهم من تجاوز المحن والانطلاق نحو التنمية والتمدين على أسس واقعية·· بل إن كل من يطرح أفكاراً أو مقترحات جديدة للتعامل مع الأزمات لا تتوافق مع التيار الشعبوي العام يخون وربما تتم تصفيته سياسياً ومادياً دون ذرف دمعة·· كما أن العقل العربي الجمعي لايزال معادياً للواقعية والعقلانية ويتعامل مع الأحداث من خلال رؤية مبسطة·· هناك مواقف أكدت انعدام الواقعية اتضحت بعد احتلال العراق للكويت وكيف وقفت الجماهير العربية وقيادات الحركة الثقافية مع النظام العراقي، ورفضت تحرير الكويت من قبل قوات التحالف الدولي والذي حظي بقرارات واضحة من قبل الأمم المتحدة· كما أن الأحداث الراهنة والحرب ضد الإرهاب في أفغانستان أكدت أن هذا العقل العربي مازال مأزوماً ومشوشاً·

إن السؤال الكبير الذي يلح على المرء هو كيف يمكن أن نجعل من العرب قادرين على مواجهة التحديات العصرية وتفهمها ومن ثم معالجة الأزمات العربية على أسس حضارية منسجمة مع مفاهيم الحضارة الإنسانية··؟ هل تستطيع أنظمة التعليم السارية أن تحول الملايين من الشباب العرب وصغار السن الذين مازالوا يتلقون علومهم في المدارس الغربية والجامعات إلى طاقات منتجة ومتفتحة على العالم، بدلاً من أن تجعل منهم أدوات إرهاب وقوى مخربة معادية للحرية والانفتاح؟ أستطيع أن أزعم بأن المعالجة لابد أن تبدأ بأنظمة التعليم ومناهج الثقافة بحيث تجري مواجهة شاملة لكل المناهج المدرسية التي دأبت على مدى عقود طويلة على تغذية الصغار والشباب بالفكر الظلامي والمتشبع بثقافة الحقد·· كما يجب عدم تسخير الدروس الدينية لتأصيل فكر معاداة الأمم والديانات الأخرى·· أهم من ذلك يجب أن يكون التعليم وسيلة لنشر الفكر المتحرر من العقد والخزعبلات، ويمكن المتلقين من تطوير ملكة الإبداع والمبادرة والنقد، وأيضاً القدرة على الاستفادة من الآخرين في مجالات العلم والأدب والتكنولوجيا·

وإذا كان التعليم مهماً وأساسياً في تطور العقل العربي، ويستدعي تعديلات ضرورية في بنية المناهج وأساليب التدريس ونوعية العاملين في سلك التدريس فإن هناك أهمية كبرى لمعالجة الإعلام العربي وتأثيراته السلبية على جماهير واسعة·· قبل سنوات كانت هناك شكوى من الاحتكار الحكومي للإعلام، من إذاعات ومحطات تتلفزيونية، حيث تميز ذلك الإعلام بالتسطيح والتبسيط وبث قيم إعلامية تؤكد أن الأمور على أحسن ما يجب أن تكون دون محاولة لمعالجة القضايا والمشكلات، لكن ما يجري الآن على الصعيد الإعلامي، وبعد انتشار القنوات العربية الفضائية، المستقلة وشبه المستقلة، يؤكد أن الحقيقة لاتزال بعيدة عن الطروحات الإعلامية المختلفة·· بل إن هذا الإعلام المستجد على الساحة العربية ينشر أكاذيب وخزعبلات سياسية، ويؤجج المشاعر البغيضة لدى الجمهور العربي·· إن برامج الحوار الكثيرة في قنوات الإعلام العربي أكدت أن المتصدين لها هم أبعد من أن يكونوا نماذج للعقلانية والاتزان عند طرح قضايا العرب المعاصرة·

كيف، إذاً، نستطيع أن نواكب طروحات العولمة ونتفاهم مع الآخرين حيث إننا لا يمكن أن تفترض بأننا قادرون على إيجاد الحلول للمشكلات والمعضلات التي تعاني منها بلداننا ومجتمعاتنا دون التواصل مع بقية بلدان العالم؟ كما أننا لا يمكن أن ننعزل عن العالم  بفعل ترابط مصالحنا الاقتصادية مع الدول الصناعية والدول النامية، ولا يمكن أن نستغني عن التعامل مع هذه الدول إذا أردنا أن نحافظ على مستوى اقتصادي ملائم·· ولذلك لا يستقيم الأمر لبناء هذه العلاقات وتطوير هذه المصالح دون أن نتمكن من بناء ثقافة مواتية تتيح لنا التواصل مع مختلف الشعوب والأمم والديانات وتجعل منا مقبولين، وفي الوقت ذاته تمكننا من الحوار مع تلك الأطراف دون عداء وتوتر·

�����
   

مناقشات المجلس:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
في فكر الغلو:
د.مصطفى عباس معرفي
المتغير في الثقافة العربية والغربية:
يحيى الربيعان
الخروقات الشرعية:
كامل عبدالحميد الفرس
العرب بين التطرف والعولمة!:
عامر ذياب التميمي
الجينات السلفية:
سعاد المعجل
المتعصبون والكويت 1 – 2:
د. محمد حسين اليوسفي
علاقة غريبة تدفع بوطن وشعبه إلى الهاوية:
مطر سعيد المطر
مبارك الدويلة والحسينيات:
عبدالهادي الصالح
شرار ولعبة الأسعار:
عمر اليوسف
من السيد إلى السيد:
عادل رضـا
القرار الغائب:
المهندس محمد فهد الظفيري
دعوة للاختلاف:
بدر العليم