رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 السبت 2 - 8 رمضان 1422هـ الموافق 17 - 23 نوفمبر 2001
العدد 1503

مبارك الدويلة والحسينيات
عبدالهادي الصالح

يؤسفنا أن يضع النائب الإسلامي مبارك الدولية الحسينيات في مصاف معابد السيخ في معرض انتقاده للحكومة لسماحها لهذه المؤسسات بينما تتجه إلى إغلاق أكشاك العمل الخيري - على حد تعبيره  المنشور في الصحف اليومية 5 و6 نوفمبر 2001 - برغم أن مصطلح الحسينيات في أصله ينسب للإمام الحسين عليه السلام سبط النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسيد شباب أهل الجنة باتفاق المسلمين· فهل من اللائق ومن الاحترام لقدسية النبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته الميامين “عليهم السلام” أن يوضعوا في مصاف المعابد الوثنية حيث عبّاد البقر! ألا يعتبر ذلك من المساس بقدسية المسلمين الذي يعاقب عليه القانون·

وإذا كان قرار إغلاق اللجان والأكشاك غير المرخصة موجعة فلماذا انتقى من مجتمعنا الذي يحفل بالتجاوزات وتخطى القوانين كالمخيمات والدواوين والشاليهات والحدائق التي تقام على أراضي الدولة من دون ترخيص، انتقى الحسينيات بالذات أليس أولى أن ينتقد الديوانية التي دعت إلى الندوة التي شارك فيها وألقى فيها هذا الغث وهذا النفس الطائفي المقيت، من دون ترخيص؟

أما إذا كانت مثل هذه الندوات إقراراً لعرف كويتي مستجد يجعل الديوانية متنفساً لحريات الرأي، فإن الحسينيات لعلم الأخ مبارك الدويلة هي مؤسسات دينية نشأت هنا مع نشأة الكويت القديمة بل وشارك الأهالي سنة وشيعة في بنائها والتبرع في تكاليفها ومنهم أمراء وشيوخ الكويت، وما هذا إلا إقرار واعتراف بعرف كويتي قديم وأصيل ينطلق من التسامح الديني الذي جبل عليه أهل الكويت قبل أن تغزوه الأفكار والحركات والأحزاب التي تسفه معتقدات الآخرين وتصادر حقهم في العبادة والتدين بحسب قناعاتهم المنطلقة من العقيدة الإسلامية من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم· وهي في الأصل لا تحتاج إلى ترخيص مثلما هي الحال في دواوين الكويت العامرة اليوم بالندوات والمحاضرات  التي تلقى عبر المايكروفونات ويحضرها عادة جمهور غفير من المنطقة ومن خارجها!

وإذا كان الأخ الدويلة حريصاً على التشريع القانوني في خصوص المعابد والحسينيات والمساجد فهذه مسؤوليته التي أقسم على الوفاء بها بإخلاص فليهب الآن ويقترح قانوناً ينظم إنشاء الحسينيات والدواوين بدلاً من أن يحاول تأليب الحكومة على الحسينيات كونها لا تنسجم مع معتقداته الدينية التي نحترمها، بل إنها محاولة سمجة للأسف الشديد لإحراج الحكومة وابتزازها مكرراً في ذلك ما قيل لأقطاب السلطة من قبل من يمثل أفكار وتيار الأخ الدويلة نفسها، وذلك في مناسبات سابقة كانت الحكومة تحاول أن تغلق اللجان الخيرية·

لكن مع هذا كله فإن حسن النية يفترض أن النائب المحترم مبارك الدويلة ينطلق من الوفاء بتطبيق المبادئ الدستورية التي تنادي بالعدل والمساواة بين المواطنين وتكافؤ الفرص بينهم كما جاء ذلك في سياق المواد 7 و8 من دستور الكويت فلا يسعنا إلا أن نقول له أهلاً ومرحباً بك واضعين أيدينا بيديك وكل طاقاتنا معك من أجل التعاون في تطبيق هذه المبادئ السامية التي نادى بها الإسلام قبل أن تدون في الدساتير والمواثيق الإنسانية· بل إنك بهذا تقوم بخدمة جليلة للكويت وللكويتيين الذين لايزال منهم من يعاني أشد المعاناة من انتهاك مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص والعدالة· ووصلت هذه المعاناة إلى أقدس شيء يمكن لأي مسلم أن يفتخر به ويدافع عنه، وهو حق العبادة التي هي ألصق الحقوق الشخصية إلى المرء وهو ما عبرت عنه المادة 35 من دستور الكويت “حرية الاعتقاد مطلقة، وتحمي الدولة حرية القيام بشعائر الأديان طبقاً للعادات المرعية، على ألا يخل ذلك بالنظام العام أو ينافي الآداب”·

فهل تعلم يا أبا معاذ أن المسجد الذي يحتاجه المواطنون الشيعة في الكويت يستغرق نحو 15 سنة حتى تتم الموافقة عليه في أحسن الأحوال النادرة وإلا فهي مرفوضة في الأغلب الأعم وإذا كنت تطالب الحكومة بالمساواة في المكتسبات بين المواطنين دون تفرقة بين السماح للحسينيات وغلق اللجان فإن العدالة والمنطق السليم يدعوانك لفتح الملف بأكمله في التعليم الديني ابتداء من المراحل الدراسية التقليدية إلى المعهد الديني حتى كلية الشريعة في جامعة الكويت، أليس أصحاب ومرتادو الحسينيات لهم الحق كمواطنين كويتيين أن يجدوا من يعلم ويدرس أبناءهم عقيدتهم وشؤونهم الفقهية وهل أنصفهم الإعلام الديني في الإذاعة والتلفزيون ليستمعوا إلى فتاواهم الدينية·

وأين تكافؤ الفرص بين جمعيات عدة وعشرات اللجان التي تعمل في الحقل الخيري وبين مواطنين لا يملكون شيئاً من ذلك فهل أصبح حتى العمل الخيري مقتصراً على فئة من الناس دون علاوة على مؤسسات وقفية وشرعية ومالية تقتصر على اجتهاد ديني دون الفقه الجعفري·

وهكذا فإن الملف كبير والشق واسع وحتى تكون أميناً على قسمك ووفياً بعهدك ينبغي عليك أن تعمل لإزالة هذا الإجحاف عن مواطنيك من منطلق أنك نائب في مجلس الأمة تمثل الأمة بأسرها فلا يقتصر تمثيلك لجماعتك أو تجمعك أو ربعك ومن يلوذ بك· فعليك أن تسعى حثيثاً على أن تقيم مبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين كافة لاسيما في الأمور الدينية وأنت تنادي دائماً بالمصالح الدينية، فهل أصبحت الحسينيات هدفك الآن لتقضي على البقية القليلة من حقوق مواطنيك الشيعة، وهل أوجعك أن تكون الحسينية عظيمة بعطائها الذي يتنسم من كربلاء الحسين عبيراً عطراً “إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي أريد أن آمر بالمعروف وأن أنهى عن المنكر” فهل هذه الأهداف لا تروق لك!

�����
   

مناقشات المجلس:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
في فكر الغلو:
د.مصطفى عباس معرفي
المتغير في الثقافة العربية والغربية:
يحيى الربيعان
الخروقات الشرعية:
كامل عبدالحميد الفرس
العرب بين التطرف والعولمة!:
عامر ذياب التميمي
الجينات السلفية:
سعاد المعجل
المتعصبون والكويت 1 – 2:
د. محمد حسين اليوسفي
علاقة غريبة تدفع بوطن وشعبه إلى الهاوية:
مطر سعيد المطر
مبارك الدويلة والحسينيات:
عبدالهادي الصالح
شرار ولعبة الأسعار:
عمر اليوسف
من السيد إلى السيد:
عادل رضـا
القرار الغائب:
المهندس محمد فهد الظفيري
دعوة للاختلاف:
بدر العليم