رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 السبت 2 - 8 رمضان 1422هـ الموافق 17 - 23 نوفمبر 2001
العدد 1503

شرار ولعبة الأسعار
عمر اليوسف

تعتقد الحكومة بأنه أفضل وسيلة للضغط على أعضاء المجلس هو اللعب بورقة الشعب ويعتقد معظم أعضاء المجلس أن أفضل طريقة للهجوم على الحكومة هي استخدام المناورات الشعبية ولهذا كان لزاما على الشعب أن يكون المفعول به لكل من الفاعلين الحكومة والمجلس فهو أجمل دمية بيد النواب وأقدم دمية بيد الحكومة!!

ولعل التصريح الذي أدلى به ممثل الحكومة ضيف الله شرار في الخامس من نوفمبر الجاري وأمام أعضاء المجلس لهو دليل على هذه الفرضية حين قال إن “الحكومة ربما ستقترض لكي تتمكن من دفع رواتب المواطنين بسبب انخفاض أسعار النفط” حيث كان لتصريحه هذا الأثر السيئ الذي أرعب قلوب أفراد الشعب الكويتي خوفا على مصدر رزقهم الوحيد وخلق الحزن الذي ساد قلوبهم للحال التي وصل إليها وطنهم بعدما كان من أغنى الدول في العالم· وكيف لا يحزن هذا الشعب وهو الذي جمع في يوم واحد فقط ما يقارب العشرة ملايين دولار كمساعدة لشعب أفغانستان، وكيف لا يحزن هذا الشعب وهو يرى حكوماته المتعاقبة تفشل واحدة تلو الأخرى في لملمة الاقتصاد وتدعيمه!!

وقد يعلم الوزير شرار وتعلم الحكومة من قبله أن المواطن الكويتي ليس له مورد رزق سوى راتبه الذي يتقاضاه كل شهر لينفقه في نصف الشهر نفسه، ولهذا فإن مثل ذلك التصريح لم يكن من فلتات اللسان التي سيعتذر عنها شرار للشعب الكويتي بل كان مدروسا بعناية فائقة ومرتبطا بقضية برلمانية أو قضايا عدة وموجها إلى أعضاء المجلس كتهديد مبطن لسحب قضاياهم تلك·

ولكن مهما يكن الهدف من هذا التصريح فإن ما يمكن استنتاجه بأن شرار قد ظلم نفسه أولا وظلم شعبه ثانيا وظلم وطنه قبل كل شيء!!

ولهذا كان لا بد للمجلس من أن يقف وقفة رجل واحد أمام هذا التصريح المخجل والذي ربما لو تلفظه وزير ما في إحدى الدول الفقيرة بالعالم لكان مصيره كمصير من سبقوه ممن يتربعون الآن في زوايا دواوينهم الخالية!!

وقد علق أحد الوزراء السابقين بعد تلك الجلسة بقوله إن تصريح شرار كان كالصاعقة التي أزعج صوتها أركان الكويت حيث لم يكن هذا التصريح مناسبا من حيث الزمان والمكان·

وثمة نصيحة أقدمها لشرار وهو أنه لا يخفى عليه أن الشعب الكويتي يتكون من فئتين: الأولى تعتمد على رواتبها، والثانية تعتمد على شفط رواتب الأولى، ولهذا فإن مثل هذا التصريح سيضخم آلات الشفط التي تعتمد عليها الفئة الثانية وعندما لا تجد هذه الفئة ما تشفطه من المواطن فإنها ستركز جهودها للشفط من أبواب المال العام!

والغريب في الأمر هنا هو أن الحكومة لا يوجد في مخازنها أحزمة ذات مقاسات كبيرة وإنما تعتمد فقط على تسويق الأحزمة النحيفة ذات المقاسات الكادحة، أيعقل أنه كلما انخفضت أسعار النفط في العالم استغلته حكومتنا لجلد المواطنين ولماذا يدفع هؤلاء المواطنون ثمن فشل الحكومة باستراتيجياتها غير المدروسة ولماذا لا يدفع ثمن هذا الفشل وزير النفط مثلا حيث إنه المسؤول الأول عن رسم وتنفيذ الاستراتيجيات التي تواكب تقلبات الأسعار؟!

يقول أحد المواطنين ردا على تصريح شرار إنه عندما ترتفع أسعار النفط في العالم يخرج إلينا الوزير شرار ليقول إن الأرباح تم تحويلها إلى صندوق الأجيال القادمة وعندما تنخفض أسعار النفط يخرج إلينا بنفسه ليقول إن الخسائر ستتحملها الأجيال الحالية! فمتى سنصبح نحن من الأجيال القادمة التي لا أحد يعلم غير الله سبحانه من أين ستستلم رواتبها إن كان أحد وزرائها كالأخ شرار؟

ولعل أفضل تعليق سمعته على تصريح الوزير شرار هو أن الحكومة السرخسية برغم تصديرها للنفط منذ أكثر من خمسين عاما لم تستفد من هذه الخبرة المتراكمة لديها وتبدو وكأنها سنة أولى في سوق النفط وعالم الاقتصاد على الرغم من أن رجالات الدولة قديما عبروا أحلك الظروف وأقسى المحن كالحرب العالمية الثانية وحرب المعسكرين الشرقي والغربي من دون أن يتأثر المواطن أو حتى يشعر بشيء، بل على العكس من ذلك فقد كانت الحكومة تغدق من عطائها للمواطن كلما كانت هناك كارثة عالمية لتشعره بأنه بين أيد متينة وأمينة ليس كمثل ما نعايشه الآن حيث انعدمت الثقة بين المواطن واقتصاده·

والظاهر لنا أن حكوماتنا المتعاقبة لا ترث من بعضها بعضاً إلا السلبيات فكلما ولدت لدينا حكومة جديدة خجلت من أن تبرز حسنات من سبقها، أي أنه كلما جاءت أمة لعنت أختها وجعلت من نفسها المصلح الذي سيعالج الجروح التي خلفها من سبقه إلى أن يأتي على المواطن يوم يجد نفسه الجاني والمجني عليه·

�����
   

مناقشات المجلس:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
في فكر الغلو:
د.مصطفى عباس معرفي
المتغير في الثقافة العربية والغربية:
يحيى الربيعان
الخروقات الشرعية:
كامل عبدالحميد الفرس
العرب بين التطرف والعولمة!:
عامر ذياب التميمي
الجينات السلفية:
سعاد المعجل
المتعصبون والكويت 1 – 2:
د. محمد حسين اليوسفي
علاقة غريبة تدفع بوطن وشعبه إلى الهاوية:
مطر سعيد المطر
مبارك الدويلة والحسينيات:
عبدالهادي الصالح
شرار ولعبة الأسعار:
عمر اليوسف
من السيد إلى السيد:
عادل رضـا
القرار الغائب:
المهندس محمد فهد الظفيري
دعوة للاختلاف:
بدر العليم