رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 السبت 23 صفر 1424هـ - 26 أبريل 2003
العدد 1574

الكويت والثقافة العربية
عامر ذياب التميمي
tameemi@taleea.com

ظلت الكويت تعتمد على مناهل الثقافة العربية منذ بداية عهد التعليم في الكويت في عام 1911، واختلط المتعلمون الكويتيون منذ زمن بعيد مع مثقفي الأمة العربية وتربوا على مفاهيمهم السياسية والفكرية··· ومنذ بداية عصر النهضة في الكويت بعد أن حبا الله البلاد بالثروة النفطية وعوائدها في بداية الخمسينات من القرن العشرين اعتمد الكويتيون على العرب لتعليم أبنائهم وبناتهم وتحزبوا لقيم الفكر القومي العربي أو مفاهيم الإسلام السياسي، واستطاعت الأحزاب القومية والإسلامية العربية مثل حركة القوميين العرب، وحزب البعث، والإخوان المسلمون من السيطرة على العقل السياسي في الكويت وتم استيعاب مئات من النشطاء في تنظيماتهم·· ولم يتوان الكويتيون عن التفاعل مع الأحداث العربية منذ بداية الأزمة الفلسطينية في عام 1936 والنكبة في 1948، ثم تجاوبوا مع ثورة 23 يوليو 1952 في مصر وحرب السويس عام 1956 وانقلاب 14 تموز 1958 في العراق وهزيمة 7 يونيو 1967 والعبور عام 1973 وغيرها من أحداث عربية··· ولا شك أن الكويتيين قد تجاوزوا الحدود المنطقية في اندفاعهم القومي لدرجة إنهم اندفعوا في تأييد نظام صدام حسين المقبور عندما شن حربه الظالمة على إيران في سبتمبر عام 1980، ولم يكن من السهولة إبداء المعارضة لتلك الحرب من قبل عدد من الذين احتفظوا بلياقتهم الفكرية واستطاعوا أن يكتشفوا عقم السياسة التي أدت الى تلك الحرب العبثية·

لكن الكويت لم تتوقف عند هذه المواقف الفكرية والسياسة بل سعت الى نشر ثقافة عربية واسعة من خلال أجهزتها الإعلامية ومؤسساتها الثقافية وسخرت المجلات والدوريات الممولة من الخزينة العامة لتعميم ثقافة عربية في مختلف البلدان العربية، وقد بدأ ذلك منذ عام 1958 عندما أصدرت مجلة العربي التي حظيت بانتشار كبير في مختلف بلدان المشرق والمغرب، وتلا ذلك إصدارات مهمة تولاها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب مثل، عالم الفكر والثقافة العالمية وعالم المعرفة وغيرها من دوريات متخصصة في المجالات الثقافية والفنية··· ومما لا ريب فيه أن تلك المجلات والدوريات قد خضعت لإدارة وإشراف مثقفين عرب من مصر وفلسطين وغيرها من بلدان عربية مشرقية، وهؤلاء بطبيعة الحال، كانوا من المدارس السياسية القومية واليسارية الذين كيفوا تلك الدوريات بما يتوافق مع مفاهيمهم الفكرية والعقائدية، كذلك فعل الإسلاميون العرب مع المجلات والدوريات التي تولوا إدارتها في الكويت، ولم تتمكن هذه المساعي الثقافية الواسعة والمكلفة أن تبرز قيما ثقافية ذات طابع إنساني أو تبشر بطروحات ليبرالية تعزز النزعة نحو الديمقراطية، أو تسعى لإبراز المدارس الفكرية الحديثة في العالم بشكل يبين إمكانية التباين مع عناصر الثقافة العربية المهيمنة·· هذا الواقع أكد أن الكويتيين لم يكونوا في مواقع، أو على قدرة، تؤهلهم لخلق ثقافة متميزة ذات بعد إنساني وتقدمي وديمقراطي المنحى·

لكن زلزال الاحتلال أحدث تطورات ثقافية مهمة في الكويت حيث عاد الوعي لكثير من الكويتيين، وإن لم يكن أغلبهم، بحيث أخذوا يتساءلون عن النبأ العظيم وكيف يمكن أن يحدث ذلك الاحتلال من قبل نظام سياسي تعاطفوا معه وآزروه في مصائبه ودعموه في حربه ضد إيران وتفهموا استبداده لشعبه، دون وجه حق طبعا، ولردح طويل من الزمن ماذا جرى؟! وأكدت أحداث الغزو والاحتلال مدى سذاجة مثقفي الكويت ونخبتها السياسية وتناقض مواقفهم السابقة مع ارتباطهم بالديمقراطية ودستورهم الليبرالي النزعة، وكما هو معلوم أن عوامل الإحباط والشعور بالغبن من قبل الكويتيين تجاه النخب المثقفة العربية في دول عربية كثيرة مثل الأردن واليمن ومصر وسورية ولبنان وبلدان المغرب العربي قد أدت الى خلق جفوة لأمد غير قصير، لكن بعد حين عاد الكثير من المثقفين العرب وحلوا ضيوفا على مهرجانات الثقافة في الكويت، دون أن يضطروا الى تعديل مواقفهم من الغزو والاحتلال، كما أن الكثير منهم استمروا كتابا في الصحف والمجلات والدوريات الكويتية، حكومية كانت أم خاصة، كما ارتفع عدد الكتاب من ذوي التوجهات الإسلامية من العرب في صحافة البلاد، ولم يتورعوا عن نقد السياسات الهادفة لردع الإرهاب والتبشير بقيم ثقافية جديدة·

بيد أن ما حدث خلال الشهور الأخيرة ومنذ بداية التحضير لإسقاط نظام صدام حسين والبعث في العراق، بعد حرب أفغانستان وأحداث 11 سبتمبر 2001، أكد بما لا يدع مجالا للشك أن الكثير من مثقفي العرب لم يترددوا عن النيل من الكويت ومواقفها السياسية، فالشعب العراقي يعاني من قهر واستبداد نظامه، ولم يبذلوا جهدا لنقد مواقف النظام وفضح جرائمه·· إن من تابع الحوارات في القنوات الفضائية العربية أو ما نشر من مقالات في الصحف العربية، والخليجية، يستطيع أن يسرد قائمة بأسماء عربية كثيرة وقفت بشكل ظالم ضد الكويت ودورها في تحرير العراق··· هؤلاء الذين ما زال تلفزيون الكويت يستضيفهم وتفتح مجلة العربي صفحاتها ليكتبوا فيها وتستجديهم صحفنا الوطنية للمساهمة بمقالاتهم فيها، يجب أن نعيد النظر في علاقاتنا الثقافية بهم··· ليس ذلك رد فعل ومحاولة عقابهم على مواقفهم، ولكن لكون تلك المواقف ذات ضرر كبير على القرّاء وعلى الثقافة العربية بشكل شامل، حيث إنهم لم يكونوا موفقين لكشف الحق من الباطل أو للدفاع عن قيم الحرية والديمقراطية، ولذلك ليس هناك من مبرر لفسح المجال أمامهم في قنواتنا الثقافية ووسائلنا الإعلامية أو استضافتهم في فعالياتنا الثقافية ومواسم القرين وغيرها من احتفاليات المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، المطلوب أن ندعهم ينشرون غثهم من خلال وسائل أخرى بعد أن توقف النزيف المالي من العراق عليهم·

لقد بات ضروريا أن تعتمد الكويت على استراتيجية ثقافية جديدة تستوحي قيما إنسانية معاصرة وتجتهد بعقول أبناء الكويت، والذين لا بد أنهم قد استفادوا من تجاربهم وأصبحوا أكثر إدراكا كما هو مطلوب للتواصل مع الثقافة الجديدة في هذا العالم المترامي الأطراف، ولم يعد مقبولا أن تكون مساهمة الكويتيين في الدوريات والمجلات الأساسية، مثل العربي وعالم الفكر وغيرها بحدود لا تتجاوز العشرة في المئة في أحسن الأحوال، ليس المطلوب تطوير ثقافة كويتية ذات أفق ضيق بل المطلوب هو تجاوز ضيق أفق الثقافة العربية من خلال وعي وثقافة أصيلة ومتجددة وبقدرات وطنية، قد تكون المهمة صعبة ولكنها ليست مستحيلة وتتطلب تعزيز الاعتماد على العناصر الوطنية وتأهيلها ودفعها للتواصل مع كل أطياف المثقفين، عربا وأجانب، وكذلك تأكيد القدرة على الجدل والحوار الموضوعي والتحرر من إشكاليات القيم المؤدلجة، قومية أو إسلامية أو يسارية··· أي أن المطلوب هو فكر وطني متحرر قادر على الاستيعاب والتسامح وضبط الإيقاع على ثقافة إنسانية·

tameemi@taleea.com   

�����
   

نهوض العراق (1 - 2):
د.عبدالمحسن يوسف جمال
الانكفاء إلى الداخل!!:
سعاد المعجل
أربعينية كربلاء ·· سلاح التحرير:
د· بدر نادر الخضري
الحرب والإعمار:
يحيى الربيعان
البخل والسفه:
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
الكويت والثقافة العربية:
عامر ذياب التميمي
سقوط الفضائيات العربية:
د. محمد حسين اليوسفي
إبريل الأسود!!:
عبدالله عيسى الموسوي
رسالة إلى السيد وولفويتز:
صلاح مضف المضف
صندوق الانتخابات ·· محدد لحاكم العراق التالي:
د. جلال محمد آل رشيد
الدين والدولة واجتماع الناصرية:
حميد المالكي