رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 السبت 23 صفر 1424هـ - 26 أبريل 2003
العدد 1574

ألفـــاظ و معـــان
البخل والسفه
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله

يهمل المدرجون للرأسمالية الغربية دراسة تاريخها، فهي في النهاية نمط إنتاج ونسق مجتمع وفكر له بداية وتطور وبالقطع نهاية، وإذا كان عقلاء البشر لا يغامرون بالتنجيم عن متى وكيف، فإن النشأة معروفة ومؤكدة ومن ثم يتعين التعرف على الظروف التي صنعتها، وتعود تلك البدايات الى القرن السادس عشر، وبقراءة التاريخ المجتمعي وليس السياسي والحربي تبرز ثلاثة أمور كانت حاسمة في مولد الرأسمالية وانتشارها وتطورها·

ويطلق الاقتصاديون على أولها اسم: “التراكم المالي أو الرأسمالي”، فقد تجمع الثراء لدى فئات من التجار المشتغلين بما يسمى “التجارة البعيدة” ويعني استيراد السلع الترفيهية التي تنتجها الهند والصين أساسا لبيعها لسادة الإقطاع بأثمان لا يقدر عليها أحد من خارج تلك الطبقة الحاكمة في أوروبا آنذاك، وكان هذا النشاط يأتي عبر وسط آسيا حتى أرض الشام ومنها تنقل المنتجات برا وبحرا لجنوب أوروبا “طريق الحرير المشهور” ولم يكن ثمة مجال يذكر للتجارة الداخلية، حيث كان المستهلك يقصد جبرا فئات الصناعة الحرفية من دون وسيط، الأمر الثاني ماجد في مجال التراكم المالي من تغير بالغ الأهمية يتمثل أساسا في حركة الإصلاح الديني التي دافعت عن مفهوم أن الثروة نعمة إلهية، وهي قرينة على أن صاحبها فاضل· ومقابل تلك النعمة التزام من فاز بها بزيادتها وتنميتها باستمرار، وبلغة الاقتصاد اعتبر الادخار فضيلة كبرى، وذلك بعكس ما كانت تقول به كنيسة روما من أن الفقراء أحباب الله لأن الثروة تيسر لأصحابها سبل الفسق· وهكذا اقتحم المسيحيون مجال الإقراض بفائدة مرتفعة والذي كان قبل ذلك مقصورا على اليهود “انظر مسرحية شكسبير الشهيرة: تاجر البندقية”، وانتشرت البنوك في البداية في سهل لومبارديا في شمالي إيطاليا القريب من روما، وحتى الآن تستخدم أحيانا في الأعمال المصرفية والمالية كلمة لومبارد·

وفي الفترة الزمنية نفسها تطورت الفلسفة والعلوم الطبيعية والرياضيات بشكل ثوري، وكان كبار المفكرين يرتادون “صالونات” أثرياء التجار والمشتغلين بالإقراض في صوره المختلفة حيث كانت هاتان الفئتان مرفوضتين في صالونات الأمراء والنبلاء، وهكذا تشكل منها تطور ثقافي للآداب والفنون وولد علم الاقتصاد، أي أن التراكم المعرفي صاحب التراكم الرأسمالي·

أما الأمر الثالث فكان ببساطة نهب ثروات القارات الأربع الأخرى بدءا بمناجم الذهب في بيرو والفضة في الأرجنتين الى حرير الصين وخزفها وأوانيها وتحفها الى القمح والقطن “أمريكا الشمالية” والبن “البرازيل” والشاي من الهند الى الاستيطان في الأرض بعد تصفية أهلها·

ويبرز هنا سؤال مهم هل يمكن في القرن الحادي والعشرين أن يتكرر هذا النمط الذي يسيطر كباره على العالم؟ خير إجابة قرأتها على هذا السؤال جاءت في آخر كتاب لمؤسس مدرسة أمريكا اللاتينية في الاقتصاد والتنمية: راؤل بريبش في آخر دراسة له قبل وفاته عن 85 عاما بقليل مطورا لنظرية القلب والتخوم “أو المركز والأطراف” وبعد تحليل عميق لخص الأستاذ الكبير أهم الفروق بين رأسمالية القلب ورأسمالية التخوم فقال:

(1 كانت رأسمالية القلب مبدعة في حين أن رأسمالية التخوم محاكية·

(2 كانت رأسمالية القلب طبقة مدخرة في حين أن رأسمالية التخوم طبقة مستهلكة·

ولعل ما دفعني الى هذا الحديث ما أسمعه عن الإنفاق البذخي والمظهري في محيط من يسمون أنفسهم رجال الأعمال، اللهم إني أدعوهم للادخار وليس للبخل، والى الحكمة في الاستهلاك بدل السفه·

�����
   

نهوض العراق (1 - 2):
د.عبدالمحسن يوسف جمال
الانكفاء إلى الداخل!!:
سعاد المعجل
أربعينية كربلاء ·· سلاح التحرير:
د· بدر نادر الخضري
الحرب والإعمار:
يحيى الربيعان
البخل والسفه:
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
الكويت والثقافة العربية:
عامر ذياب التميمي
سقوط الفضائيات العربية:
د. محمد حسين اليوسفي
إبريل الأسود!!:
عبدالله عيسى الموسوي
رسالة إلى السيد وولفويتز:
صلاح مضف المضف
صندوق الانتخابات ·· محدد لحاكم العراق التالي:
د. جلال محمد آل رشيد
الدين والدولة واجتماع الناصرية:
حميد المالكي