يرى الكثيرون من معتنقي نظرية المؤامرة بأن الولايات المتحدة غير جادة في سعيها لنشر الديمقراطية في الوطن العربي لأنها تعلم جيدا أن الغلبة ستكون للتيارات السياسية الدينية المهيمنة على الشارع العربي والمعادية لأمريكا ولأيديولوجيتها العلمانية، فضلا عن معاداتها التاريخية لحليفتها إسرائيل·· وأنها (أمريكا) تحاول جاهدة حماية "الكرازاي العربي" في مراكز صنع القرار العربية بهدف تأمين مصالحها والقضاء على أعدائها من الإسلاميين وغيرهم·
والحقيقة أننا نتفهم وجهة نظر الإخوة الأفاضل هذه لأن تاريخ السياسة الخارجية الأمريكية في المنطقة وحتى 11/9/2001 يؤكد (باعترافهم) بأن أمريكا لم تكن معنية بتحرير الشعوب بقدر ما كانت معنية بتأمين الجيوب حتى على حساب الشعوب المقهورة· أحداث سبتمبر 2001 أحدثت "صحوة" في الفكر الأمريكي مفادها أن تأمين الجيوب لا يتم بالطرق "الآمنة" إلا عن طريق تحرير الشعوب، وأن الحديث عن "المصالح المشتركة" بين الشعوب فيه الكثير من المغالطات عندما يكون أحد الأطراف مسلوب الإرادة خاضعا لأنظمة ديكتاتورية مستبدة·· وهنا التقت المصالح الأمريكية بإرادة الشعوب العربية، وأصبح من "المصلحة الأمريكية" مساعدة الشعوب العربية لتطبيق نظام الحكم الديمقراطي الحقيقي (ولو بالحد الأدنى)·
الديمقراطية تعبير للإرادة الجماعية للشعب والتي لا تستقيم من دون الحرية والعدالة والمساواة، وهي ذات القيم والمبادئ الإنسانية الأصيلة التي أقرتها جميع الأديان السماوية (وغيرها)، ولذلك يتحدث الأمريكان بثقة (خطابات الرئيس بوش) عن إمكانية "دمقرطة" الشعوب العربية ولو بالحد الأدنى، رغم وجود التيارات السياسية الدينية، طالما تقيدت هذه التيارات بالعمل ضمن نطاق النظام الديمقراطي، مما يستوجب التخلي عن المفهوم "السلفي" للدولة الدينية·
رياح التغيير تهب على منطقة الشرق الأوسط العربية تحركها المصالح الدولية، وبقليل من التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية يمكن لهذه الرياح تغيير سرعتها لإحداث التغيير المطلوب· |