في برنامج الاتجاه المعاكس وفي الحلقة التي تتحدث عن السياسة الداخلية لسورية، عندما بدأ المعارض السوري "عبدالرزاق عيد" بفضح الفساد المنظم في الدولة بجميع المجالات رد عليه "كريم الشيباني" رئيس الحزب الوطني الديمقراطي الذي يقيم في سورية قائلا: (كنت أتوقع أن يكون الحوار خارج كثير من التفاصيل التي يعرفها القاصي والداني ولا نريد أن نذكر الأخ بأن الشيطان يسكن غالبا بالتفاصيل، فإذا ما أخذنا بها علينا أن نذهب لأي دولة على وجه الأرض لنجد هذا الشيطان في تفاصيلها حيث الفساد ونحن ضد الفساد)·
المشكلة في التاريخ دائما تكون بالتفاصيل، التفاصيل هي التي جعلت تعددا في الأديان والمذاهب والملل والنحل والفلسفات، المسلمون متفقون على أن نبي الإسلام هو محمد "ص" ولكن التفاصيل هي التي تجعلهم مختلفون عندما يبحثون في تفاصيل عصمة النبي وتفاصيل تتعلق بصحابة النبي وتفاصيل تتعلق بتاريخ الإسلام وما الى ذلك، فالخلاف بين التكفيريين والمسلمين هو مشكلة تفاصيل، فالجميع يحب الإسلام ولكن عند الدخول بالتفاصيل يبدأ الخلاف ويعرف الحق من الباطل، لذلك كثير من المتمصلحين لا يحبذون الدخول في التفاصيل لأنها تضرهم وتكشف زيفهم، الكل يقول نريد وحدة وطنية ولكن عندما ندخل بتفاصيل توزيع الحقوق بين أبناء الوطن الواحد تنكشف أمور لا يرغب بكشفها البعض، مثل هل هناك عدالة ومساواة بين المواطنين أم لا؟ هل كل المذاهب والجماعات في الكويت أخذت حقوقها بالتساوي أم هناك من يعطون الفتات بعد أن تبح حناجرهم بالمطالبة بحقوقهم الدستورية وغيرها؟ فتفاصيل ما يحدث بالوزارات من ممارسات هي التي توضح هل الوزارة على الصراط المستقيم أم لا، ولا بأس من التعوذ بالله من الشيطان الرجيم كي تفر شياطين الإنس قبل الجن هاربة من التفاصيل التي نريد الخوض بها كي لا يتحجج البعض من عدم خوضه بالتفاصيل بأن الشيطان يسكن فيها، ومن الواضح أن هذه حجة جديدة يستخدمها المحامون عن الأنظمة الاستبدادية للتستر على فساد السلطة وذلك بعد أن سقطت حجتهم القديمة بأنه لا يجب أن ننشر غسيلنا أمام العدو وينبغي أن تكون الصراحة بالغرف المغلقة فقط بين أصحاب الشأن·
الآن لنترك الأنظمة الاستبدادية جانبا ولنتكلم حول الإصلاح في الكويت كوننا دولة ديمقراطية انطلق من أراضيها مشروع ترسيخ الديمقراطية في العالم العربي والقضاء على الدكتاتوريات، ولقد تحققت الخطوة الأولى وهي ترسيخ الديمقراطية في العراق، فالسؤال المهم الذي يتبادر إلى ذهن كل مواطن يريد الإصلاح والتطوير في الكويت هو أن الحكومة ترفع شعار الإصلاح ومكافحة الإرهاب وما الى ذلك من تطوير، وما هي الخطوات بالتفصيل كما يحدث في كل الدول المتقدمة، فماليزيا لديها شعار 2020 وكل مواطن يعرف ما معنى هذا الشعار وتفاصيل خطة تحقيق هذا الشعار، وماذا ستصبح عليه ماليزيا من تطور في سنة 2020، فهل نحن سوف يكون لدينا شعار مماثل ترفق معه تفاصيل الخطوات التي تحقق لنا شعاراتنا كي لا تكون شعارات دون خطة عمل ومتابعة؟! أتمنى ألا يكون شعارنا هو "الإصلاح يبدأ يوم القيامة العصر"·
machaki@taleea.com |