قد يرى بعض الناس في زعم أحدهم أنه هو وجماعته من نوع "المسلمين السوبر"، دفاعا عن موقف تعارضه فيه جماعات وبلدان إسلامية كثيرة، نوعا من المبالغة أو زلة اللسان، وقد يرى فيه البعض مجرد مماحكة لفظية، إلا أن الخطاب الديني، أي خطاب الجماعات الإسلامية ومفهومها الخاص للدين ومقتضيات التدين، يحمل دعوة الى جعل الحكم، أو السلطة بمفهوم هذه الأيام، بيد بشر من نوع خاص، يزعمون أنهم من نوع "السوبر" لا الخصوصي ولا الممتاز ولا حتى العادي، وهذا هو معنى إشاعتهم لمقولة رائجة يتلذذون بترديدها، نعني "الحاكمية" أي رد كل أمر من أمور الناس الى النصوص، وبالتالي نقل الصراع الاجتماعي السياسي من مجال الواقع الى مجال النصوص، وتحويله الى مجرد جدل ديني حول تفسير أو تأويل النص الديني·
ومثلما قيل قديما في مسألة التحكيم التي لم تكن إلا حيلة، يمكن القول اليوم عن هؤلاء الذين يحتالون على العقل بمقولة الحاكمية، إنهم يبتغون إخضاع الناس لنصوص يحتكرون تأويلها وفهمها، زاعمين أن كل ما عدا فهمهم وتأويلهم باطل·
ولأن الحكم لنصوص لابد له من وسيلة بشرية، أي لا بد له من بشر يطبقونه، تكون النتيجة الطبيعية هي ما نراه اليوم من مزاعم "للسوبريين" بأنهم أصحاب حق الفهم والتفسير، وهم وحدهم الناقلون عن الله·
نتائج هذه خطيرة· فهم بهذه الحاكمية المزعومة التي تتخذ سمة إلهية مقدسة، يمنحون أنفسهم مناعة ضد كل نقد وكل مقاومة، لتغيير أنظمتهم، فكل من يخالفهم يوصف بالكفر والإلحاد والزندقة، ليس لكونه يناوئ تسلطهم، بل لكونه كما يزعمون ضد حكم الله·
من هذا نصل الى أن استخدام صفة "سوبر مسلم" وإن كانت تعد فكاهة، إلا أنها فكاهة خشنة، تمت بصلة الى خصوصية مزعومة، يجــعــل صاحـبها من نفسه فوق البشر، وربما توهم كما توهم الكثيرون أنه وصل الى مرتبة النبوة، وطالب الناس بأن يخضعوا لما يقول ويفعل وإن خاط وخـربط كـمـا يحدث في أيامنا هذه·
السوبر تعني أن له القول الفصل، وله الحق أولا وأخيرا في كل شيء، من المضاربة في الأراضي والعقارات، الى جني الفوائد الفاحشة تحت مسمى أنها "مرابحة" لا "فائدة"، وصـولا الى القفز الى سدة السلطة والتمكن من رقاب العــباد وجـذوع الشـجر ومسار الرياح· |