رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 24 ذوالقعدة 1425هـ - 5 يناير 2005
العدد 1660

تعقيدات الإصلاح
عامر ذياب التميمي
tameemi@taleea.com

حضرت عددا من جلسات المؤتمر الذي عقده مركز الدراسات الاستراتيجية والمستقبلية التابع لجامعة الكويت بالتعاون مع جمعية العلوم السياسية الأردنية خلال الفترة من 25-26 ديسمبر من عام 2004، والذي بحث مسألة الإصلاح في البلدان العربية·· ومما لا شك فيه أن هناك تشابهاً في الأوضاع السياسية والاجتماعية في هذه البلدان وإن اختلفت تكوينات الأنظمة السياسية المتسيدة على السلطة، إن من أهم عمليات الإصلاح هو تشخيص الاختلالات البنيوية التي تعاني منها البلدان العربية، ومما هو لا جدال فيه أن أهم هذه الاختلالات تلك التي تتعلق بالتركيبة الثقافية ومنظومة القيم المهيمنة على المجتمعات العربية، ولا ريب أن الثقافة قد تراجعت في مختلف هذه البلدان خلال الخمسين عاما الماضية لصالح الفكر المحافظ والرجعي ولصالح العقلية الشمولية المستبدة·· ولا يجوز إسقاط الفكر الاستبدادي على الأنظمة الحاكمة فقط، وإن كانت تتحمل جزءاً مهماً من المسؤولية، بل لا بد من التأكيد على أن المجتمعات العربية تعاني من الفكر السلطوي والاستبدادي وهي مجتمعات مازالت، بأغلبيتها الساحقة، ترفض التسامح والحوار ولذلك تستطيع القوى ذات الفكر المتطرف أن تكسب الأعضاء والمناصرين، أوعلى الأقل تعاطف مجاميع واسعة من البشر·

وإذا أردنا أن نبين كيف آلت الأمور فإن المسألة تتطلب شرحاً طويلا لا يمكن تحميله على هذه العجالة·· وباختصار إن الأمر يعود لطبيعة الأنظمة السياسية التي تسيدت خلال النصف الأخير من القرن العشرين في مختلف البلدان العربية، خصوصاً البلدان الرئيسة وذات الثقل السكاني الكبير، وكذلك لفلسفة التعليم وطبيعة المناهج التي سادت، ويضاف لذلك الإعلام العربي، سواء كان إعلاماً رسميا حكوميا أو معارضا·· من حانب آخر لم تتمكن أحزاب المعارضة التي تحكمت بمنطلقات الفكر العربي بمختلف توجهاته من أن تعزز نزعات الفكر الحر والقيم المتحضرة، وهي أحزاب عجزت عن تطوير بنيتها وتجديد قياداتها ومسايرة الفكر الإنساني المعاصر·· كل ذلك واكب تطورات اقتصادية متخلفة أدت إلى تسلط الحكومات على العمل الاقتصادي وتعطيل ملكة الإنتاج المبني على المبادرة والمخاطرة وتحويل مؤسسات العمل إلى بيروقراطيات اتكالية، وتحويل نقابات العمل وغيرها من منظمات إلى أجهزة تابعة لأنظمة الحكم ورفع شعاراتها·· هذه الأوضاع التي تفتقر للتحدي عطّلت الإبداع والخلق ومن ثم الفكر الحر المستنير وخلقت قوى استظلت بالقيم السائدة التي لا تقبل الجدل والاجتهاد·· لذلك فإن مسألة الإصلاح السياسي يجب أن تتصدى لهذه الحقائق الاجتماعية والثقافية والاقتصادية لكي تنجز عملية التغيير على أسس مكينة·

هل يمكن أن نقبل التغيير لإصلاح أنظمة الحكم وتطوير آلياتها بحيث تصبح أكثر اعتمادا على الديمقراطية وانتخابات المجالس الاشتراعية والبلدية وغيرها دون أن نغير من القيم الثقافية والمجتمعية؟ أي هل يمكن أن نحول الكيانات الحاكمة من كيانات تعتمد على حكم الفرد أو النخبة، الأولغاركية، إلى أنظمة تعتمد على الاستبداد الشعبوي الذي يرفض الفكر الحر ويضطهد الأقليات بكل تلاوينها ويحطم روح الإبداع لدى الأفراد بحجة حماية القيم والتقاليد؟ ثم هل يمكن أن تضمن عمليات الإصلاح إمكانات تداول السلطة بين أحزاب تعتمد على الفكر الشمولي الذي يزعم أصحابه بامتلاكهم الحقيقة النهائىة ولا يقبلون أي اختلاف في الرأي، لا يعني هذا عدم الإصلاح المؤسسي وطريقة الحكم في ظل هذه الوقائع المرة، ولكن ما هو مطلوب هو الفهم لهذه الظواهر وتحديد أساليب لتجاوز مخاطرها وتأثيراتها السلبية على عملية تطوير الأنظمة السياسية·· بطبيعة الحال تجد أنظمة حكم كثيرة في البلدان العربية هذه العراقيل المجتمعية والثقافية وقاية ضد التغيير وتعمد لتأكيد مخاطرها على السلام الاجتماعي والأمن للكثير من المطالبين بالإصلاح، سواء كانوا من المعارضة داخل بلدانها أو للحكومات الأجنبية التي تطرح المسألة وأهميتها··

وهكذا تتعرقل عمليات الإصلاح تحت مختلف الدعاوى ولابد أن تساهم التدخلات الأجنبية لتعزيزها حيث لا أتوقع أن تتمكن قوة الدفع الوطنية بالسرعة الملائمة·· وقد يكون من الأمور المساعدة على دفع الإصلاح السياسي هو شعور الكثير من حكومات الدول الرئيسية في العالم، خصوصا بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، إن استمرار حال الركود في البلدان العربية تمثل أهم المخاطر الأمنية عليها، ولذلك لابد من إصلاح البنيات السياسية والثقافية وأنظمة التعليم لمعالجة الاختلالات والتشوهات في المجتمعات العربية·· لكن هل يمكن للنخب المثقفة في البلدان العربية أن تستوعب هذه الحقيقة وتستفيد منها دون الشعور بالحساسية تجاه التدخلات الأجنبية، أم أنها سوف تستمر في الغلواء الشوفوني وترفض المقترحات القادمة من البلدان المتطورة ومن ثم تتحالف مع الأنظمة المستبدة والقوى المتخلقة في بلدانها وتعطل الإصلاح؟

tameemi@taleea.com

�����
   

الديمقراطية المنقوصة:
د·أحمد سامي المنيس
ديمقراطية حسب الطلب!:
علي أحمد البغلي
عام مضى:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
الكلمة النظيفة:
سعاد المعجل
العراق ودول الجوار:
محمد بو شهري
سقوط مفعول التساقط:
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
تعقيدات الإصلاح:
عامر ذياب التميمي
الانتخابات العراقية والديمقراطية الغائبة:
يحيى علامو
كأس الخليج:
المحامي نايف بدر العتيبي
صحيح.. الأوضاع مقلوبة:
مسعود راشد العميري
الانسحاب من غزة هل هو حل جذري للقضية الفلسطينية؟:
موسى داؤود
متى نلمس التطوير..؟!:
محمد جوهر حيات
وما خفي كان أعظم
المتنفذون يمرحون:
عبدالحميد علي
انتهاكات دستورية من الفئات المتطرفة:
عبدالخالق ملا جمعة
اعتذار متأخر جداً!:
رضي السماك