كثيرا ما نسمع من بعض الطيبين (وغيرهم!) جملة مثل "الله لا يغير علينا" أو "احمدوا ربكم على النعمة" أو شيئا من هذا القبيل كلما حاولنا تسليط الضوء على بعض الممارسات الحكومية غير الحكيمة، ويشير هؤلاء الأخوة الى مجانية (أو شبه مجانية) التعليم، الرعاية الصحية، الإسكان، الخدمات·· إلخ للدلالة على "تفضل" الحكومة على مواطنيها ورعايتها لهم، كما لا يفوتهم تذكيرنا بالحياة المعيشية الكريمة التي نحياها مقارنة بدول العالم الأخرى المتخلفة منها والمتحضرة، لسنا بصدد التهكم على أحد فلجميع الإخوة وجهات نظر نحترمها ونقدرها·
ما أردنا الإشارة إليه هنا هو حقيقة أن النقد البناء مهما بلغت درجته أو حدته يبقى هدفه التصحيح والبناء وليس الهدم والتخريب، لذلك فإن جملة "الله لا يغير علينا" في غير محلها هنا بل قد تكون مضرة، ثم إنه "النقد البناء" صورة من صور الحمد لله على نعمه الكثيرة كونه يدعو الى الحفاظ على ثروة الوطن "المادية والمعنوية" والى تنميتها من أجل مستقبل أكثر إشراقا وازدهارا·
لإيضاح ما نرمي إليه ولنكون أكثر وضوحا لابد من التأكيد أولا على أن هذه النعمة "الثروة البترولية بالأساس" هي من عند الله سبحانه وتعالى ولا فضل لأحد في وجودها، ثانيا موضوع الاستفادة من الثروة "أو طريقة توزيعها" أمر خاص "بالأمة" بالدرجة الأولى وليس كما يدعي جماعة "الحكومة أبخص" شأن خاص بالنخبة· ندرك أن مفهوم الأمة عند البعض يعني العائلة، أو القبيلة، أو الطائفة، المذهب، العرق·· إلخ مما يسبب إشكاليات لا حصر لها وخلطا للمفاهيم إلا أن الحقيقة تبقى أن الثروة ملك للشعب بأكمله وليس لأحد الحق بالتصرف بها دون الرجوع الى صاحب الحق الأصيل·
نعود الى موضوع النقد البناء، للإيجاز نقول إن التقارير أو الدراسات التي نشرت مؤخرا في شأن الفساد بجميع أشكاله وأنواعه وصوره تعتبر مثالا للنقد البناء، حيث تم تشخيص "الأمراض" ووصف العلاج المناسب لها، تبقى المشكلة في التنفيذ، وهنا يأتي دور النقد البناء مرة أخرى والذي هو بالنهاية حمد لله على نعمه كما أسلفنا، فاحمدوا لله حمدا كثيرا وشاركوا في الحفاظ على النعمة· |