"طويل العمر" عبارة تقال من باب الدعاء والتمني لكل إنسان يرجو منه الناس الخير والعطاء والسمت الطيب، فهو إنسان وبتلك الصفات حتما يخاف على دينه ويخشى ربه في وطنه ويرحم أهله بنصر الضعيف والانتصاف للمغبون، ويشيد أعمدة الخير وينور الدروب للغير وما أكثرهم في بلدي·· فمن عمل فينا معروفا حتما سيشع ذكره ومن اتفق الناس على محاسنه حتما يطول عمره وإن نقص من الدنيا أجله!
فيا طويل العمر: أمامك زبدة ما يطرح في كل يوم بل في كل لحظة على مسامع الناس، في الدواوين والمقاهي والأسواق وأروقة الوزارات، فالكل يصيح، الكل يشتكي، الكل يحذر من "اخطبوط الفساد"، فقد جاءنا من القريب قبل البعيد·· ولعل حلقات جريدة القبس المتتالية والمستقاة معلوماتها من تقرير "جهاز خدمة المواطن" دلالة صارخة وحق موثق بتوثيق، ولا حجة لمن يريد أن يتعامى أو يتكاسل، فهذا التقرير يضع أيدينا جميعا مواطنين ومسؤولين على "كي بورد" المشاكل المتنوعة "تفاقم الرشوة، والموظفون الصغار هم الذين يقعون في يد القضاء"، ولا يكفي أن نقرأ هذا التنوع من الفساد على شاشة الصحافة بل أفاضت علينا الصحيفة بلقاءات مع بعض المهتمين كي يضعوا لنا حلولا أو توجيهات لمعالجات جذرية ربما لو تم التعامل معها بجدية كبيرة نتدارك جميعا سلبيات المرحلة التي نعيشها، ما هو الفساد؟ ومن أين أتى؟ وإلى أين سيمضي بنا؟! كل حرف من تلك الأعداد الصحافية التي نشرت التقرير عبرت بشكل أو بآخر عما يدور على ألسنة الناس وانزعاج الحواس لدى الخواص قبل العوام·
فيا طويل العمر أتريدني أن أكون ضد وطني أو في مواجهة مع أهلي أو أحرق ديني، فلا أظن ذاك أملنا فيك، ولا ذاك أملك فينا! لقد قال وكتب وحذر كل من كان موصوفا لدينا بالنزاهة والفطنة والكياسة والورع فاستمع لهم من استمع، واتبع رأيهم من اتبع، وتجاهلهم من حق غيره انتزع، فأضحى هو جزءا من الفساد المخترع، فلا قدوة ولا "نيشان" فكل لانحرافه مسلكاً ابتدع!
فيا طويل العمر، أخا كنت أبا أصبحت، صديقا مضيت، وجيها أضحيت، قياديا وقفت، عليك المسؤولية الكبرى والآمال العليا في إصلاح الدار والديار، فقديما قالوا يستدل على إدبار الدول بأربع: تضييع الأصول والتمسك بالفروع وتقديم الأراذل وتأخير الأفاضل·
رشفة أخيرة:
إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل
خلوت ولكن قل عليَّ رقيب
ولا تحسبن اللّه يغفل ساعة
ولا أن ما تخفيه عنه يغيب
mullajuma@taleea.com |