قدم النائبان علي الراشد وأحمد المليفي مادة استجواب ترقى الى مستوى المساءلة السياسية لأنها سلطت الضوء على بعض أوجه الفساد في السلطة من تعديات على أملاك الدولة، وتجاوزات في بلدية الكويت وهيئة الزراعة والثروة السمكية وكلها قضايا تمثل هموما أساسية للشعب الكويتي، أما نواب التصوف الأفاضل فقد اختزلوا هموم الفساد السياسي والمالي الذي يعاني منه البلد في قضايا هامشية تعكس ضحالة الطرح وسطحية النظرة عندما استغلوا هذه الأداة الدستورية الراقية في أمور تافهة مثل حفلات ستار أكاديمي وهلا فبراير، ومن الواضح عدم جدية الاستجواب، وأن الغرض من تقديمه في هذا التوقيت هو للتكسب السياسي لعلم المستجوبين المسبق بأن التعديل الوزاري قادم لا محالة في القريب العاجل، وبالتالي يمكن تسجيل نقطة تعزز موقفهم المهزوز أمام مؤيديهم من خلال نسب الفضل لهم في تغيير وزير الإعلام، وينقذهم من الحرج الكبير الذي وقعوا فيه عندما عقدوا صفقتهم المشهورة مع الحكومة بإصدار ما يسمى بضوابط (شرعية) للحفلات الغنائية·
إن المزاج الوصائي لجماعة الفكر الديني قد ارتفع الى حد أصبح يهدد أنشطة الحكومة ويتدخل في خصوصيات أفراد المجتمع، كما أن أسلوب الترضية الذي تتبعه الحكومة مع رموز هذا الفكر المتطرف قد يتطور الى تجربة العنف السياسي مثل الحالة الأفغانية والشيشانية حيث يفرض على المجتمع نمط أصولي طائفي يمثل نقلة في الفكر السياسي الإرهابي الذي يحاول عولمة الإسلام الراديكالي، مما يهدد الاستقرار السياسي والاجتماعي في الكويت، إن استمرار مواقف الحكومة السابقة التي تتسم بالميوعة نحو محاولة التيار الديني السيطرة على زمام (الوصاية) في المجتمع لغرض التكسب السياسي سوف يؤدي الى ارتفاع المزاج الديني نحو المزيد من التشدد والتزمت في المفاهيم والتصورات، ورغبة المتزمتين في مد سلطانهم على مراكز إنتاج الفكر والعلم والثقافة، ومما لا شك فيه أن ارتفاع حدة هذا المزاج الديني هو نتيجة توغل الاستعارات الثقافية من فقه البداوة النفطي داخل المنظومة الاجتماعية في الكويت خلال العقدين الأخيرين·
almonayyes@taleea.com |