على الرغم من أن الأولويتين القصوتين المفترضتين لدى حكومة السيد د· إياد علاوي رئيس الوزراء العراقي الجديد تتمثلان في ملف الانتخابات، ثم الملف الأمني، حيث لا يمكن للعراق أن ينجح في أي ملف آخر، مثل الملف الاقتصادي أو العلمي أو الثقافي، إلا بعد ضبط أمن المجتمع والدولة، ولن يتمكن العراقيون من الانخراط في حالة من الاستقرار السياسي إلا بعد إجراء انتخابات توضح طبيعة القوى المجتمعية المقبولة جماهيريا، ومدى شعبية كل منها، تمهيدا لرسم الخريطة السياسية متعددة القوى التي ينبغى لها أن تشكل مجلس الوزراء في فترة ما بعد الانتخابات العامة·
نقول، على الرغم من الأولويتين سالفتي الذكر، إلا أن هناك ملفا لا يقل أهمية عن الملفين السابقين، يتمثل في ضرورة أن تبدأ الحكومة الموقتة الحالية في التحاور مع الإدارة الأمريكية بشأن الأعداد الهائلة من قواتها الموجودة حاليا على أراضي دولة مستقلة هي الجمهورية العراقية، حيث إنه لمن نافلة القول أن يقال للأمريكيين بأن وجودهم في العراق ليس مقبولا وليس صحيحا، ولا سيما في ظل العداء الأمريكي المكشوف لأكثر من دولة في الإقليم، مما يهدد الأمن القومي لتلكم الدول على نحو جدي·
لذلك، نظن أنه من الصواب، إذا لم يكن من المفروض، أن تبدأ فورا عمليات حوار بين مختلف الأطراف، مما يضمن "السيادة الكاملة" للعراق على أرضه، هذه السيادة التي لا يمكن تحققها في ظل وجود قوات أجنبية على أراضيه·
أضف إلى ذلك احتمالا كبيرا لدور مباشر أو غير مباشر للجانب الأمريكي في العملية الإرهابية الكبرى التي أدت الى استشهاد آية الله الحكيم، بالتنسيق مع تنظيم القاعدة الإرهابي الذي صنعته الاستخبارات الأمريكية، لأن الواضح هو أن الأمريكيين لا يريدون قوى معينة في العراق، وكذلك هم لا يريدون قوى أخرى غيرها، مما يجعلهم في وضع لا يخدم سمعتهم الدولية عموما، وسمعتهم أمام الشعب العراقي الشقيق الذي لهم معه مصالح "اقتصادية" وغير اقتصادية·
فهل تقود حكومة د· علاوي مبادرة شجاعة في هذا الاتجاه الممكن والمطلوب سياسيا؟ وإذا خاضت حكومة د· علاوي مثل هذه المعركة السياسية، فهل ستستجيب الإدارة الأمريكية على نحو مسؤول لمثل هذه المطالبات المشروعة؟
drjr@taleea.com |