الذي يشاهد بعضا من الصور التي تُنشر هذه الأيام عما يحدث داخل السجون العراقية سوف يتبادر إلى ذهنه في الوهلة الأولى أنها صور "تاريخية" تمثل بعض ما كان يحدث في السجون العراقية إبان حكم مجرم الحرب ومجرم "السلام" صدام حسين!!
ولكن منظر السجانين الشقر، ومنظر السجانات يجعله يتساءل دهشة وحيرة!!
أنا شخصيا كنت أتصور أن "الحضارة" الأمريكية تتمكن من إخضاع الآخرين بفضل القوة المتناهية لجهاز الاستخبارات الأمريكية التي ستجعل الأمريكيين غير محتاجين أصلا لأسلوب التعذيب الجسدي والنفسي الذي يفترض أن تستخدمه الأجهزة القمعية التي ليس لها أجهزة استخباراتية دقيقة، إلكترونيا أو بشريا، ولكن يبدو أن الأمريكيين لم يخصصوا "ميزانية سخية!" لجانب الاستخبار، ولذلك اتبعوا الأســلوب الصدّامي ذاته الذي غزوا العراق في الأساس لكي ينهوه فيما زعموا!!
المشكلة المعقدة - البسيطة هي أن الظالم يظلم الآخرين من أجل الاستيلاء على المال!! ولكنه لكي يحافظ على مسروقاته يحتاج إلى صرف المال!! ولذلك، يقوم بحساب الأمور على هذا المبدأ، فإذا كان استجلاب المعلومات "أرخص" عن طريق التعذيب الجسدي·· فبها ونعمت!! أما إذا كان أغلى بالاستخبار الدقيق·· فـ "أهم مو قاعدين على بنْك"!!
الخلاصة النهائية، هي أن الأسلوب الصدامي الرخيص الذي كان سائدا حتى 2003/4//8، أصبح سائدا منذ 2003/4/9 وصـــاعدا، والهــدف هو "التوفير"!!
الآن بدأنا نفهم "مبادىء" العولمة الاقتصادية التي تحاول "الحضارة الغربية" بقيادتها الأمريكية نشرها في العالم، وتلك المبادىء هي أن يحاول الإنسان المتحضر أن يسرق كل ما يتمكن من سرقته، وأن يصرف على عمليات السرقة أقل ما يتمكن من صرفه·· لكي تكون الحسابات الختامية فائضا كبيرا في الميزانية!!
drjr@taleea.com |