إنه من المشروع، إذا لم يكن من الواجب، أن يقوم المراقب السياسي للوضع العربي العام، ووضع المقاومة العربية للاحتلال الأجنبي على وجه خاص، بمقارنة النتائج التي وصلت لها المقاومة البطولية اللبنانية، مع النتائج التي وصلت لها المقاومة التي لا تقل عنها في البطولة والفداء، تلك التي قامت، ولا تزال، في فلسطيننا الجريحة·
ومادام الفرق بين المقاومتين ليس قائما على مبدأ رجحان شجاعة أحد الطرفين على الطرف الآخر، فإنه من الضروري على سائر أبناء الأمة العربية الإسلامية أن يبحثوا عن السبب الحقيقي الكامن الذي لم نتمكن، جميعا، من ملاحظته أو رصده، مما أفشل مشروع المقاومة في فلسطين، خلافا للبنان·
أرجو أن لا يقترح أحد أن يكون السبب هو مرحلة القطب العالمي الأحادي لسبب بسيط، هو أن اللبنانيين انتصروا عام 2000، أي بعد تسعة أعوام تقريبا من استقرار الأمور لصالح القطب الأوحد·
ولذلك، فعلى إخوتنا الأعزاء في فلسطين أن يطردوا اليأس تماما، لأسباب دينية تتعلق بتحريم اليأس من جانب، ولأسباب سياسية موضوعية، تتعلق بأن التحرير الذي حدث مرة في ظل ظرف معين، يمكن أن يتكرر ألف مرة ما دامت الظروف العالمية ليست أكثر سوءا مما كانت عليه إبان التحرير الأول·
علينا، مثلا، أن نلاحظ وندرس نقاط ضعف العدو الصهيوني، التي أهمها "حب الحياة" لدرجة عدم الإيمان بجدوى أن يموت الإنسان من أجل مستقبل أمته، أو حتى من أجل أبنائه هو، لذلك كانت العمليات الاستشهادية واحدة من نقاط القوة الجوهرية لمشروع المقاومة، و"لا تهنوا في ابتغاء القوم، إن تكونوا تألمون، فإنهم يألمون كما تألمون، وترجون من الله ما لا يرجون، وكان الله عليما حكيما" (النساء/الآية 104)، وبذلك نجد أن النظرية القرآنية تقوم على مبدأ أن "يألم العدو" دنيويا، مثلما نألم نحن، لكي يحدث التوازن، ولكي لا يتمادى المجرمون في إجرامهم·
ومع ذلك، نحتاج الى دراسة حالة حزب الله - الذي يشكل اليوم معالم شرف الأمة - أكثر، تجنبا للأخطاء التي أدت الى تمادي العدو ضد الفلسطينيين، حتى مع استمرار العمليات الاستشهادية الفلسطينية التي هي دفاعية في جوهرها المحض، حيث إن إحدى نقاط القوة الاحتفاظ بأسرى، وبأجساد قتلى، من أجل الحفاظ على التكافؤ، أو نوع منه، وذلك في أي تفاوض مع العدو، اعتمادا على نتائج النصر الأخير لحزب الله في عملية تبادل الأسرى مع العدو·
drjr@taleea.com |