المشروع "الإصلاحي" الذي اقترحته إدارة الرئىس الأمريكي بوش حلا لمشكلة الإرهاب في العالم، والذي اختار بوش شرقنا الأوسط بالإضافة إلى بقاع أخرى من العالم الإسلامي موضعا جغرافيا لتنفيذ المشروع فيه، محتجا بأن "كل" من نفذوا عمليات 9/11 الإرهابية هم من أبناء هذا الإقليم بالذات··· هو مشروع يعتمد على "عناصر" هي جيدة في حد ذاتها، لأننا لن نجد عاقلا يحترم نفسه ويحترم شعبه يعارض حقه وحق شعبه في الديمقراطية والحرية واحترام الحقوق الثقافية والمدنية للشعوب، بما فيها من حقوق ثقافية تخص الأقليات التي "ضاعت" في شرقنا الأوسط في بحر كبير من هيمنة أجندة الأغلبية على الأقلية في كل بلد على حدة من بلداننا التي تعيش أجواء ما قبل الحضارة، وما قبل المدنية، وربما أجواء ما قبل التاريخ!!
نقول إن "عناصر" المشروع الأمريكي تعد في أغلبها عناصر إيجابية، ولكن الذي يثير التساؤلات النوايا الأمريكية من المشروع، فهل القلب الرحيم الكبير للعم سام، الذي أحرق عشرات الألوف من اليابانيين من أثر قنبلتين نوويتين أسقطتها القلوب الرحيمة على هيروشيما وناكازاكي، هو ذلك القلب الطيب الذي اقترح مشروع الشرق الأوسط الكبير من أجل مصالح شعوب المنطقة العربية؟ أم أن أصحاب النظرية الفلسفية القائمة على مقولة "إن الخير هو المنفعة" لهم أجندة أخرى خافية علينا، أو على بسطائنا على الأقل، فيها بنود أخرى تختلف تمام الاختلاف عن الأجندة الشرق أوسطية "الحالمة" في الأبحر الوردية التي نسمعها من أفواه المسؤولين الأمريكان الذين تخفي عقولهم، بل وأوراقهم التي لا يطلع عليها الآخرون، أجندة مختلفة تمام الاختلاف!
بالنسبة لي، أرى أن ما شاهدناه من ظلم وتعذيب للإنسان العربي، وللكرامة العربية، في سجن "أبو غريب" العراقي، يعد دليلا أكثر من كاف، وأكثر من واضح على الأجندة الأمريكية الخفية الحقيقية إزاءنا·
ومع ذلك، يجب على شعوب المنطقة، ولأسباب تتعلق بوعيهم لمصالحهم المشروعة في أوطانهم، أن يفرقوا بين رفضهم للأهداف، الخفية للمشروع الشرق الأوسطي الأمريكي··· وتأييدهم للجيد المقبول من محتواه وعناصره الإيجابية المعلنة·
drjr@taleea.com |