| في زيارتي للولايات المتحدة التي استضافني فيها “برنامج الزائر الدولي” الذي تنظمه “الخارجية الأمريكية” حرصت على أن يكون ضمن هذا البرنامج ترتيب لقاءات لي مع مؤسسات المجتمع المدني الفاعلة التي تمثل العرب والمسلمين هناك وتدافع عن حقوقهم المدنية وذلك لما لها من تأثير كبير ومهم ليس في الدفاع عنهم فقط بل للتأثير في الرأي العام الأمريكي بتوعيته بالصورة الحقيقية للعرب والمسلمين المشوهة من جانب وبحقيقة الصراع العربي - الإسرائيلي والوجه العنصري لإسرائيل والصهيونية وظلم الحكومات الأمريكية المتعاقبة للعرب من خلال التأييد الأعمى الأتوماتيكي لمجمل المواقف والسياسات الإسرائيلية فضلا عن الدعم غير المحدود لإسرائيل في مختلف المجالات من جانب آخر·
وفي هذا الصدد اخترت منظمتين بارزتين فاعلتين الأولى هي “المنظمة العربية لمكافحة التمييز” التي أسسها الناشط السياسي العربي في مجال الحقوق المدنية المعروف جيمس أبو رزق عام 1980، والثانية هي منظمة “مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية” والمعروفة اختصاراً بالإنجليزية: “كير” والتي تأسست عام 1994 على أيدي نخبة من العرب والمسلمين الناشطين من أجل مكافحة التمييز والانتهاكات بحقوق المسلمين في أمريكا وكان من أبرز مؤسسيها عمر أحمد “رئيس مجلس الإدارة” ونهاد عوض “المدير التنفيذي”·
وقد يكون من المفيد مقدما أن نعطي خلاصة مركزة عن ثقل العرب والمسلمين هناك ولمحة عابرة عن أوضاعهم بوجه عام·
حسب تقرير لمكتب الإحصاء الأمريكي صدر قبل أسابيع قليلة فإن حجم الجالية العربية تضاعف هناك من 610 آلاف عام 1980 الى 1,2 مليون عام 2000، %60 منهم لبنانيون وسوريون ومصريون·
وحسب إحصاءات عام 1995 الرسمية فإن نسبة المسلمين الى عدد السكان مساوية لنسبة اليهود (%2)، مع أن الإسلام يحتل المرتبة الثانية بين الأديان الأكثر اتباعا·
مهما يكن فإن في الولايات المتحدة اليوم 6 ملايين ونيف أمريكي يعتبرون أنفسهم مسلمين وهو عدد يقارب النسبة المذكورة قياسا بحجم السكان “نحو 265 مليون نسمة” ولم تظهر الأهمية الفائقة والدور الكبير الذي تلعبه منظمات الحقوق المدنية للعرب والمسلمين مثلما ظهرت بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، حيث تفاقمت شكاوى العرب والمسلمين من التمييز والمضايقات ضدهم في أماكن العمل فضلا عن الاعتداءات العشوائية بناء على السحنة أو اللغة في الأماكن العامة·
وتشمل هذه المضايقات الفصل أو التوقيف عن العمل أو خفض الدرجة أو غيرها، ونحن هنا نتحدث عن العرب والمسلمين الأمريكيين أما عن المقيمين الوافدين منهم هناك “بدون جنسية أمريكية” فأوضاعهم أصعب حيث اعترف تقرير أصدره أخيرا المفتش العام لوزارة العدل بانتهاكات وأخطاء فادحة بحق العرب والمسلمين وقع فيها كل من الـ “إف بي آي” وإدارة الهجرة والتجنيس، ومكتب السجون الفيدرالية وذلك في سياق الحملة التي شنت على “الإرهاب” وتعقب الإرهابيين إثر أحداث سبتمبر·
وأيا كان الأمر فإن المسلمين الأمريكيين وبخاصة العرب منهم باتوا يشكلون اليوم إحدى جماعات وقوى الضغط الفاعلة لو أحسن تنظيمها وتفعيلها للملمة صفوف العرب والمسلمين الأمريكيين وتوحيدهم وتوعيتهم بكل حقوقهم السياسية والمدنية والإنسانية التي يكفلها الدستور الأمريكي والقوانين والأنظمة السائدة، ولن يكون هذا التأثير ملموسا إلا على قاعدة الاندماج في المجتمع الأمريكي والنأي عن نرجسية التقوقع والانعزال·
ويتوقع بعد أن ازداد وزن وأهمية العرب والمسلمين الأمريكيين ومنظماتهم المدنية بعد أحداث سبتمبر أن يصبحوا إحدى الكتل الانتخابية المهمة في الانتخابات الرئاسية المقبلة إذا ما رصوا صفوفهم وأحسنوا تنظيم أنفسهم وتوحيد مواقفهم·
وقد باشر الحزبان الرئيسيان “الجمهوري” الحاكم و”الديمقراطي” من الآن حملاتهما وتحضيراتهما الانتخابية لكسب أصوات العرب والمسلمين الى صفوفهما، وهنا يستطيع هؤلاء أن يبرعوا في فن اللعبة السياسية والانتخابية بكيفية توظيف ما يمكن توظيفه في صالحهم·
ü كاتب بحريني |
