رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 السبت 2 ذو الحجة 1424هـ - 24 يناير 2004
العدد 1612

بلا حــــدود
مكتب تخليص المعاملات
سعاد المعجل
suad.m@taleea.com

منذ أسبوعين تقدم نحوى طالب بكلية العلوم الإدارية في جامعة الكويت متسائلا عن ترجمة مرادفة لمصطلح "مكتب تخليص المعاملات" بالإنجليزية، حيث كان ذلك الطالب يقوم ببحث حول مشروع تجاري مثمر وقاده تفكيره إلى مثل هذا المكتب، بحثت عن ترجمة مرادفة لذلك بالإنجليزية فلم تسعفني الذاكرة، فأجبته بأنني أشك في أن يكون مثل هذا المرادف موجودا أصلا في قاموس العمل والمعاملات الإنجليزي، ومع ذلك رأيت أن أستعين بأحد الزملاء من أبناء اللغة الإنجليزية زيادة في التأكيد، فسألت زميلين أمريكي وبريطاني عن الترجمة المرادفة، فجاءت النتيجة كما توقعتها، فليس هنالك مصطلح وظيفي أو تجاري مرادف للمصطلح العربي أو بالأحرى الكويتي "مكتب تخليص المعاملات"·

لا شك في أن اللغة تعكس الثقافة السائدة في مجتمع ما بكل أشكالها ونواحيها، فهي - أي اللغة - تتسع لكل ما يستحدثه مجتمعها من مفاهيم ومستجدات وتترجم حرفيا وعي وإدراك البشر في محيطها، ومن هنا جاء التباين في مصطلح "مكتب تخليص المعاملات" بين اللغة العربية من جهة والإنجليزية من جهة أخرى أو بالأحرى غياب مثل هذا المصطلح في قاموس اللغة الإنجليزية·

طلبت من طالب "العلوم الإدارية" أن يزودني بنسخة من بحثه المكتوب بالإنجليزية لأجد أنه استعان بترجمة حرفية لمصطلح "مكتب تخليص المعاملات" مُلخصا فكرة هذا (المشروع الاستثماري) بكونه مشروعا يسعى إلى تخليص معاملات الكويتيين والعرب والأجانب مقابل عشرين دينارا كويتيا تعفي الزبون من مهمة الانتظار في الطوابير، أو البحث عن مواقف للسيارة وغير ذلك من أمور يصادفها الناس حين يرغبون في تجديد جوازات سفرهم، أو البطاقات المدنية، أو إجازات القيادة، ومن فوائد المشروع كما بينها الطالب أنه يوفر على الزبون الجهد والتعب وذلك بتفادي التعرض لـ "الروتين" الحكومي في مؤسسات وإدارات الدولة، أما ما يُميز مشروعه عن المشاريع المماثلة أي للمكاتب التي توفر الخدمة نفسها، فهو أن مشروع طالبنا هذا يعمل من خلال اشتراك سنوي قدره عشرون دينارا·

لا أعلم مدى "قانونية" مثل هذه المكاتب لكن من المؤكد أنها أصبحت ظاهرة ملفتة للنظر، ومغرية للكثير من الطامحين لتجارة سهلة ومربحة لكن ذلك وحده لا يبرر تفاقمها كظاهرة تخبىء في طياتها تردي العمل والأداء في مؤسسات الدولة، وتترجم حجم ودرجة "الروتين" الإداري في وزاراتنا الذي دفع الناس للجوء إلى مثل هذه المكاتب لتخليص معاملاتهم·

تذكرني مكاتب تخليص المعاملات هذه بمكاتب البحوث لخدمة الطلبة ومساعدتهم في إجراء بحوثهم الدراسية، فعلى الرغم من أن أغلب هذه المكاتب تُعلن عن نفسها كمكاتب "تصوير مستندات وبحوث طلابية" إلا أن خدماتها الفعلية تتجاوز التصوير لتصبح مسؤولة عن البحث بجميع تفاصيله، ومثلما ساهم الفساد الإداري وتردي العمل وسيادة الروتين في المؤسسات الحكومية في تزايد أعداد "مكاتب تخليص المعاملات"، فقد ساهم التدهور في مثلث العملية التعليمية أي المعلم والمنهج والطالب، في انتشار مكاتب البحوث الطلابية، فالطالب لا يقوم بعمل البحث بجهده الذاتي، لأن المدرس لا يقرأ البحث وبالتالي جاءت "المعادلة الذكية" والتي دفعت الطالب للاستعانة بمثل هذه المراكز لإجراء بحوثهم الشكلية، ومثلما عجز القاموس الإنجليزي عن إعطاء مرادف لمصطلح "مكتب تخليص المعاملات" فإنه حتما سيعجز عن ترجمة مراكز البحوث الطلابية ليس بسبب عجز لغوي وإنما بسبب اختلاف ثقافي كامن في العقلية الإدارية بين القاموسين العربي من جهة والإنجليزي من جهة أخرى·

إن الاختلاف حول مُسميات تلك المكاتب يشكل انعكاسات مباشرة لخلل ليس في اللغة، وإنما لخلل في وعي وإدراك الناس لمسؤولياتهم قبل حقوقهم سواء كان أولئك "الناس" مسؤولين أم طلبة أم أساتذة أم أصحاب رؤوس أموال طامحين لبناء ثروات من شقوق الفساد، والتدهور في مؤسسات الدولة وأجهزتها التعليمية والتربوية·

 suad.m@taleea.com

�����
   

الدستور السعودي:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
مكتب تخليص المعاملات:
سعاد المعجل
إثم عظيم:
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
ليس في الضريبة ترشيد!:
عبدالخالق ملا جمعة
الفكر العقلاني ومعوقاته:
يحيى الربيعان
حريق في الكويت:
م. مشعل عبدالرحمن الملحم
تحديات الإصلاح:
عامر ذياب التميمي
لجنة البيئة تشكك في أمانة وشفافية “البترول الوطنية”:
المحامي نايف بدر العتيبي
الاستخفاف الصهيوني:
عبدالله عيسى الموسوي
نداء إلى السيدة الفاضلة نبيلة العنجري:
تطوير المرافق الترفيهية والسياحية في الجهراء:
خالد عايد الجنفاوي
صفقات الدفاع وأحلام التنمية 1 - 2
أكمة الصانع وما وراءها:
عبدالحميد علي
التصريحات والحملات الصحافية لا تخدم العلاقات العراقية الكويتية:
حميد المالكي
العرب والمسلمون في الولايات المتحدة:
رضي السماك