| شهد الأسبوعان الماضيان حملة صحافية هي الأعنف منذ سقوط نظام صدام حسين في التاسع من نيسان 2003 على خلفية تصريحات أدلى بها الدكتور مضر شوكت نائب رئيس المؤتمر الوطني العراقي والتي طالب فيها الكويت بتأجير جزيرتي وربة وبوبيان وهي تصريحات شخصية غير رسمية لممثل عن فصيل واحد من عشرات الفصائل والأحزاب والفعاليات السياسية والاجتماعية والثقافية العراقية·
وبالرغم من أن شجب واستنكار تلك التصريحات جاء سريعا وبشكل رسمي من قبل السيد هوشيار زيباري - وزير الخارجية العراقي إلا أن الحملة الصحافية الكويتية لم تتوقف ودخلت في المحظور حينما تم تعميم ذلك على العراقيين كافة واتهامهم بشتى الاتهامات والأوصاف والنعوت بل تجاوز ذلك الى الأغاني العراقية وفتح السفارات وتقسيم العراق وغيره لكن ذلك بقي يدور في الإطار الصحافي الإعلامي أما الرسميون في البلدين فلهم منطق آخر وموقف آخر مختلفان تماما عما يحرر في الصحف من آراء واتهامات وتشاؤم وتحريض وتعميم·
نحن وغيرنا من الحريصين على تطوير وتنمية العلاقات بين البلدين الشقيقين الذين يشعرون بالمسؤولية انتقدنا تصريحات د· مضر شوكت كونها تعيد الى الأذهان تصريحات نظام صدام نفسه ومطالباته وضغوطه المتكررة لتأجير الجزيرتين بقصد الاستفزاز والابتزاز والترهيب مع تقديرنا لمخاوف الإخوة الكويتيين من تلك التصريحات وكان المفروض أن يتم الرد عليها بموضوعية وشفافية وبشكل ودي وهادئ تحديدا وحصرا ومعالجتها بحكمة وبقوة الحجة وصحة التبرير لا تضخيمها والنفخ بها والمبالغة وتعميمها على كل العراقيين في وقت تشهد فيه العلاقات العراقية الكويتية خطوات واسعة وعلى كل الأصعدة على طريق بناء وتعزيز الثقة وترسيخ العلاقات الجديدة وتجذيرها وتطبيعها بشكل نموذجي وكامل، وكأن القائمين على تلك الحملة ومنفذيها ينتظرون أي فرصة سانحة أو ثغرة لشن حملتهم وتغذيتها بكل ما يضر العلاقات ويؤدي بها الى المراوحة والتراجع - لا سمح الله - مع ثقتنا المطلقة بأن تلك التصريحات والحملات لن تؤثر على مسيرة تلك العلاقات والتي بدأت على ألا تتوقف أو تتراجع بفضل وإصرار المخلصين في كلا البلدين والشعبين الصديقين مع احترام الجميع لحرية الصحافة والرأي والتعبير والرأي والرأي الآخر ونحن متفائلون ومستبشرون جدا بأن علاقاتنا أقوى من أن تهزها تلك التصريحات والحملات بدليل أن العلاقات الرسمية بقيت كما هي قائمة ومستمرة ومتطورة ولم تستطع تلك التصريحات والحملات أن تؤثر فيها أو تجرها الى مواقعها ومراميها والأهداف التي أرادت تحقيقها وهي مرام وأهداف تلحق أفدح الأضرار بعلاقات البلدين في الحاضر والمستقبل، حيث من المفروض أن تتوقف الحملة الصحافية بعد تصريح السيد هوشيار زيباري - وزير الخارجية العراقي والذي تزامن مع بدء الحملة الصحافية وهو تصريح رسمي من وزير يمثل الحكومة ومجلس الحكم لكن الحملة استمرت وتصاعدت مما يثير المزيد من الاستغراب والتساؤل·
ومع ذلك كله فإن العلاقات الرسمية بقيت كما هي من التعاون والتشاور والتنسيق والزيارات واستمرار المساعدات الكويتية على شعبنا العراقي للتخفيف من المصاعب المعاشية والخدماتية مما يدل على إدراك مسؤولي وشعبي البلدين أن هناك أطرافا كويتية وعراقية سياسية وبرلمانية وصحافية لا يسعدها عودة العلاقات الطبيعية بين البلدين الجارين وإصرارهما على استمرار مسيرة التعاون والتفاعل نحو إقامة أفضل العلاقات القائمة على التكافؤ والاحترام المتبادل والسلام والمحبة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام قرارات الشرعية الدولية بعد حقبة دموية سوداء عاشها البلدان في ظل إرهاب نظام صدام وحروبه الكارثية المدمرة·
الموقف الرسمي··· أنضج المواقف
إن المتابع لتلك التصريحات والحملات يكتشف وبسهولة مدى نضج وموضوعية ورصانة الموقف الرسمي للحكومة الكويتية من كل ما كتب وقيل وقد بدا الأكثر حرصا والأكثر شعورا بمسؤولية الكلمة ورفض التعاطي مع دعوات: “عدم الهرولة” و”عدم الاندفاع” و”التريث” باتجاه إعادة العلاقات بين العراق والكويت والتي بدت القاسم المشترك لمعظم تلك الكتابات وهذا الموقف الرسمي جاء متطابقا مع موقف المسؤولين الرسميين العراقيين الذين لم يعيروا اهتماما لرأي الدكتور مضر شوكت ولا للحملة الصحافية الكويتية المتواصلة مما يؤكد عمق العلاقة بين مسؤولي البلدين ووضوح الرؤية لدى كل منهما على الاستمرار في تنمية العلاقات الثنائية وتوسيعها الى ميادين جديدة بعيدا عن تلك الدعوات والتصريحات والحملات بعد أن سقط نظام صدام الى الأبد وبدأت مرحلة التنمية والبناء والإعمار والتفاهم والحوار السلمي البناء والتطلع دائما الى المستقبل وآفاقه المشرقة واحترام سيادة كل بلد وخياراته وخصوصياته السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية على أسس وقواعد ثابتة ورصينة لا يمكن اختراقها والعبث بها بعد تحصينها بالتعاون المشترك والمتكافئ واحترام وتنفيذ كل القرارات الدولية ذات الصلة والاستمرار في مساعدة العراقيين على اجتياز المصاعب التي تواجههم في معالجة التركة الثقيلة المثقلة بالكوارث والتي خلفها النظام البائد من أجل بناء بلادهم من نقطة الصفر وهم في خضم ولادة جديدة ومرحلة انتقالية قاسية تتطلب حشد الطاقات الوطنية والإقليمية والدولية وتظافرها وتغليب المصالح العامة العليا على المصالح الفئوية الضيقة والمصالح والنزاعات الفردية المدمرة وتجاوز جميع المعوقات وهزيمة كل الجهات التي تضمر وتمارس الشر لكلا البلدين والتي تصر على أن تبقى تلك العلاقات وكما كانت يسودها الاضطراب والشك والبغضاء والكراهية·
لتتضافر جهودنا عراقيين وكويتيين على طريق المستقبل المشرق طريق السلام والازدهار والتنمية والإعمار·
hamid@taleea.com |
