هناك طرفة شعبية تقول: إن في إحدى الغابات يوجد ثعلب كلما رأى القرد صفعه على وجهه من غير ذنب، وقال له: ليش مو لابس طاقية، فذهب القرد واشتكى إلى ملك الغابة الأسد، فوعده بأن يفرض النظام ويكفل الأمان للشعب، فاستدعى الثعلب وسأله عن سبب أفعاله؟ فقال: لأن القرد ليس من الحيوانات المفترسة، فانحاز الأسد للثعلب وقال له: إذن حاول أن تضربه بسبب لكي لا يشتكي، وحاول أن تسأله سؤالا لا يعرف جوابه وإذا لم يجب فاضربه بحجة أنه غير مثقف ويجب أن يتعلم، وسأعطيك ثلاثة أسئلة، السؤال الأول: ما لون البرتقال؟ والثاني: ما لون الليمون؟ والثالث: ما لون التفاح؟ فذهب الثعلب وصادف القرد فسأله عن لون البرتقال؟ فأجاب: برتقالي، وما لون الليمون؟ فأجاب: أصفر، وما لون التفاح؟ فأجاب: أحمر، فقام الثعلب وصفع القرد وقال له: ليش مولابس طاقية؟!"
نلاحظ بعض الجماعات لدينا تتبع مع أعضائها سياسة الثعلب والقرد، إذ ما إن يطالب الأعضاء بتجديد القيادة التي لم تتغير منذ تأسيس الجماعة، فيأتيهم الجواب بأنه لا يوجد كفاءة سياسية تحل محل الموجودين، فإذا جئنا بالكفاءة السياسية قالوا ليس متقيا، وإذا جئنا بالمتقي قالوا ليس ذا تاريخ نضالي، وإذا جئنا بصاحب التاريخ النضالي قالوا ليس شجاعا ليكون معارضة بوجه الحكومة في البرلمان، وهكذا ينحتون لك الأعذار أفضل من نحت الفنان الإيطالي مايكل أنجلو للتماثيل وكأنهم متأثرون بالمثل الصيني: "قد يجد الجبان ستة وثلاثين حلا لمشكلته، ولكن لا يعجبه سوى واحد منها، وهو الفرار" وهم لو تعطيهم مئات الحلول والضمانات لكي يمارسوا الديمقراطية في جماعتهم وتداول السلطة وتقديم الكفاءات الشابة لواجهة القيادة فيطوروا الجماعة لتكون نموذجا يحتذى به، ولكن لا تجد من القيادة القديمة صاحبة العقلية الدكتاتورية المتكئة على عصا الشيخوخة السياسية التي ستنكسر يوما وتسقطهم كما سقط غيرهم إلا الرفض خالقين لك الأعذار للبقاء في كرسي الوجاهة السياسية التي بنظرهم من تركها فكأنما خرجت روحه من جسده وأصبح جثة هامدة في مجتمع السياسة·
فعلى الدماء الشابة في هذه الجماعات إما إزاحة هؤلاء من خلال الانتخابات الحزبية التي يمارسها كل حزب في داخله في الدول المتقدمة وعدم السماح لتكريس مفهوم الاستبداد بالكرسي تحت أي حجة، وإما سيزيلها المجتمع من الخريطة السياسية وتكون النتيجة أن يكون عدد الجماعات لا يتجاوز أصابع اليد وتتلاشى·
machaki@taleea.com |