كنت عازم العقد على أن أكتب عن زيارتي للبحرين في الأسبوع الماضي، وحضوري لورشة عمل أقيمت هناك حول المجتمع المدني، حيث ساهمت بورقة عن الإرهاصات الأولى للمجتمع المدني في الكويت، إلا أن الهجوم على المنتجعات المصرية في سيناء قد غير قراري· فأحداث سيناء الإرهابية تعني هدماً لما كانت الحكومة المصرية تعمله منذ سنوات وهو الاستفادة من إمكانياتها السياحية وتطويرها بغية أن تكون أحد مصادر الدخل الرئيسية· وبالفعل فقد نجحت مصر في ذلك، ففي الفترة الأخيرة تم بناء مئات الفنادق - من جميع الدرجات - فضلاً عن إحياء مناطق سياحية جديدة في سيناء وعلى شواطئ البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط، ناهيك عن ضفاف النيل والمناطق السياحية التقليدية· ولا شك أن هناك المزيد من المناطق التي يمكن تطويرها، من مناطق للاستجمام إلى مناطق سياحية تعتمد على كنوزها الأثرية، التي تمتلئ بها أرض مصر شمالاً وجنوباً، شرقاً وغرباً·
غير أن عقبة كأداء ظهرت منذ عقد تقريباً، وهذه العقبة وقفت حجر عثرة ولا زالت أمام تطوير السياحة وزيادة أعداد السياح الأجانب الراغبين في زيارة وادي النيل· وحينما نقول أجانب فإننا نعني بهم الأوروبيين والأمريكان واليابانيين وغيرهم من الجنسيات غير العربية، إذ في مصر لا يحسب العربي أجنبياً· نقول: إن عقبة وقفت ولا تزال أمام زيادة عدد هؤلاء، وهذه العقبة هي الأعمال الإرهابية التي وقعت في مصر ضد السياحة في العقد الماضي والتي لا زالت تحدث بين الفينة والأخرى· إذ من الملاحظ طوال العقد الماضي أنه كلما انطلقت السياحة قليلاً، وقعت عملية إرهابية هنا أو هناك، وكأن في الأمر مؤامرة على انتعاش السياحة· ومهما تكن العملية بسيطة وعدد ضحاياها قليلاً، فإن ترديد وسائل الإعلام لها يجعلها ليس بحجمها الحقيقي، الأمر الذي يؤدي إلى عزوف السياح الأجانب عن زيارة مصر· وهذا يفسر لنا أن عدد زوار البحرين ودبي في الأعوام القليلة السابقة كان أكبر ممن زاروا مصر، رغم الفارق في القدرات والإمكانيات السياحية لمصر·
وفي السنتين الأخيرتين، ومع نجاح الحكومة المصرية في وقف العمليات الإرهابية، انتعشت السياحة، وزاد أعداد السياح الأجانب، وأخذت الفنادق - من جميع الدرجات - بالامتلاء، مع العلم أن السياح الأجانب يقصدون مصر في أوقات تختلف عن تلك الأوقات التي يقصدها العرب، مما يخلق استمرارية في وجود السياح وما لذلك من مردود إيجابي على الاقتصاد·
إن الإرهاب قد عرف نقاط الضعف لدى كثير من دولنا التي تحاول أن تقف على أرجلها بشتى الوسائل، والإرهاب ليس له برنامج يناضل من أجله كي يدخل المرء في حوار معه، إذ إن عدم الرضى عن السلطة والاختلاف معها ليس مبرراً للجوء إلى العنف، فهناك قوى سياسية كثيرة تختلف مع السلطة وتناضل نضالاً سلمياً للوصول إلى أهدافها· ثم إن ضحايا الإرهاب هم أولاً وأخيراً أبناء الشعب البسطاء، وهو ما حدث في العمليات الإرهابية الأخيرة، فمعظم ضحاياها كانوا من عاملي الفنادق المصريين!!
وعلى هذا، فلا رخاء وازدهار إلا بالقضاء على الإرهاب واستئصال شأفته·
alyusefi@taleea.com |