"ممنوع من هالسوالف"
عندما يبدأ الكاتب بوضع أفكاره في شكل مقالة فإنه ما يلبث أن يأتيه تحذير من أشخاص مقربين أو من أصدقاء بعدم الخوض في الأفكار التي كان ينوي الكتابة فيها لخطورتها عليه وعلى مستقبله وهذا الإحساس ناتج من أن غالبية المواطنين يعانون من هاجس داخلي يمنحهم الحرية في الحديث بآرائهم ضمن نطاق المجموعات المقربة وليس علنا وهذا الإحساس نابع من الترسبات الذهنية المنتقلة إليهم من القصص التي يسمعونها عن مصير من يخوض في المناطق الممنوعة عرفا وليس قانونا والأمر الأدهى بأن سلسلة القضايا الممنوعة عرفا أكثر بكثير من القضايا الممنوعة قانونا، وعلى سبيل المثال فحرية الرأي في الكويت مكفولة عدا تلك التي تمس الذات الإلهية أو الأميرية أو التعرض للقضاء بالنقد ولكن القضايا الممنوعة من الطرح عرفا كثيرة والأمر المضحك بأنني لا أتمكن حتى من ذكرها لأن ذكرها قد يستدرك من قبل الأطراف المعنية بها بأنها نقد غير مباشرا وقد كانت لي تجارب كثيرة في مقالات سبق لي كتابتها ونشرها سواء في "الطليعة" أو في وسائل أخرى تعرضت على إثرها لتنبيهات غليظة بضرورة الانتباه لما أكتبه، وأصبت مرات كثيرة بالإحباط الشديد وقررت التوقف عن الكتابة لأنني لا أحب أن أكتب وفقا لما تمليه على ضمائر الآخرين فالإنسان حر في ما يقوله من آراء، وأذكر أنني كتبت مقالا في إحدى المرات وتسنى لبعض أصدقائي قراءته قبل نشره فجزعوا وارتبكوا وأصروا علي بسحبه من الجريدة خوفا علي من أن اختفي من الوجود في سرداب أمن الدولة أو مصابا بطلقة على طريق الشاليهات أو قتيلا بين السرة وقرطبة كما حدث مع آخرين في قصص مشهودة·
الخاتمة
"اللي ما عنده ظهر ينطق على بطنه، وامش تحت الساس لا تطيح الطوفة عليك، والباب اللي يجيك منه الريح سده واستريح" كلها أقوال كويتية تثبط يقولون "إن الطق على البطن بداية للطق على الرقبة"·
almelhem@taleea.com |