رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 3 ربيع الآخر 1426هـ - 11 مايو 2005
العدد 1677

مأزق الإصلاح في الكويت!
عامر ذياب التميمي
tameemi@taleea.com

أثبت فشل الحكومة الكويتية في تمرير التعديل على قانون البلدية بما يسمح للمرأة الكويتية ممارسة حقها في الانتخاب والترشيح للمجلس البلدي في الانتخابات المقبلة أن البلاد تعيش مأزقا حادا في محاولاتها لإنجاز مشاريع الإصلاح السياسي· وإذا كانت الحكومة غير قادرة على إقناع عدد قليل من أعضاء مجلس الأمة للتصويت معها من أجل إنجاز هذا الإصلاح فإن ذلك يعني أن المشاريع الأخرى، مثل تعديل قانون الانتخاب لتمكين المرأة من التصويت والترشيح في انتخابات مجلس الأمة، أصبحت بعيدة المنال في ظل الواقع السياسي الراهن·· كيف يمكن، إذا، تطويع هذا الواقع بما يدفع مشاريع الإصلاح الى الأمام؟ لم يعد هناك الكثير من المتفائلين في الكويت خصوصا في المعسكر الديمقراطي التقدمي، وبات الكثير من هؤلاء يعتقد أن الحكومة الحالية عاجزة عن تمرير أي مشروع إصلاحي نهضوي وربما باتت، هذه الحكومة، مشلولة ومستكينة لهذا الواقع المأساوي حيث تهيمن القوى المحافظة وعناصر الإسلام السياسي السلفية على مقدرات الأمور في البلاد·

ومما يثير الشفقة أن هجوما كاسحا شنه عدد من الأعضاء الشعبويين من أجل زيادة رواتب موظفي الدولة وتعديل أنظمة التقاعد المعتمدة من المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية وإسقاط فواتير الكهرباء والماء المتراكمة والتي لم يتم تسديدها من قبل المستهلكين، أو عدد كبير منهم، خلال السنوات والعقود المنصرمة، وتثير هذه المطالب الشعبوية تساؤلات حول إمكانات إنجاز إصلاح سياسي أو اقتصادي في البلاد في ظل هيمنة المفاهيم الريعية والاستحواذ·· ومما لا شك فيه أن الكثير من أعضاء مجلس الأمة وجدوا الحكومة في موقف ضعيف لرد هذه المطالبات في الوقت الذي تحتاج الى أصواتهم لتمرير مشاريع الإصلاح السياسي، ومنها تمكين المرأة من ممارسة حقوقها السياسية· ويعلم هؤلاء الشعبويون أن الحكومة الكويتية تواجه ضغوطا دولية، بحكم علاقاتها مع دول المعسكر الغربي، تطالبها بتعديل النظام الانتخابي ليكون أكثر تمثيلا لفئات الشعب الكويتي، ولذلك فهم يمارسون أقصى درجات الضغط من أجل المقايضة بتحقيق المطالب الشعبوية المشار إليها رغم تكلفتها على الخزينة العامة وتأثيراتها السلبية على برامج الإصلاح الاقتصادي·

ولا بد من الإقرار بأن واقع السلطة التنفيذية ليس مريحا ولا يمكن المراهنة على انسجام حقيقي بين وزراء الحكومة، خصوصا أن التضامن الوزاري بات مفقودا عند التصويت على حقوق المرأة حيث يتحفظ وزير محسوب على التيار الإسلامي على هذه المسألة·· ولذلك فإن الخروج من هذا المأزق ربما يتطلب أفكارا خلاقة، قد لا يكون من الممكن تمرير الإصلاحات السياسية المطلوبة الممثلة بتعديل قانون الانتخاب وتمكين المرأة من ممارسة حقوقها السياسية أو تعديل الدوائر الانتخابية أو غيرها من إصلاحات أساسية في ظل هذا المجلس، مجلس الأمة الذي انتخب في عام 2003، وفي ظل هذا التقييم يصبح ضروريا حل مجلس الأمة دستوريا والدعوة لانتخابات جديدة بعد مرور الفترة المحددة بشهرين كما ينص على ذلك الدستور الكويتي، لكن الحل الدستوري بحد ذاته لن يكون كافيا والمطلوب هو أن يواكب هذا الحل إنجاز تعديلات ديمقراطية تسمح بأن تكون نتائج الانتخابات المقبلة متوافقة مع استحقاقات الإصلاح الديمقراطي·

إذا فإن المطلوب هو أن تؤكد مؤسسة الحكم إيمانها بالديمقراطية وتقوم بمعالجات أساسية تمكن من تجاوز الأخطاء التي ارتكبت خلال السنوات والعقود الماضية والتي عطلت مسيرة الديمقراطية والتقدم في الكويت، يجب بداية تعديل الدوائر الانتخابية والعودة الى نظام الدوائر العشر، أو الدوائر الخمس، بما يسمح بانتخاب أعضاء في مجلس الأمة بناء على خطابهم السياسي وبرامج عملهم وليس على أساس انتماءاتهم القبلية أو الطائفية، كذلك يجب أن يوضع قانون مكافحة الانتخابات الفرعية موضع التطبيق بحيث لا يتم اختيار مرشحين على أساس الانتماءات القبلية أو الطائفية بأي أسلوب مهما كانت حذاقته، وبطبيعة الحال لا بد من إصدار مراسيم ملزمة تسمح للمرأة بالانتخاب والترشيح فورا ودون إبطاء في الانتخابات التي ستجري بعد نهاية فترة الحل الدستوري، كذلك لا بد من صيانة قيود الناخبين من التلاعب ومزاجية المختارين عن طريق اعتماد البطاقة المدنية كأساس لإثبات الهوية في الانتخابات المقبلة، وتمثل الاقتراحات المشار إليها الحد الأدنى المطلوب لإنجاز عملية الإصلاح السياسي، فمن دونها لن تثمر عملية الحل الدستوري وسوف يأتي مجلس مشابه لما هو قائم إن لم يكن أقل حماسا للإصلاح وأشد رجعية·

إن عملية الإصلاح السياسي ضرورية لإنجاز الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد وتطوير الكويت لتلحق بما هو جار في بلدان الخليج وفي العالم الأوسع، وليس بمقدور الحكومة أن تنجز مشاريع القوانين المتعلقة بتطوير نفط الشمال أو الخصخصة الأساسية دون إصلاح المؤسسة التشريعية· لكن كل ذلك يظل غير كاف إذا لم يتم تطوير الحكومة ودعمها بكفاءات سياسية قادرة على مواجهة مسؤولياتها والدفاع عن برامج الإصلاح بمهارة راقية وتكون تلك الكفاءات متمكنة من التصدي للمساءلة بمهنية سياسية واعية للمسؤوليات الدستورية الملقاة على أكتافها، ولا شك أن هذه المقترحات الإصلاحية يجب أن يواكبها تطوير للواقع السياسي في البلاد من خلال تقنين إقامة وتنظيم الأحزاب والمنظمات السياسية بحيث تتحول الكتل والتجمعات القائمة في الوقت الراهن الى منظمات ديمقراطية حقيقية بموجب مواد قانون تعتمد على روح ونصوص الدستور ويمنع التحزب على أسس دينية أو عنصرية، وبحيث تكون برامج هذه التنظيمات متوافقة مع استحقاقات التطوير والإصلاح·

* باحث اقتصادي كويتي

tameemi@taleea.com

�����
   

لا عقل.. ولا طبيعة!:
أحمد حسين
كوني جميلة.. واصمتي:
سعاد المعجل
بعيدا عن السياسة:
محمد بو شهري
لا دستور جديد:
المحامي نايف بدر العتيبي
معاناة شعبية:
مسعود راشد العميري
مأزق الإصلاح في الكويت!:
عامر ذياب التميمي
التراكض صوب أسواق المال:
د. محمد حسين اليوسفي
استراتيجية شارون:
عبدالله عيسى الموسوي
جماعاتنا الإسلامية سبب.. وليست السبب!:
ناصر بدر العيدان
ما أهمية النصح وكيف يمكن إيصاله الى من نحب؟:
د. سعاد الفضلي
العنف:
فيصل أبالخيل
العقود الحكومية تحت المجهر:
عبدالحميد علي
ممارسة مشروعة للتغيير.. ولكن!:
عبدالخالق ملا جمعة