رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 3 ربيع الآخر 1426هـ - 11 مايو 2005
العدد 1677

التراكض صوب أسواق المال
د. محمد حسين اليوسفي
alyusefi@taleea.com

صورة معبرة نشرتها البيان الاقتصادي (11/4) تعكس حالة عامة في مجتمعات الخليج العربي هذه الأيام، والصورة لسوق الأوراق المالية في دبي وقد اكتظ "بالمستثمرين والمستثمرات"، ويندفع الخليجيون: شيباً وشباناً، نساءً ورجالاً، مواطنين ووافدين، نحو تلك الأسواق حتى ضاقت بهم بما رحبت، فمستثمرات سوق أبوظبي وعددهن 19 ألف سيدة أصبحن "يشتكين من ضيق المكان" كما تنقل البيان (14/4)، والمتحمسون هؤلاء لا يقتصر نشاطهم على بيع وشراء أسهم الشركات القائمة، بغية المضاربة في غالب الأحيان، بل يمتد الى الاكتتاب في الشركات الجديدة، التي بات حجم تغطيتها يمثل ظاهرة ملفتة للنظر، خذ على سبيل المثال "شركة آبار للاستثمارات النفطية" التي استقطبت عملية الاكتتاب بها نحو 394 مليار درهم، بتغطية المبلغ المطلوب بنحو 800 مرة "متجاوزة إجمالي الناتج المحلي للدولة بأكمله" والحديث لجريدة الاتحاد (2/5)!!

وهذا التراكض صوب أسواق المال جعل أسعار أسهمها تتضاعف مرات عدة، فمؤشر سوق الكويت لم يكن يتجاوز الثلاثة آلاف نقطة قبل سقوط نظام صدام حسين، وارتفع بعد ذلك ليصل الى أكثر من 8500 نقطة، منها أكثر من 2500 نقطة منذ بداية هذا العام، وبمستويات قريبة، ارتقع مؤشر السوق السعودي إلى أكثر من 11 ألف نقطة، وشهد السوق القطري ارتفاعات حادة أيضا أوصلت المؤشر إلى فوق 9000 نقطة، وأصبحت القيم الرأسمالية لهذه الأسواق مجتمعة قيماً خيالية قدرت بنهاية أبريل بحوالي 818 مليار دولار، لسوق الأسهم السعودية حصة الأسد منها بنسبة تتعدى %54 (القبس 30/4)، وينطبق الشيء ذاته على حجم التداول اليومي الذي كان يترواح قبل أعوام قليلة في سوق الكويت بين 20 إلى 30 مليون دينار، ليقفز هذه الأيام الى ما فوق المئة مليون دينار في اليوم، بل لقد تجاوز هذا الرقم المئتي مليون دينار في اليوم·

وينقسم الناشطون في أسواق المال إلى مستثمرين، عادة ما يملكون أسهم تأسيس الشركات، حيث يحتفظون بها وينتظرون توزيعاتها السنوية، أو من أولئك الذين يغتنمون فرص نزول السوق فيشترون الأسهم بأسعار رخيصة ثم ينتظرون إلى أن تبلغ مستوى من الارتفاع ليجنوا بعد ذلك أرباحا مجزية منها، وهناك المضاربون، في المقابل الذين يتداولون الأسهم بشكل يومي أو شبه يومي مستفيدين من صعود ونزول الأسهم، وغلبة المستثمرين على المضاربين تعطي ثباتا واستقراراً وديمومة للسوق، وتنأى به عن التقلبات الحادة التي تسببها كثرة المضاربين وتسيدهم على النشاط في البورصة· وذلك التوجه يمثل وعيا اجتماعيا بأهمية الاستثمار وجدواه، وبقناعة أن الثروة لا تتشكل إلا بعملية تراكمية طويلة·

وهذا ما لا نلحظه البتة بين أولئك المتسابقين للوصول إلى أسواق المال هذه الأيام فمعظم هؤلاء، وهم من أصحاب الدخول كالموظفين أو الدخول الصغيرة كالمهنيين، يضعون نصب أعينهم الحصول على الثراء بين ليلة وضحاها، والكثير من هؤلاء يزج بكل مدخراته طمعا في مضاعفتها، والبعض منهم يكون قد اقترض من البنك لهذا الغرض، ولا يمكن لوم هؤلاء وهم يرون ويسمعون عن أشخاص كونوا ثروات طائلة من العمل في البورصة في هذا الوقت، ولعل تلك الدراسة المصرفية عن "أصحاب الملايين" في الكويت تدعم ذلك، فقد ازداد عددهم في غضون عامي 2003و 2004 والربع الأول من العام الحالي 2005 بين 16 و 17 ألفا ليبلغ نحو 53 ألف مليونير، يملكون ما لا يقل عن 120 مليار دولار وهم يمثلون %23 من الأثرياء الخليجيين (القبس 2/4) أما رئيس شركة استثمارية بارزة في دبي فقد أكد (كما تشير البيان 13/3) على "أنه رغم أن متوسط قيمة الثروات لدى أثرياء الكويت والسعودية يعد أعلى من المتوسط السائد في الإمارات، إلا أن الدولة تتفوق عدديا على صعيد عدد المليارديرات، حيث تضم أكبر تركيز لعددهم على مستوى الخليج العربي"·

ويبدو أن غالبية المندفعين في الموجة الحالية المتوجهة لأسواق الأوراق المالية لا يقيمون كبير وزن للخسارة، أو أن على أعينهم غشاوة فهم لا يتصورون حدوث هبوط في السوق كما يحدث فيه صعود أيضا، أو بلغة السوق "حركة تصحيحية"!! وحينما حدث هبوط حاد في سوق الدوحة قبل مدة تعالى صراخ المتعاملين به وبالذات من صغار القوم، وألقوا باللائمة على "المستثمرين الخليجيين" الذين انسحبوا من السوق وتركوا أهله يتجرعون مرارة الخسارة!! والواقع أن التعامل بأسواق المال الخليجية أصبح مفتوحا لأبناء مجلس التعاون في دوله المختلفة، وحاولت قطر علاوة على ذلك فتح المجال أمام الوافدين فيها، والأرجح أن كل دول الخليج العربي ستسير على هذا التوجه·

والاندفاع نحو أسواق المال من دون روية وخبرة ودراسة وبالذات لصغار المستثمرين له آثار مدمرة في حال هبوط أسعار الأسهم وحدوث حركات تصحيحية حادة، والأسواق الخليجية قد مرت بهذه التجربة في نهاية العام 1997، ولا بد من التأكيد أن هذه الأسواق قد اكتسبت خبرة من عملها واستفادت من تجاربها ووضعت ضوابط وتحاول ما أمكنها تطبيق معايير الشفافية وإلزام الشركات بالإفصاح عن أرباحها أربع مرات في السنة، وباتباع معايير محاسبية دولية لحساب الربح والخسارة بمعنى آخر، لا خوف على هذه الأسواق الناشئة من "مناخ آخر" كما حدث في الكويت في العام 1982 وما زالت آثاره قائمة في مشكلة المديونيات الصعبة·

إلاأن مثل تلك الضوابط لا تمنع أسواق المال من الهبوط خاصة إذا ما كانت هناك ارتفاعات غير مبررة كالتي نراها في أسواق الأوراق المالية الخليجية، وصيحات التحذير التي يطلقها الخبراء على صفحات الجرائد يبدو أنها لا تلاقى آذاناً صاغية وبالتالي لابد من تدخل الدولة بوسائلها المختلفة وأولاها التوعية "قبل ما يطيح الفاس بالراس"·

alyusefi@taleea.com

�����
   

لا عقل.. ولا طبيعة!:
أحمد حسين
كوني جميلة.. واصمتي:
سعاد المعجل
بعيدا عن السياسة:
محمد بو شهري
لا دستور جديد:
المحامي نايف بدر العتيبي
معاناة شعبية:
مسعود راشد العميري
مأزق الإصلاح في الكويت!:
عامر ذياب التميمي
التراكض صوب أسواق المال:
د. محمد حسين اليوسفي
استراتيجية شارون:
عبدالله عيسى الموسوي
جماعاتنا الإسلامية سبب.. وليست السبب!:
ناصر بدر العيدان
ما أهمية النصح وكيف يمكن إيصاله الى من نحب؟:
د. سعاد الفضلي
العنف:
فيصل أبالخيل
العقود الحكومية تحت المجهر:
عبدالحميد علي
ممارسة مشروعة للتغيير.. ولكن!:
عبدالخالق ملا جمعة