موظفون غاضبون دفعوا الوزير إلى تشكيل لجنة لدراسة تظلمهم من عدم صرف مكافآت أعمال ممتازة ارتأوا أنهم يستحقونها·
حدث ذلك في الأشهر الأخيرة من العام المنصرم عندما عمد وزير الأشغال ووزير الدولة لشؤون الإسكان إلى تشكيل هذه اللجنة وأضاف ضمن اختصاصاتها في لفتة تدرأ توجسات المستقبل "وضع الأسس والمعايير التي تحقق الإنصاف"·
وتشكل بعض بنود الموازنة العامة للدولة فرصة لاستغلالها في المنح والمنع حيث يتمدد بعضها أحيانا ليصبح صرفه مجرد إجراء روتيني واجب سنه مسؤول ما في فترة ما ربما لأسباب موضوعية توافرت في ذلك الحين، ثم جرى العرف بعد ذلك على أن تصرف في التوقيت نفسه من كل عام·
وكنموذج لذلك فإن أربعة بنوذ فقط في الباب الأول من الميزانية العامة للدولة (مثلها ومثلها الكثير) تشكل مثلثا للرعب بالنسبة الى المال العام وهي بنود العلاوات والبدلات التي تتضمن المزايا النقدية المقررة للموظفين ومنها بدلات التمثيل وطبيعة العمل، وبند المنتدبين والمعارين، ثم بند المكافآت الذي يتضمن مكافآت العمل الإضافي والخدمات الممتازة وحضور جلسات اللجان وما شابه، ثم أخيرا بند المزايا العينية من ملابس وأغذية وتذاكر سفر·
وعادة ما ينظم الصرف من هذه البنود لوائح وقرارات قد تستند الى نصوص قانونية إلا أنها في معظمها عندما تخضع للتطبيق العملي تكون بحاجة لمعايير أكثر تفصيلية وضوابط ميدانية وتفعيل أكثر لعمل الأجهزة الرقابية، فمثلا من يضمن ألا يندب موظف إلى جهة عمل تحت غطاء المصلحة العامة بينما واقع الأمر يقول إنه يبحث عن المكان الذي يؤمن له الحضور والانصراف وفقا لمصالحه الخاصة أو مصالح من انتدبه؟ ومن يضمن ألا يدرج اسم موظف في كشوفات العمل الإضافي بينما لا يتواجد حتى في دوامه الرسمي؟ أو أن تصرف مواد غذائية لموظفي "شفتات" على الورق فقط لعدم انتظامهم الفعلي في الدوام؟ وهكذا·
إن واقع الهدر الذي تعاني منه ميزانية الدولة بحاجة إلى حصر للبنود التي تشكل ثغرات سهلة الاختراق ومن ثم وضع معايير مفصلة لصرفها بدءا من أسس اعتماد مبالغ مالية لها وحتى الصرف الفعلي مرورا بتعيين المخول الموثوق لاعتماد صرفها وإجراءات تدقيقها من داخل وخارج كل وزارة معنية·
وبهذا نطلق الخطوات الأولى فقط في رحلة طويلة تستهدف حماية بنود المال العام التي يسهل العبث بها·
a2monem@hotmali.com |