في خضم سعي الكثير من القادة العرب وأصحاب المصالح للسجود على أعتاب الكنيست الإسرائيلي، والتطبيع مع الكيان الصهيوني الذي لم تجف للحظة أيدي جنوده عن دماء العرب عموما والفلسطينيين بصورة خاصة، وفي الوقت الذي يسعى فيه الكثير من المنظرين وأشباه المثقفين بالدعوة من غير كلل أو ملل لنبذ "ثقافة المقاطعة" وبأنها تمثل جهلا وتخلفا في زمن العولمة والحداثة والأسواق العالمية المفتوحة، وإنه لا فائدة من مقاطعة الكيان الصهيوني لأن ما يقدمه من منتجات وصناعات تمثل قمة التكنولوجيا التي نحن بأمس الحاجة إليها ولا يمكننا الاستغناء عنها باستخدام بدائل أقل جودة، أو التبجح بأن اقتصاد الكيان الصهيوني لن يهتز قيد أنملة في حال قيام العرب بمقاطعة المنتجات الصهيونية أو تلك الداعمة لها، في خضم كل هذه الأجواء "الإحباطية" التي يعيشها أبناء أمتنا يبرز أمامنا صرح شامخ، يتقزم أمامه كل دعاة الواقعية المزيفة·
"سيسيل مورزا" عجوز فرنسية تدير فندقا صغيرا في منطقة "فروبانس" يحمل اسم "دولا فاب"، وهذه السيدة لا علاقة لها بالعرب والعروبة لا من بعيد ولا من قريب، ولكن موقفها البسيط، والنابع من إحساس إنساني بحت، هو الذي دعانا لأن نتحدث عنها في زمن الخنوع والمهانة·
فقد ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية منذ أيام أن "إسرائيليين" يقيمان في تلك أبيب رغبا في تمضية إجازة استجمام في فرنسا، فبحث الاثنان عبر الإنترنت عن فندق مناسب ووقع الاختيار على فندق السيدة العجوز وبعد إجراء الحجز الكترونيا، فوجئا برسالة عبر الإنترنت من السيدة صاحبة الفندق، ترفض فيها الحجز، فإنها لا تؤجر غرفا في فندقها لسياح "إسرائيليين"!!·
وقد قالت الصحيفة إنها أجرت اتصالا مع السيدة للاستسفار عن وجهة نظرها فأجابت بالنص: "إن إسرائيل دولة عنصرية كحكومة البيض السابقة، في جنوب أفريقيا، وأنها خطر على السلام العالمي، وتمارس عملية إبادة ضد الفلسطينيين العزل في الضفة الغربية وغزة"، وأضافت أنها ليست الوحيدة التي ترفض استقبال السياح الإسرائيليين، بل إن معظم الفنادق في منطقتها تفعل الشيء ذاته، وأضافت: "إنني أعارض سياسات شارون، وهذه هي الوسيلة الوحيدة التي أستطيع بها الإعراب عن معارضتي"·
آه وألف آه على نشيد "بلاد العرب أوطاني" ولا عزاء لأبناء فلسطين·
abdullah.m@taleea.com |