رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 25 جمادى الأخرى 1425هـ - 11 أغسطس 2004
العدد 1640

المغرب بين شرعيتين
رضي السماك
* ???? ??????

لئن كان ثمة دلالات مهمة لخطبة الجمعة التي ألقاها إمام مسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء قبل نحو أسبوعين، والتي فجرت عاصفة من الجدل لم تهدأ بعد، تراوحت بين الاحتجاجات الشديدة، والتحفظ والتأييد لدى مختلف الأوساط السياسية والثقافية والاجتماعية على صعيد المغرب بأكمله فإن المغزى الأبرز المستفاد من هذه الخطبة وما ورد فيها من أفكار تجنح للغلو الشديد والتزمت هو أنه يعكس بامتياز أزمة ازدواجية الشرعية لدى الدولة العربية شبه العلمانية - إن جاز القول - المتوزعة الولاء والمسايرة بين شرعيتين: الشرعية التقليدية القائمة على الدين أو حتى الانتماء القبلي، والشرعية الدستورية الحديثة القائمة على الأسس والقيم الديمقراطية المعاصرةالتي تأخذ بها الدول والشعوب المتحضرة والمقرة من قبل المجتمع الدولي وهيئاته ومنظماته باعتبار هذه الشرعية هي أرقى ما وصل إليه الفكر البشري حتى الآن من وسيلة لنهوض الشعوب والأمم وصيانة حقوق أبنائها، فكل التجارب التي حاولت الالتفاف على الشرعية الدستورية أو تأجيلها مهما تسترت بمختلف الشرعيات الثورية أو الدينية أثبتت فشلها وبرهنت على معاداتها للتقدم والحرية والمساواة فيما بين أبناء شعوبها، وكل التجارب التي تحاول أن تجمع ما بين الشرعيتين التقليدية والدستورية المعاصرة في آن واحد ما زالت تواجه مأزق هذا الجمع الذي يفرض الحاجة الماسة للانحياز الى الشرعية الدستورية الديمقراطية الكاملة وحدها فقط وذلك لما يفرزه ازدواج الشرعية من كوابح تستغلها قوى التخلف والظلام والدكتاتورية·

ففي الحالة المغربية، كما هي حالات سائر الدول العربية المشابهة للنظام المغربي، فإن الخطيب الذي فجر العاصفة هو إمام مسجد فخم، أنفقت عليه الدولة مبالغ طائلة، ليكون ليس صرحا معماريا إسلاميا فاخرا، بل ليعكس الوجه الإسلامي المستنير السمح المتحضر للشريعة والثقافة الإسلامية، وهو التوجه الذي تأخذ به الدولة وقيادتها السياسية لكن خطبته جاءت تماما معاكسة ومتصادمة مع هذه التوجهات الرسمية رغم ما يحظى به إمام المسجد من رعاية حكومية في شغل هذا المنصب، ورغم أنه هو نفسه يشغل منصب رئيس المجلس العلمي الأعلى الديني بمدينة "كازابلانكا" الصناعية السياحية·

فقد هاجم في خطبته عمل المرأة في الإدارات والمكاتب والمصانع والتعليم واعتبره رذيلة، كما هاجم الاختلاط في مختلف أماكن العمل والتعليم واعتبره "إثما" و"ميوعة"، وطالب برجوع المرأة الى البيت وترك العمل، وهاجم الوسائل والأنشطة الترفيهية والسياحية بما في ذلك حق الاصطياف على السواحل للعائلات والسياح باعتباره ضربا من الفسق والفجور والفساد، ووصف كل مظاهر المهرجانات الفنية والثقافية والموسيقية في المدن كظواهر لا أخلاقية وشاذة·

الأخطر من ذلك أن الخطبة لم تقتصر على مريدي الشيخ في المسجد بل دخلت كل بيت مغربي حيث نقلتها محطات التلفزة والإذاعة الأرضية منها والفضائية وأشاعت شيئا من الخوف في نفس كل سائح عربي ينوي حط رحاله في المغرب هذا الصيف·

كل ذلك والمغرب يواجه فترة صعبة في كيفية مواجهة استئصال ومحاربة أفكار الغلو والتطرف التي اعتبرتها شرائح واسعة من النخبة المثقفة والسياسية بمثابة التربة المناسبة التي تغرس فيها الأفكار والحركات والأنشطة الإرهابية التي تضررت منها المغرب في مايو من العام الماضي، وإن هذه الأفكار على الضد تماما من التوجه الحداثي والديمقراطي للدولة، فضلا عن خطورتها على الصناعة السياحية إحدى أهم ركائز موارد الدخل القومي لبلد هو من أفقر البلدان العربية·

وحتى الآن لا يعرف عما إذا كان ثمة توجه رسمي لاستبدال إمام المسجد أم سيستمر في ملحمته التحريضية ذات الغلو والتزمت دون اكتراث بنتائجها المدمرة داخليا على التنمية والثقافة والوجه العريق للبلاد في الحداثة والديمقراطية·

وفي جميع الأحوال فإن مواجهة مثل هذه المشاكل تتطلب توجها استراتيجيا جريئا نحو تعميق الديمقراطية والعملية الإصلاحية جنبا الى جنب مع تشجيع تنامي الاتجاهات الإسلامية المستنيرة المستقلة وصولا الى الاحتكام للشرعية الدستورية وحدها في الحكم دونما حاجة الى إقحام أو مغازلة للشرعية التقليدية أو الدينية لاسيما وأن الأنظمة العربية التي تعتمد هذه الشرعية جزئيا أم كليا فقدت ثقة شعوبها في التمظهر بها!

�����
   
�������   ������ �����
قضية المرأة البحرينية
الإرهاب وصناعة "المجانين"!
قراءة أولية في الانتخابات العراقية
بئر الحرمان
أقوى دول العالم.. أغباها!
"تسونامي" بين الإغاثة والسياسة
من الأخطاء القاتلة للحركة السياسية البحرينية
اعتذار متأخر جداً!
فرنسا و"المنار"
العرب في ثلاث قوائم عالمية
الفساد الإفريقي والطفرة النفطية
كوبا بين التكيف والانهيار
مغزى فوز "ماثاي" بنوبل للسلام
كم يبدو العالم جميلا بتعدديته الثقافية الإنسانية؟!
القانون الأمريكي بعصمة اليهود!
قدسية العلم الوطني
دروس إغلاق "العروبة" البحريني
حماية المستهلك في البحرين
الزهور والظلام
  Next Page

مقتطفات:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
الحدث الإرهابي:
د·أحمد سامي المنيس
رأي قانوني
ضرورة صدور مرسوم بقانون لحل مشكلة تكوين مجلس إدارة بنك بوبيان الإسلامي:
د. طعمة صعفك الشمري
التطرف·· من أيقظه؟ الأنظمة أم المخابرات الغربية؟:
ناصر يوسف العبدلي
طاغوت··· بامتياز :
نزار حيدر
رجل دين محترم!:
فهد راشد المطيري
الناخب والعملية السياسية:
عويشة القحطاني
الاستبداد الناعم:
عبدالخالق ملا جمعة
الانفتاح الاقتصادي والبنية التحتية:
عامر ذياب التميمي
حكومة اللعبة السياسية:
د. سامي عبدالعزيز المانع
ثمن الحرية:
عبدالله عيسى الموسوي
جدلية الدين والسلطة:
حجرف الذويبي
بمناسبة ذكرى الغزو الغاشم
قراءة في وثائق الدبلوماسية الكويتية:
حميد المالكي
المغرب بين شرعيتين:
رضي السماك