ما الذي يجعل شابا صغيرا يفكر بعقلية انتحارية يقتل من خلالها العشرات من الأبرياء باسم الدين؟ شاب سهل الانسياق وراء الرومانسيات الجهادية يميل الى الخطاب الفنائي الذي يجعل العنف مبررا وسائغا بحجة دينية، شاب يؤمن بمقولة "أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله" لأنه يظن أنه جندي من جنود الله، يعمل على تحقيق كلمة الله على الأرض من خلال الأعمال الإجرامية، وذبح الأبرياء وممارسة التكفير والتمييز والحقد العنصري، فلا يحترم قانوناً ولا يعرف الرحمة ولا الشفقة ولا يعرف القيم الإنسانية ولا يقيم وزنا للتسامح ولقيم الخير، شاب يظن أن الناس سوف يدخلون الى الإسلام أفواجا بالسيارات المفخخة، ومهاجمة باصات السياحة، والاعتداء على مساجد المذاهب الأخرى كما هو الحال في باكستان، والكنائس ودور العبادة كما هو الحال في أندونيسيا وتركيا وتيمور والعراق، هذا الحدث الإرهابي هو نتاج الفكر الديني العنصري الذي يصنف البشرية الى أهل هدى وأهل ضلال، وحزب الله وحزب الشيطان، أنه إفراز طبيعي لسياسة الانغلاق الاجتماعي والكبت الثقافي، وسياسة الحكومة باحتضان نموذج أصولي مغلول يكبل الحريات ويعتدي على حقوق المواطنين، يرفض الانضمام الى ركب العالم المتحضر نحو العولمة، وما يواكبه من تطور حضاري وثقافي، نماذج فكرية منحرفة تحلم بمدينة المتطهرين من الدنيا، تسعى ليلا ونهارا إلى فرض توجهاتها الأصولية الجامدة التي لا يجوز تخطيها بحجة حماية الدين بالرغم من تطويع الكثير منها وفقا لمتغيرات المصلحة الدنيوية، والأمثلة كثيرة على ذلك، ففقهاؤهم الأشاوس شذبوا الفوائد الربوية في القروض الى نظام "المرابحة" الذي يرسخ في نهاية الأمر مبدأ "استغلال حاجة الفرد" الذي نهى عنه الإسلام، والحفلات الغنائية تحولت الى حلال شرعا وفقا لضوابط "شرعية!"، وغيرها من أمثلة "الضحك على الذقون" التي يجير فيها الدين لخدمة مصالحهم المادية، لذلك فإن الحديث عن مسلمات شرعية لا معنى له ما دام الكثير منها من صنع اجتهادات فقهية، وتحكمها مصالح سياسية وحزبية، فالإرهاب هو نتيجة فقهاء حزب التبرير الذي يستخدم الدين بلغة مخادعة وملتوية، يشجع من خلالها عاطفة القتل والسحل ضد الأبرياء استنادا الى مبدأ "إن كلا يبعث على حسب نيته؟"، والحل هو تقويض الفكر الأصولي بالانفتاح على الثقافات الأخرى، وإعطاء المزيد من الحريات الشخصية والعامة، والتأكيد على قيم التسامح في المناهج المدرسية والخطب الدينية· |