التطورات الخطيرة التي تشهدها الساحة العراقية، ولاسيما فيما يتصل بمدى "حاكمية" مجلس "الحكم" الانتقالي في العراق العزيز، تجعلنا نوجه لهذا المجلس، الذي نكن له كل التقدير وليس جله فقط، تساؤلا جوهريا يجعلنا نحس بالقلق الشديد إزاء مدى حاكميته، حاكمية حقيقية، لهذا البلد الجار الشقيق·
ففي ظل ما أوردته الـ"بي بي سي" عن بول بريمر، رئيس الهيئة الأمريكية المحتلة للعراق حاليا، الذي قال "إن القرار الأخير بشأن نشر القوات التركية في الأراضي العراقية هو في يد الإدارة "المدنية" الأمريكية، وليس في يد العراقيين" مع أن العراقيين "هم أصحاب العراق وفقا لإحدى المعلومات الاستخبارية السرية!!"، فإن الـ"بي بي سي" أضافت أن المسؤولين "الأمريكيين" يناقشون هذه المسألة مع مجلس الحكم العراقي، ولكنه وبموجب القانون الدولي، فإن القرار الأخير بشأن قبول نشر القوات التركية في الأراضي العراقية إنما هو في يد "التحالف" الذي تقوده الولايات المتحدة· انتهى·
نحن نعود، إذن، الى المربع رقم واحد، كما يقال، إذ إن السؤال أضحى، وكما كان دائما: هل القوات الدولية الموجودة في العراق اليوم والتي تقاد قيادة أمريكية محضة، هي قوات احتلال أم قوات تحرير؟!
فإذا كان الأمريكيون يبحثون عن مصالح العراقيين حقا، فإنهم بذلك لن يستغلوا حالة الاحتلال للعراق لصالحهم، وهذا يعني أن وجودهم في الأراضي العراقية المحتلة يجب أن تقتصر أهدافه حصريا على مهمة مساعدة العراقيين في مسألة حفظ الأمن في البلاد، وبالكيفية التي يريدها مجلس الحكم الانتقالي نفسه·· إذا لم يكونوا يحتلون العراق لغايات أخرى·· غير معلنة·
د· محمود عثمان، عضو مجلس الحكم الانتقالي في العراق، وفي مقابلة متلفزة أجرتها معه "المنار" صباح الجمعة 10/10/2003 ذكر - بالحرف - أن الأتراك يزعمون بأن هدف "جيشهم" من دخول الأراضي العراقية هو المساهمة في إعمار العراق!! تصوروا!!
نحن كنا "نظن" أن المسؤول عن إعمار قطاعات الكهرباء والماء وغيرها من القطاعات التي تضررت من الحروب المتوالية التي ورط النظام البائد العراق فيها، هم المهندسون والعمالة المدنية·
"حبايبنا" الأمريكان يحركهم خوفهم من ضربات لم يتوقعوها سلفا من "حبايبهم" الصداميين!! هذا مفهوم ولكن العقل يقول لهم، إذا كانوا يحتفظون ببعض بقاياه، فإنهم يجب أن يبحثوا عن "حائط بشري رخيص" أبعد من اللحم التركي قليلا لاعتبارات عراقية بعيدا عن الاعتبارات الأمريكية البحتة، فالعراقيون عموما، عربا وأكرادا، يحق لهم أن يقلقوا من أصل وجود قوات أجنبية "جارة" بالذات على أراضيهم، لأن القوات الجارة وفي بلد مثل العراق لن تتمكن من التخلص من شبهة البحث عن مصالحها هي فلكل جيران العراق أصدقاء وأعداء داخله، ولذلك ينبغي على الأمريكيين "أن يكبروا الجمجمة شويتين"!!
نعتقد أن دواعي القلق العراقي مشروعة، ويفترض أن يتفهمها الجميع، بمن فيهم الأتراك والأمريكان ومجلس الحكم الانتقالي، سواء في هذه القضية الحساسة أم في غيرها، عليه أن يجيب لنفسه أولا، ولكل الدنيا ثانيا، عن سؤال كبير: من الذي يحكم العراق الآن؟
خارج الموضوع
آل الكاظمي الكرام إذن، وكما ذكر الدكتور الفاضل سامي الخالدي، هم الذين يتحملون بعضا من فاتورة تعليم البدون، كنا نظن أن الحكومات هي التي ينبغي عليها أن تتحمل تبعات المشاكل التي تخلقها هي بنفسها، وتبعات "وعودها" التي وعدتها فأخلفتها· وهنا يجب أن يتدخل المنوط بهم "مراقبة" أعمال السلطة "التنفيذية"· التي لا تريد "تنفيذ" قوانين دولة الكويت، ولا حتى تنفيذ وعودها وقراراتها هي·· "استجوبه يا دكتور جوهر"!
drjr@taleea.com |