ربما أختلف مع من يرى أن الاستجواب الأول في هذا المجلس (2003) والذي تم في الأسبوع الماضي لوزير المالية بأنه يعطي دفعة نحو قوة الأداء والتجانس بين أعضائه في أول اختبار له في مواجهة الحكومة، أو أنه يعود لقوة محاور وحيثيات الاستجواب وما تمخضت عنه مرافعة النائب مسلم البراك والتي جمعت كل الأطياف لاتخاذ موقف موحد من طرح الثقة باستثناء (نواب الحركة الدستورية) كل هذا لا يقنع من يتابع سير الاستجوابات في الفصول التشريعية المختلفة، خصوصا عندما نستحضر وقائع استجواب وزير المالية ناصر الروضان في مجلس 1996 كمثال واحد فقط·
سأعود قليلا معك للوراء عزيزي القارئ الى ذلك المجلس، فعندما تقدم النائب سامي المنيس (رحمه الله) والنائبان مشاري العصيمي وأحمد المليفي باستجواب وزير المالية آنذاك السيد ناصر الروضان وعلى الرغم من أن الاستجواب تام الأركان وعميق البيانات ومشدود المحاور، إلا أنه انتهى نهاية درامية وغريبة، فالكل رفع يده مستسلما لرغبة أنصار الحكومة في قفل باب النقاش·
فلو تم التعامل مع ذلك الاستجواب بمبدأ رقابي غير مجتزئ يتحمل مسؤولياته أعضاء ذلك المجلس، لما تعرض النوري وزير المالية الحالي ولا الوزير الأسبق د· الإبراهيم للاستجواب، لأنهما في واقع الأمر استلما بالتبعية التركة الثقيلة من تلك الحقبة، وهذا ليس تبريرا لتقصير الوزير الحالي في أدائه ولا استحسانا لإجاباته غير المقنعة التي أحرجت زملاءه في الحكومة، إنما ماذا كان سيحصل لو أن السادة النواب في ذلك المجلس (96) خرجوا من حساباتهم وتنازلوا عن مناوراتهم في من يدير أجندة ذلك المجلس الذي انتهى بالحل؟ باعتقادي أن ما حصل في تلك الجلسة من عدم حصول السادة النواب المستجوبين على بضعة نواب لطرح الثقة والالتفاف عليه والاكتفاء بالتوصيات وقفل باب النقاش لكان الوضع مختلفا جذريا الآن، ولتعدلت كثير من الأمور المعوجة ولم يتساهل أي وزير بعدها على المال العام، هذه اللمحة الشاردة من التاريخ البرلماني يجب أن لا ننساها أو نتغافل عنها، لأن المجلس الحالي، حتى نحكم عليه، يحتاج الى كثير من الوقت والعمل حتى يتم تقييمه وما علينا إلا الانتظار، فالأيام حبلى بالقضايا الشائكة والتي لا شك سيكون موقف الحكومة منها مختلفا مع موقفها من استجواب الوزير محمود النوري في جلسة الاستجواب الماضية لعلل سيكشفها الاستجواب المقبل·
رشفة أخيرة
نقترح تغيير مسمى وزارة المالية الى مسمى مسلسل محلي قديم بعنوان (درب الزلق) من كثرة ما تعرض وزراء هذه الوزارة للاستجوابات، ويبدو أن "الحبل على الجرار"·
|